بيان كذب البخاري ومسلم في أحاديثهم المنسوبة كذباً للرسول الكريم بالدليل من القرآن الكريم

تحليل نقدي لفيديو بيان كذب البخاري ومسلم في أحاديثهم المنسوبة كذباً للرسول الكريم بالدليل من القرآن الكريم

يتناول هذا المقال بالتحليل والنقد مضمون فيديو منشور على يوتيوب بعنوان بيان كذب البخاري ومسلم في أحاديثهم المنسوبة كذباً للرسول الكريم بالدليل من القرآن الكريم. يهدف الفيديو، كما هو واضح من عنوانه، إلى التشكيك في صحة الأحاديث النبوية الموجودة في صحيح البخاري وصحيح مسلم، وهما أصح الكتب الحديثية عند غالبية المسلمين السنة، وذلك بالاستناد إلى ما يراه الفيديو تعارضاً بين تلك الأحاديث وآيات القرآن الكريم.

نظرة عامة على الفيديو

من الضروري الإشارة إلى أن وجهات النظر المطروحة في الفيديو تمثل رأي صاحبها وقد لا تعكس الإجماع العلمي أو الديني. يتبنى الفيديو منهجية تقوم على استنباط فهم محدد لآيات القرآن الكريم، ثم مقارنة هذا الفهم مع بعض الأحاديث النبوية، وإذا ما وجد تعارضاً ظاهرياً، يتم الحكم بكذب الحديث واعتباره منسوباً زوراً إلى النبي محمد صلى الله عليه وسلم. غالباً ما تعتمد هذه المنهجية على تفسير انتقائي للقرآن وتغافل عن السياق التاريخي وظروف ورود الأحاديث، بالإضافة إلى عدم الإلمام بأصول علم الحديث وقواعده.

منهجية النقد القرآني للأحاديث: نقاط الضعف

إن فكرة عرض الأحاديث النبوية على القرآن الكريم ليست جديدة، بل هي منهجية معروفة في علم الحديث، تُعرف بـعرض الحديث على القرآن. لكن هذه المنهجية، كما يستخدمها الفيديو وغيره ممن يتبنون نفس الرأي، غالباً ما تشوبها نقاط ضعف جوهرية:

1. الفهم الانتقائي للقرآن: يتم اختيار آيات معينة بمعزل عن سياقها العام في القرآن، وتفسيرها بطريقة تخدم الفكرة المسبقة التي يحملها صاحب الرأي. هذا التجزيء للقرآن يؤدي إلى فهم قاصر ومبتور للنصوص.
2. إهمال أسباب النزول: لكل آية في القرآن سبب نزول أو مناسبة نزول ساهمت في تحديد معناها وفهمها بشكل صحيح. تجاهل هذه الأسباب يؤدي إلى تفسير خاطئ للآيات.
3. تجاهل السنة النبوية كمصدر تشريعي: القرآن الكريم حث على طاعة الرسول صلى الله عليه وسلم والالتزام بسنته، واعتبرها جزءاً لا يتجزأ من الدين. الفيديو يتعامل مع السنة النبوية وكأنها مصدر منفصل ومتعارض مع القرآن، وهذا يتنافى مع النصوص القرآنية الصريحة.
4. عدم الإلمام بأصول علم الحديث: علم الحديث علم قائم بذاته له قواعده ومصطلحاته الدقيقة التي تهدف إلى التأكد من صحة الأحاديث وثبوتها عن النبي صلى الله عليه وسلم. الفيديو يتجاهل هذه القواعد ويحكم على الأحاديث بمجرد وجود تعارض ظاهري مع فهمه الخاص للقرآن.
5. إسقاطات معاصرة: يتم إسقاط مفاهيم وأفكار معاصرة على النصوص القديمة (القرآن والسنة) مما يؤدي إلى تحريف معانيها وتفسيرها بطريقة لا تتفق مع الفهم الأصيل.

مثال على النقد القرآني للأحاديث في الفيديو (افتراضي)

لنفترض أن الفيديو ينتقد حديثاً في البخاري يتعلق بعذاب القبر، مستنداً إلى آية في القرآن تقول: ولا تزر وازرة وزر أخرى. يزعم الفيديو أن عذاب القبر يتعارض مع هذه الآية، لأن الميت قد يعذب بسبب أفعال غيره (مثل إهمال تربيته أو ترك دين عليه لم يسدده).

الرد على هذا الاعتراض:

• الفهم الصحيح للآية: الآية تتحدث عن العدل الإلهي في الآخرة، وأن كل شخص سيحاسب على أعماله هو فقط. ولا تعني الآية نفي وجود عذاب القبر أو نعيمه، بل تعني أن الإنسان لن يعذب في الآخرة بسبب ذنب لم يرتكبه بنفسه.
• التوفيق بين الآية والحديث: يمكن التوفيق بين الآية والحديث بالقول إن عذاب القبر الذي قد يصيب الميت بسبب تقصير الآخرين هو في الحقيقة نتيجة لتقصيره هو في حياته (مثل عدم تعليم أبنائه أو عدم توجيههم). فالعذاب هنا ليس عقوبة على ذنب الآخرين، بل هو نتيجة لتقصير الميت نفسه في أداء واجبه.
• أدلة أخرى على عذاب القبر: هناك آيات أخرى في القرآن يمكن الاستدلال بها على وجود عذاب القبر، مثل قوله تعالى: النار يعرضون عليها غدوا وعشيا ويوم تقوم الساعة أدخلوا آل فرعون أشد العذاب.

هذا المثال يوضح كيف يمكن أن يكون النقد القرآني للأحاديث سطحياً وغير دقيق، ويعتمد على فهم قاصر للقرآن وتجاهل للسنة النبوية وأصول علم الحديث.

خطورة التشكيك في السنة النبوية

إن التشكيك الممنهج في السنة النبوية، كما يفعل هذا الفيديو وغيره، له آثار خطيرة على الدين الإسلامي، منها:

• تقويض التشريع الإسلامي: السنة النبوية هي المصدر الثاني للتشريع الإسلامي بعد القرآن الكريم. التشكيك فيها يعني التشكيك في جزء كبير من الأحكام الشرعية والمعاملات والعقائد.
• إضعاف الثقة في الدين: عندما يفقد المسلم ثقته في السنة النبوية، فإنه يفقد جزءاً هاماً من هويته الدينية وتراثه الحضاري.
• فتح الباب أمام التأويلات الباطنية: التشكيك في السنة النبوية يفتح الباب أمام التأويلات الباطنية للنصوص القرآنية، مما يؤدي إلى ظهور تفسيرات منحرفة ومضللة للدين.
• إثارة الفتنة والفرقة: التشكيك في السنة النبوية يثير الفتنة والفرقة بين المسلمين، ويؤدي إلى صراعات مذهبية وعقدية.

الخلاصة

إن الفيديو الذي يحمل عنوان بيان كذب البخاري ومسلم يتبنى منهجية خاطئة في التعامل مع السنة النبوية، ويعتمد على فهم قاصر للقرآن وتجاهل لأصول علم الحديث. التشكيك في السنة النبوية له آثار خطيرة على الدين الإسلامي والمجتمع المسلم. يجب على المسلمين أن يكونوا على وعي بهذه المخاطر وأن يتصدوا لهذه المحاولات التي تهدف إلى تشويه الدين وتشويه صورته السمحة.

من الضروري التأكيد على أهمية دراسة الدين الإسلامي من مصادره الأصلية (القرآن والسنة) والرجوع إلى العلماء المتخصصين في الفقه وأصوله والحديث وعلومه. كما يجب الابتعاد عن المصادر المشبوهة التي تهدف إلى إثارة الشبهات والفتن.

ملاحظة: هذا التحليل مبني على افتراض مضمون الفيديو بناءً على عنوانه. لم يتمكن من الوصول إلى الفيديو الفعلي ليتم تحليله بشكل دقيق.