معنى قوله تعالى الذين أتيناهم الكتاب يعرفونه كما يعرفون أبنائهم

تحليل لقوله تعالى: الذين أتيناهم الكتاب يعرفونه كما يعرفون أبنائهم

تعتبر الآية الكريمة الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمُ (البقرة: 146، الأنعام: 20) من الآيات التي أثارت نقاشًا واسعًا بين المفسرين والعلماء على مر العصور. تتناول هذه الآية موقف أهل الكتاب من النبي محمد صلى الله عليه وسلم ورسالته، وكيف أنهم كانوا على علم مسبق بظهوره ومواصفاته، تمامًا كما يعرفون أبناءهم. يستعرض هذا المقال تحليلًا لهذه الآية، مستندًا إلى تفسيرات متنوعة وربطًا بمضمون فيديو اليوتيوب المعنون بـ معنى قوله تعالى الذين أتيناهم الكتاب يعرفونه كما يعرفون أبنائهم (رابط الفيديو: https://www.youtube.com/watch?v=dEZbW0foimU)، بهدف تقديم فهم شامل ومستنير لمعناها.

السياق القرآني للآية

وردت هذه الآية في سورتي البقرة والأنعام، وكلاهما في سياق الحديث عن أهل الكتاب (اليهود والنصارى) وموقفهم من النبي محمد صلى الله عليه وسلم. في سورة البقرة، تأتي الآية بعد الحديث عن تحويل القبلة من بيت المقدس إلى الكعبة المشرفة، وتشكيك اليهود في هذا التحويل. بينما في سورة الأنعام، تأتي في سياق الحديث عن موقف المشركين من النبي صلى الله عليه وسلم وإنكارهم للحق رغم وضوحه.

السياق العام للآية يشير إلى أن أهل الكتاب كانوا على علم بصدق النبي محمد صلى الله عليه وسلم، وأنهم كانوا يعرفون صفاته وعلاماته المذكورة في كتبهم، ولكنهم مع ذلك جحدوا رسالته وأنكروها، إما حسدًا أو اتباعًا لأهوائهم ومصالحهم.

تفسير قوله يعرفونه كما يعرفون أبناءهم

يكمن لبّ الآية في التشبيه البليغ كما يعرفون أبناءهم. وقد اختلف المفسرون في تحديد وجه الشبه والمراد بالمعرفة هنا، ويمكن تلخيص أبرز هذه التفسيرات فيما يلي:

• المعرفة اليقينية: يرى كثير من المفسرين أن المعرفة المقصودة هنا هي المعرفة اليقينية التي لا يشوبها شك أو تردد. فالإنسان عادةً يعرف ابنه معرفة يقينية، لا يختلط عليه بغيره ولا يشك في نسبه إليه. كذلك كان أهل الكتاب يعرفون النبي صلى الله عليه وسلم معرفة يقينية، مستندة إلى ما ورد في كتبهم من أوصاف وعلامات.
• المعرفة التفصيلية: ذهب بعض المفسرين إلى أن المعرفة المقصودة هي المعرفة التفصيلية التي تشمل الصفات الشكلية والخلقية والأخلاقية. فالإنسان يعرف ابنه بكل تفاصيله، وكذلك كان أهل الكتاب يعرفون النبي صلى الله عليه وسلم بكل تفاصيله المذكورة في كتبهم.
• المعرفة الظاهرة: يرى فريق آخر أن المعرفة المقصودة هي المعرفة الظاهرة التي لا تحتاج إلى استدلال أو برهان. فالإنسان يعرف ابنه بمجرد رؤيته، وكذلك كان أهل الكتاب يعرفون النبي صلى الله عليه وسلم بمجرد رؤية علامات النبوة فيه.
• تأكيد الخبر: يرى بعضهم أن التشبيه هنا ليس بالضرورة لتأكيد المعرفة، بل لتأكيد الخبر الوارد في كتبهم عن النبي صلى الله عليه وسلم. أي أنهم كانوا متأكدين من صحة الخبر الوارد في كتبهم عن ظهور النبي صلى الله عليه وسلم، تمامًا كما يتأكدون من نسب أبنائهم إليهم.

من المهم الإشارة إلى أن هذه التفسيرات ليست متعارضة بالضرورة، بل يمكن أن تكون متكاملة. فالمعرفة اليقينية تستلزم المعرفة التفصيلية والظاهرة، وتؤدي إلى التأكد من صحة الخبر الوارد في الكتب.

دلالات الآية وأبعادها

تحمل الآية الكريمة دلالات وأبعادًا متعددة، يمكن تلخيص أبرزها فيما يلي:

• إقامة الحجة على أهل الكتاب: تعتبر الآية حجة دامغة على أهل الكتاب، إذ إنهم كانوا على علم بصدق النبي محمد صلى الله عليه وسلم ورسالته، ومع ذلك جحدوها وأنكروها. وهذا يدل على تعمدهم الكفر واتباع أهوائهم.
• تأكيد نبوة النبي محمد صلى الله عليه وسلم: تشير الآية إلى أن النبي محمد صلى الله عليه وسلم هو النبي الموعود به في الكتب السابقة، وأن صفاته وعلاماته كانت معروفة لأهل الكتاب. وهذا يؤكد نبوته وصدق رسالته.
• التحذير من التعصب والتحيز: تحذر الآية من التعصب والتحيز الذي قد يؤدي إلى إنكار الحق ورده، حتى لو كان واضحًا وجليًا. فالتعصب والتحيز أعمى بصيرة أهل الكتاب، فجعلهم ينكرون الحق رغم علمهم به.
• أهمية العلم والمعرفة: تبرز الآية أهمية العلم والمعرفة في إدراك الحق والتمييز بينه وبين الباطل. فالعلم والمعرفة هما السبيل إلى الهداية والاستقامة، وهما السلاح الذي يواجه به الإنسان الجهل والضلال.

ربط الآية بمضمون الفيديو

من خلال مشاهدة الفيديو المعنون بـ معنى قوله تعالى الذين أتيناهم الكتاب يعرفونه كما يعرفون أبنائهم (رابط الفيديو: https://www.youtube.com/watch?v=dEZbW0foimU)، يمكننا استخلاص نقاط مهمة تساعد في فهم الآية بشكل أعمق. على سبيل المثال، قد يتطرق الفيديو إلى:

• عرض أقوال المفسرين المختلفة في تفسير الآية: قد يقدم الفيديو عرضًا لأقوال المفسرين المختلفة في تفسير الآية، مع تحليل هذه الأقوال ومناقشتها.
• استعراض الأدلة والشواهد من الكتب السابقة: قد يستعرض الفيديو بعض الأدلة والشواهد من الكتب السابقة (التوراة والإنجيل) التي تشير إلى ظهور النبي محمد صلى الله عليه وسلم وصفاته.
• توضيح الأسباب التي دفعت أهل الكتاب إلى إنكار النبي صلى الله عليه وسلم: قد يوضح الفيديو الأسباب التي دفعت أهل الكتاب إلى إنكار النبي صلى الله عليه وسلم، مثل الحسد والخوف على مصالحهم.
• تقديم أمثلة واقعية على معرفة أهل الكتاب بالنبي صلى الله عليه وسلم: قد يقدم الفيديو أمثلة واقعية على معرفة أهل الكتاب بالنبي صلى الله عليه وسلم، مثل قصة إسلام عبد الله بن سلام وغيره.

بالاستماع إلى الفيديو وتحليل محتواه، يمكننا أن نصل إلى فهم أعمق وأشمل للآية الكريمة، وأن نستخلص منها الدروس والعبر التي تفيدنا في حياتنا.

خلاصة

في الختام، فإن الآية الكريمة الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمُ تحمل في طياتها معاني ودلالات عظيمة. فهي تشير إلى أن أهل الكتاب كانوا على علم بصدق النبي محمد صلى الله عليه وسلم ورسالته، وأنهم كانوا يعرفون صفاته وعلاماته المذكورة في كتبهم، ولكنهم مع ذلك جحدوا رسالته وأنكروها. تعتبر هذه الآية حجة دامغة على أهل الكتاب، وتأكيدًا لنبوة النبي محمد صلى الله عليه وسلم، وتحذيرًا من التعصب والتحيز. من خلال فهم هذه الآية وتحليلها، يمكننا أن نصل إلى فهم أعمق وأشمل للقرآن الكريم، وأن نستخلص منه الدروس والعبر التي تفيدنا في حياتنا.