ما هو الشرك بالله ومعنى قوله تعالى ولا يأمركم أن تتخذوا الملائكة والنبين أربابا

تحليل فيديو: ما هو الشرك بالله ومعنى قوله تعالى ولا يأمركم أن تتخذوا الملائكة والنبيين أربابا

يتناول هذا المقال تحليلًا معمقًا لموضوع الشرك بالله، مستندًا إلى ما ورد في فيديو اليوتيوب المعنون بـ ما هو الشرك بالله ومعنى قوله تعالى ولا يأمركم أن تتخذوا الملائكة والنبيين أربابا والمتاح على الرابط: https://www.youtube.com/watch?v=Zmn6iI4n5FY. يهدف المقال إلى فهم أبعاد الشرك المختلفة، وتوضيح المعنى الدقيق للآية القرآنية المذكورة، وكيفية تجنب الوقوع في هذا المحظور العظيم.

مفهوم الشرك: نظرة عامة

الشرك هو أعظم ذنب يمكن أن يرتكبه الإنسان في حق خالقه، وهو مناقض جوهري لجوهر التوحيد. يعني الشرك لغةً المشاركة، واصطلاحًا هو أن يجعل الإنسان لله شريكًا في ألوهيته أو ربوبيته أو أسمائه وصفاته. بعبارة أخرى، هو أن يصرف العبد شيئًا من أنواع العبادة لغير الله تعالى، أو أن يعتقد أن هناك من يستحق أن يُعبد مع الله، أو أن يعتقد أن لغير الله صفاتًا خاصة بالله عز وجل. وخطورة الشرك تكمن في أنه يُخرج صاحبه من ملة الإسلام ويُخلّده في النار إذا مات عليه ولم يتب منه. يقول الله تعالى في كتابه الكريم: إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَٰلِكَ لِمَن يَشَاءُ ۚ وَمَن يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَىٰ إِثْمًا عَظِيمًا (النساء: 48).

أنواع الشرك

يمكن تقسيم الشرك إلى نوعين رئيسيين: الشرك الأكبر والشرك الأصغر. لكل نوع منهما مظاهر وأحكام تختلف عن الآخر:

الشرك الأكبر:

وهو الشرك الذي يُخرج صاحبه من الملة ويُخلّده في النار، ويشمل ما يلي:

• شرك الدعاء: وهو أن يدعو الإنسان غير الله تعالى لقضاء حاجته أو تفريج كربه، معتقدًا أن هذا الغير قادر على ذلك بذاته، أو أنه وسيط بينه وبين الله.
• شرك المحبة: وهو أن يحب الإنسان غير الله تعالى محبة تضاهي محبة الله، أو أن يقدم محبة غير الله على محبة الله.
• شرك الخوف: وهو أن يخاف الإنسان من غير الله تعالى خوفًا سرّيًا لا يقدر عليه إلا الله، كأن يخاف من ميت أو جن أن يصيبه بضر.
• شرك الرجاء: وهو أن يرجو الإنسان غير الله تعالى رجاءً لا يكون إلا لله، كأن يرجو من ميت أن يرزقه أو يشفيه.
• شرك الإنابة: وهو أن ينيب الإنسان إلى غير الله تعالى في الأمور التي لا ينيب فيها إلا إلى الله، كأن ينيب إلى ولي أو شيخ في قضاء حوائجه وتيسير أموره.
• شرك الطاعة: وهو أن يطيع الإنسان غير الله تعالى في تحليل ما حرم الله أو تحريم ما أحل الله، معتقدًا أن هذا الغير له الحق في ذلك.
• شرك التشريع: وهو أن يعتقد الإنسان أن لغير الله الحق في التشريع، كأن يعتقد أن قوانين البشر يمكن أن تُفضل على شريعة الله.

الشرك الأصغر:

وهو الشرك الذي لا يُخرج صاحبه من الملة، ولكنه ينقص من توحيده ويؤدي إلى الشرك الأكبر، ويشمل ما يلي:

• الرياء: وهو أن يعمل الإنسان العمل الصالح ليراه الناس ويثنوا عليه، لا ابتغاء وجه الله.
• الحلف بغير الله: كالحلف بالنبي أو بالكعبة أو بالأمانة.
• قول ما شاء الله وشئت: والأولى أن يقول ما شاء الله ثم شئت.
• التبرك بالأشجار والأحجار: اعتقادًا بأنها تجلب الخير أو تدفع الشر.
• تعليق التمائم والخيوط: اعتقادًا بأنها تحمي من العين أو تجلب الحظ.

تفسير قوله تعالى ولا يأمركم أن تتخذوا الملائكة والنبيين أربابا

الآية الكريمة التي وردت في سورة آل عمران (الآية 80) وهي قوله تعالى: وَلَا يَأْمُرَكُمْ أَن تَتَّخِذُوا الْمَلَائِكَةَ وَالنَّبِيِّينَ أَرْبَابًا ۗ أَيَأْمُرُكُم بِالْكُفْرِ بَعْدَ إِذْ أَنتُم مُّسْلِمُونَ. توضح هذه الآية حقيقة جوهرية وهي أن الله تعالى لا يأمر عباده أبدًا بالشرك والكفر، بل يأمرهم بالتوحيد والإيمان. فالله تعالى لم يرسل الأنبياء ولم ينزل الكتب إلا ليدعو الناس إلى عبادته وحده لا شريك له، ونبذ كل ما يُعبد من دونه. واتخاذ الملائكة والنبيين أربابًا يعني صرف شيء من أنواع العبادة لهم، كالدعاء والاستغاثة والنذر والذبح، أو الاعتقاد بأن لهم القدرة على جلب النفع أو دفع الضر من دون الله، أو الاعتقاد بأنهم شركاء لله في ملكه أو تدبيره. وهذا كله كفر صريح يناقض أصل التوحيد.

الآية تنفي أن يكون الأنبياء والملائكة قد دعوا الناس إلى عبادتهم، بل هم أول من نبذ هذا الشرك وحذر منه. فالأنبياء والرسل هم عباد مكرمون لله تعالى، اصطفاهم الله لحمل رسالته وتبليغها للناس، وهم قدوة حسنة للمؤمنين في التوحيد والإخلاص. والملائكة هم جند من جند الله، لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون، وهم عباد مطيعون لله تعالى، لا يستحقون شيئًا من العبادة.

كيفية تجنب الوقوع في الشرك

لتجنب الوقوع في الشرك، يجب على المسلم أن يتعلم التوحيد وأصوله، وأن يفهم معنى لا إله إلا الله وشروطها ومقتضياتها. كما يجب عليه أن يبتعد عن كل ما يؤدي إلى الشرك من أقوال وأفعال واعتقادات. وفيما يلي بعض النصائح التي تساعد على تجنب الوقوع في الشرك:

• تعلم التوحيد: يجب على المسلم أن يتعلم أصول التوحيد وفروعه، وأن يفهم معنى لا إله إلا الله وشروطها ومقتضياتها.
• الإخلاص في العبادة: يجب على المسلم أن يخلص عبادته لله تعالى وحده، وأن لا يشرك به شيئًا.
• الدعاء لله وحده: يجب على المسلم أن يدعو الله تعالى وحده لقضاء حوائجه وتفريج كربه، وأن لا يدعو غير الله.
• الاستعانة بالله وحده: يجب على المسلم أن يستعين بالله تعالى وحده في جميع أموره، وأن لا يستعين بغير الله.
• الخوف من الله وحده: يجب على المسلم أن يخاف الله تعالى وحده، وأن لا يخاف من غير الله خوفًا سرّيًا لا يقدر عليه إلا الله.
• الرجاء في الله وحده: يجب على المسلم أن يرجو الله تعالى وحده، وأن لا يرجو من غير الله رجاءً لا يكون إلا لله.
• محبة الله ورسوله: يجب على المسلم أن يحب الله ورسوله صلى الله عليه وسلم أكثر من أي شيء آخر.
• الابتعاد عن البدع والخرافات: يجب على المسلم أن يبتعد عن البدع والخرافات التي تخالف الشريعة الإسلامية.
• مصاحبة الصالحين: يجب على المسلم أن يصاحب الصالحين الذين يعينونه على طاعة الله ويذكرونه به.
• الاستغفار والتوبة: يجب على المسلم أن يستغفر الله ويتوب إليه من جميع الذنوب، صغيرها وكبيرها.

الخلاصة

الشرك بالله هو أعظم ذنب يمكن أن يرتكبه الإنسان، وهو مناقض لجوهر التوحيد. يجب على المسلم أن يتعلم التوحيد وأصوله، وأن يبتعد عن كل ما يؤدي إلى الشرك من أقوال وأفعال واعتقادات. إن فهم معنى لا إله إلا الله والعمل بمقتضياتها هو السبيل الوحيد للنجاة من الشرك والفوز برضا الله وجنته. نأمل أن يكون هذا التحليل قد ساهم في توضيح مفهوم الشرك وأهمية تجنبه، مستندين في ذلك إلى ما ورد في الفيديو المذكور أعلاه، والذي يمثل إضافة قيمة لفهم هذه القضية المصيرية.