إنما امرنا لشئ إذا أردتاه ان نقول له كن فيكون
إنما أمرنا لشيء إذا أردناه أن نقول له كن فيكون: نظرة في القدرة الإلهية المطلقة
الآية الكريمة إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون (يس: 82) تمثل جوهر القدرة الإلهية المطلقة، وتختزل في كلماتها القليلة عظمة الخالق وإبداعه اللامحدود. هذا المقطع القرآني، الذي تم تناوله في الفيديو المرفق (https://www.youtube.com/watch?v=AdjZSYnYfP0)، يثير في النفس تأملات عميقة حول طبيعة الوجود، والعلاقة بين الخالق والمخلوق، ومعنى الإرادة الإلهية وتجلياتها في الكون.
دلالات الآية وأبعادها
الآية الكريمة تحمل في طياتها دلالات متعددة الأبعاد، يمكن تلخيصها فيما يلي:
- القدرة المطلقة: تؤكد الآية على قدرة الله سبحانه وتعالى المطلقة على خلق أي شيء يريده، دون الحاجة إلى أسباب أو وسائط. فالأمر الإلهي نافذ، والإرادة الإلهية قادرة على تحويل العدم إلى وجود، والمستحيل إلى ممكن.
- السرعة والإيجاز: تعبر الآية عن سرعة تحقق الإرادة الإلهية، فبمجرد أن يريد الله شيئاً، فإنه يتحقق على الفور، دون تأخير أو تردد. فكلمة كن هي أمر إلهي قاطع، لا يقبل النقض أو التأخير.
- البساطة والإعجاز: على الرغم من عظمة الأمر الإلهي، إلا أنه يتم التعبير عنه بكلمة واحدة بسيطة هي كن. هذه البساطة في التعبير تحمل في طياتها إعجازاً لغوياً وبلاغياً، وتدل على عظمة الخالق وقدرته على تحقيق المستحيل بأقل جهد وأقصر طريق.
- الشاهد على الوحدانية: الآية تعتبر دليلاً قاطعاً على وحدانية الله سبحانه وتعالى، واستحقاقه للعبادة وحده. فالذي يملك هذه القدرة المطلقة، ويخلق الكون من العدم، هو وحده المستحق للعبادة والطاعة، ولا شريك له في ذلك.
تفسيرات العلماء والمفسرين
تناول العلماء والمفسرون هذه الآية الكريمة بالشرح والتفسير، وأفاضوا في بيان معانيها ودلالاتها. من بين أبرز هذه التفسيرات:
- تفسير الطبري: يرى الإمام الطبري أن الآية تدل على أن الله سبحانه وتعالى يخلق ما يشاء بقدرته، فإذا أراد شيئاً قال له كن فيكون، أي يوجد.
- تفسير القرطبي: يوضح القرطبي أن الآية تبين أن خلق الله للأشياء ليس فيه كلفة أو مشقة، بل هو سهل يسير. فالأمر الإلهي نافذ، والإرادة الإلهية قادرة على تحقيق أي شيء.
- تفسير ابن كثير: يؤكد ابن كثير أن الآية تدل على أن الله سبحانه وتعالى هو الخالق الرازق المحيي المميت، وهو القادر على كل شيء، ولا يعجزه شيء في الأرض ولا في السماء.
وقد أجمع المفسرون على أن الآية الكريمة تدل على عظمة الله سبحانه وتعالى وقدرته المطلقة، وأنها تعتبر دليلاً قاطعاً على وحدانيته واستحقاقه للعبادة وحده.
تأملات في الكون والخلق
الآية الكريمة تدعونا إلى التأمل في الكون والخلق، وإلى التفكر في عظمة الخالق وإبداعه اللامحدود. فكل ما نراه من عجائب الكون، من النجوم والكواكب والمجرات، ومن التنوع الهائل في الكائنات الحية، هو دليل على قدرة الله سبحانه وتعالى، وتجسيد لإرادته المطلقة.
فالكون كله يخضع لأمر الله، ويسير وفق إرادته، ولا يخرج عن نطاق قدرته. فالله هو الذي خلق الكون من العدم، وهو الذي يسيره ويحافظ عليه، وهو الذي يرزق جميع الكائنات الحية. ولا يمكن لأي شيء في الكون أن يوجد أو يتحرك أو يتغير إلا بإذن الله وقدرته.
وعندما نتأمل في خلق الإنسان، ندرك عظمة الخالق وإبداعه اللامحدود. فالإنسان هو أعقد وأعظم مخلوقات الله، وقد خلقه الله في أحسن تقويم، وأعطاه العقل والإرادة والقدرة على الاختيار. فالإنسان هو خليفة الله في الأرض، وهو مسؤول عن عمارة الأرض ونشر الخير والعدل والسلام.
آثار الإيمان بالقدرة الإلهية
الإيمان بالقدرة الإلهية المطلقة له آثار إيجابية على حياة الإنسان، منها:
- الطمأنينة والسكينة: عندما يؤمن الإنسان بأن الله هو القادر على كل شيء، وأنه لا يعجزه شيء في الأرض ولا في السماء، فإنه يشعر بالطمأنينة والسكينة، ويتخلص من الخوف والقلق.
- الثقة بالله والتوكل عليه: عندما يؤمن الإنسان بأن الله هو الذي يرزقه ويحميه، فإنه يثق بالله ويتوكل عليه في جميع أموره، ولا يعتمد على نفسه أو على غيره.
- الصبر والاحتساب: عندما يتعرض الإنسان للمصائب والابتلاءات، فإنه يصبر ويحتسب الأجر عند الله، ويعلم أن الله هو الذي قدر له ذلك، وأنه لا يضيع أجر المحسنين.
- العمل والاجتهاد: الإيمان بالقدرة الإلهية لا يعني التواكل والكسل، بل يعني العمل والاجتهاد، والسعي في طلب الرزق، والقيام بالأعمال الصالحة، مع الاعتماد على الله والتوكل عليه.
- التواضع وعدم الغرور: عندما يعلم الإنسان أن كل ما يملكه من نعم هو من فضل الله، فإنه يتواضع ولا يغتر بنفسه أو بقدراته، ويسعى إلى شكر الله على نعمه.
خلاصة
الآية الكريمة إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون تمثل جوهر القدرة الإلهية المطلقة، وتختزل في كلماتها القليلة عظمة الخالق وإبداعه اللامحدود. هذه الآية تدعونا إلى التأمل في الكون والخلق، وإلى التفكر في عظمة الخالق وإبداعه اللامحدود، وإلى الإيمان بقدرته المطلقة، والتوكل عليه في جميع أمورنا، والعمل والاجتهاد، والسعي في طلب الرزق، والقيام بالأعمال الصالحة.
نسأل الله أن يجعلنا من الذين يتدبرون القرآن، ويعملون بما فيه، وأن يرزقنا الإيمان الكامل به، وأن يجعلنا من عباده المخلصين.
مقالات مرتبطة
Youtube
مدة القراءة
Youtube
مدة القراءة
Youtube
مدة القراءة
Youtube
مدة القراءة
Youtube
مدة القراءة
Youtube
مدة القراءة
Youtube
مدة القراءة
Youtube
مدة القراءة
Youtube
مدة القراءة
Youtube
مدة القراءة
Youtube
مدة القراءة