معنى قوله تعالى قد جائكم رسولنا يبين لكم كثيرا مما كنتم تخفون من الكتاب ويعفو عن كثير

تحليل وتفسير قوله تعالى: قد جاءكم رسولنا يبين لكم كثيرا مما كنتم تخفون من الكتاب ويعفو عن كثير

تعتبر الآية الكريمة: قد جاءكم رسولنا يبين لكم كثيرا مما كنتم تخفون من الكتاب ويعفو عن كثير (المائدة: 15) من الآيات المحورية في فهم طبيعة الرسالة المحمدية وعلاقتها بالديانات السماوية السابقة، خاصةً اليهودية والنصرانية. هذه الآية تحمل في طياتها معاني عميقة تتعلق بالكشف عن الحقائق، والصفح والتجاوز، والدور الذي اضطلع به النبي محمد صلى الله عليه وسلم في تبيين وتصحيح ما حرف أو أخفي من الحقائق الدينية. هذا المقال يهدف إلى تقديم تحليل مفصل لهذه الآية الكريمة، مع الاعتماد على تفاسير العلماء، مع الإشارة إلى النقاط التي أثيرت في الفيديو المذكور، وذلك لتقديم فهم شامل وواضح لمعانيها الدقيقة.

السياق العام للآية

تأتي هذه الآية ضمن سياق الحديث عن أهل الكتاب، وتحديدًا اليهود والنصارى، وما قاموا به من تحريف وتبديل للكتب السماوية التي أنزلت عليهم. القرآن الكريم يوجه إليهم الخطاب، مذكّرًا إياهم بنعمة الله عليهم بإرسال النبي محمد صلى الله عليه وسلم، الذي جاء ليكشف لهم الحقائق التي كانوا يخفونها أو يجهلونها. السياق هنا يوضح أن الآية ليست مجرد خبر عن الماضي، بل هي دعوة للتأمل والتدبر والعودة إلى الحق.

تفسير مفردات الآية

• قد جاءكم رسولنا: هذه الجملة تؤكد على حقيقة مجيء النبي محمد صلى الله عليه وسلم، وتحمل معنى التوكيد والتأكيد على أهمية هذه الرسالة. كلمة رسولنا تشير إلى أن النبي صلى الله عليه وسلم مرسل من الله تعالى، وأنه يحمل رسالة إلهية يجب الإيمان بها واتباعها.
• يبين لكم كثيرا مما كنتم تخفون من الكتاب: هذه العبارة هي جوهر الآية، وتشير إلى أن أهل الكتاب كانوا يخفون أو يحرفون بعض الحقائق الموجودة في كتبهم، سواء عن قصد أو عن غير قصد. كثيرا هنا لا تعني كل ما في الكتاب، بل جزءًا كبيرًا منه. الإخفاء قد يكون عن طريق التحريف اللفظي، أو التأويل الخاطئ، أو إخفاء بعض النصوص التي تتعارض مع مصالحهم أو أهوائهم.
• ويعفو عن كثير: هذه العبارة تعني أن الله تعالى يتجاوز عن كثير من الأخطاء والذنوب التي ارتكبوها، ولا يحاسبهم عليها في الدنيا. العفو هنا يحمل معنى الرحمة والتيسير، ويشير إلى أن رسالة النبي صلى الله عليه وسلم ليست مجرد توبيخ وعقاب، بل هي دعوة إلى التوبة والمغفرة.

معنى يبين لكم كثيرا مما كنتم تخفون من الكتاب

هذا الجزء من الآية يستحق تركيزًا خاصًا، لأنه يكشف عن طبيعة التحريف الذي مارسه أهل الكتاب. المفسرون يقدمون تفسيرات متعددة لما كانوا يخفونه، ومن بين هذه التفسيرات:

• إخفاء صفات النبي محمد صلى الله عليه وسلم: كان أهل الكتاب يعلمون بصفات النبي صلى الله عليه وسلم المذكورة في كتبهم، ولكنهم كانوا يخفونها عن الناس، خوفًا من فقدان مكانتهم وسلطتهم الدينية. القرآن الكريم فضح هذا الإخفاء، وكشف عن الحقائق التي كانوا يخفونها.
• التحريف اللفظي للمعاني: كانوا يقومون بتغيير معاني النصوص المقدسة لتتوافق مع أهوائهم ومصالحهم. هذا التحريف كان يتم عن طريق التأويل الخاطئ، أو إضافة كلمات جديدة إلى النص الأصلي، أو حذف بعض الكلمات التي لا تعجبهم.
• إخفاء بعض الأحكام الشرعية: كانوا يخفون بعض الأحكام الشرعية التي لا تتفق مع مصالحهم، أو التي يرونها صعبة التطبيق. على سبيل المثال، كانوا يخفون بعض الأحكام المتعلقة بالزنا أو الربا أو القصاص.
• تفسير الآيات وفق أهوائهم: كانوا يفسرون الآيات بطريقة تخدم مصالحهم الشخصية أو السياسية، دون الرجوع إلى المعنى الحقيقي للنص. هذا التفسير الخاطئ كان يؤدي إلى ضلال الناس وإبعادهم عن الحق.

من الأمثلة على ما بينه النبي صلى الله عليه وسلم ما يتعلق بتوحيد الله تعالى، ونفي التجسيم والتشبيه عنه. كما بين صلى الله عليه وسلم حقيقة النبوة، وأنها لا تقتصر على بني إسرائيل، بل هي عامة وشاملة لجميع الأمم. وكشف أيضًا عن بعض الأحكام الشرعية التي كانت مخفية أو محرفة، مثل أحكام الميراث والطلاق والزواج.

معنى ويعفو عن كثير

هذه العبارة تحمل في طياتها معنى الرحمة والتيسير. الله تعالى يعفو عن كثير من الذنوب والخطايا التي ارتكبها أهل الكتاب، ويتجاوز عن أخطائهم وتقصيرهم. هذا العفو ليس مطلقًا، بل هو مشروط بالتوبة والإيمان بالنبي محمد صلى الله عليه وسلم. العفو هنا يشمل:

• العفو عن الذنوب التي ارتكبوها قبل مجيء النبي صلى الله عليه وسلم: الله تعالى يتجاوز عن الذنوب التي ارتكبوها في الماضي، إذا آمنوا بالنبي صلى الله عليه وسلم واتبعوا شريعته.
• العفو عن بعض الأخطاء التي يرتكبونها عن غير قصد: الله تعالى يغفر لهم بعض الأخطاء التي يرتكبونها عن غير قصد، أو نتيجة للجهل أو النسيان.
• التخفيف عنهم في بعض الأحكام الشرعية: الله تعالى يخفف عنهم بعض الأحكام الشرعية التي كانت مفروضة عليهم في السابق، ويجعل الشريعة الإسلامية أكثر يسرًا وسهولة.

العفو هنا ليس مجرد صفح عن الماضي، بل هو دعوة إلى المستقبل. الله تعالى يدعوهم إلى التوبة والعودة إلى الحق، ويعدهم بالمغفرة والرحمة إذا استجابوا لهذه الدعوة.

صلة الآية بمضمون الفيديو المذكور

الفيديو الذي يحمل عنوان معنى قوله تعالى قد جاءكم رسولنا يبين لكم كثيرا مما كنتم تخفون من الكتاب ويعفو عن كثير (https://www.youtube.com/watch?v=FWh2bFGKoLc) يتناول على الأرجح، بالتحليل والتفسير، المعاني التي ذكرناها آنفاً. من المتوقع أن يركز الفيديو على:

• توضيح السياق التاريخي للآية: شرح الظروف التي نزلت فيها الآية، والعلاقة بين النبي صلى الله عليه وسلم وأهل الكتاب في ذلك الوقت.
• تفصيل أنواع التحريف التي مارسها أهل الكتاب: تقديم أمثلة محددة على التحريف الذي قام به اليهود والنصارى، وكيف كشفه القرآن الكريم.
• شرح أسباب إخفاء الحقائق: تحليل الدوافع التي دفعت أهل الكتاب إلى إخفاء الحقائق، سواء كانت دوافع دينية أو سياسية أو اقتصادية.
• تأكيد عالمية الرسالة الإسلامية: إبراز أن رسالة النبي محمد صلى الله عليه وسلم ليست موجهة إلى فئة معينة من الناس، بل هي رسالة عالمية شاملة لجميع الأمم.
• توضيح مفهوم العفو في الإسلام: شرح أن العفو هو جزء أساسي من الشريعة الإسلامية، وأنه يشمل العفو عن الذنوب والخطايا، والتخفيف عن الناس في الأحكام الشرعية.

بالإضافة إلى ذلك، من المرجح أن يتناول الفيديو بعض القضايا المعاصرة المتعلقة بالآية، مثل:

• علاقة الإسلام بالديانات الأخرى: كيف ينظر الإسلام إلى الديانات الأخرى، وما هي الأسس التي تقوم عليها هذه العلاقة.
• الحوار بين الأديان: أهمية الحوار بين الأديان في تعزيز التفاهم والتعايش السلمي بين الشعوب.
• مواجهة التطرف الديني: كيف يمكن استخدام الآيات القرآنية في مواجهة التطرف الديني، وتعزيز قيم التسامح والاعتدال.

الخلاصة

آية قد جاءكم رسولنا يبين لكم كثيرا مما كنتم تخفون من الكتاب ويعفو عن كثير تحمل في طياتها دروسًا وعبرًا عظيمة. فهي تذكرنا بنعمة الله علينا بإرسال النبي محمد صلى الله عليه وسلم، وتحذرنا من التحريف والتبديل في الدين، وتدعونا إلى التوبة والعودة إلى الحق. كما أنها تؤكد على أهمية التسامح والعفو، وعلى أن الإسلام دين يسر وسهولة. تدبر هذه الآية وتفهم معانيها يمكن أن يساعدنا في فهم طبيعة الرسالة المحمدية وعلاقتها بالديانات السماوية الأخرى، وفي بناء علاقات طيبة مع أتباع الديانات الأخرى، وفي مواجهة التطرف الديني وتعزيز قيم التسامح والاعتدال.

إن فهم هذه الآية الكريمة، كما هو متوقع في الفيديو المذكور، يساعد على تعزيز الوعي الديني الصحيح، ويساهم في بناء مجتمع متسامح ومتعايش، يؤمن بالحق ويتبعه، ويرفض الباطل وينبذه.