العراق مقاطعات تتالى من أحزاب وشخصيات سياسية للانتخابات التشريعية ومطالبات بإصلاح نظام الانتخابات

العراق: مقاطعات تتالى من أحزاب وشخصيات سياسية للانتخابات التشريعية ومطالبات بإصلاح نظام الانتخابات - تحليل معمق

يُلقي فيديو اليوتيوب المنشور على الرابط https://www.youtube.com/watch?v=N6kC0SvyQa4 الضوء على قضية محورية في المشهد السياسي العراقي، ألا وهي ظاهرة المقاطعات المتتالية من قبل أحزاب وشخصيات سياسية للانتخابات التشريعية المقبلة، وارتفاع الأصوات المطالبة بإصلاح نظام الانتخابات الحالي. هذه الظاهرة ليست وليدة اللحظة، بل هي نتيجة لتراكمات من الإحباط وعدم الثقة في العملية السياسية، وتعبير عن عمق الأزمة التي يعيشها العراق على مختلف المستويات.

أسباب المقاطعة: نظرة معمقة

لفهم دوافع المقاطعة، لا بد من تحليل الأسباب الجذرية التي تدفع الأحزاب والشخصيات السياسية إلى اتخاذ هذا القرار الصعب. يمكن تلخيص هذه الأسباب في النقاط التالية:

• الشك في نزاهة الانتخابات: يمثل هذا السبب جوهر الأزمة. هناك شعور عام بعدم الثقة في قدرة المفوضية العليا المستقلة للانتخابات على إجراء انتخابات نزيهة وشفافة. هذا الشك يتغذى من التجارب السابقة، حيث شهدت الانتخابات اتهامات بالتزوير والتلاعب، مما أدى إلى تقويض ثقة الناخبين في العملية الديمقراطية.
• الاعتراض على قانون الانتخابات الحالي: يعتبر العديد من السياسيين والخبراء أن قانون الانتخابات الحالي، بصيغته الحالية، لا يضمن تمثيلاً عادلاً لجميع شرائح المجتمع، ويفضل بعض الأحزاب على حساب أخرى. المطالبات بإصلاح القانون تتضمن تغيير نظام الدوائر الانتخابية، وإعادة النظر في آلية احتساب الأصوات، وضمان مشاركة أوسع للمستقلين.
• الانسداد السياسي وفقدان الأمل في التغيير: يشعر الكثير من العراقيين، بمن فيهم بعض السياسيين، بالإحباط من الانسداد السياسي المستمر، وعدم قدرة الحكومات المتعاقبة على تحقيق إصلاحات حقيقية. هذا الإحباط يدفعهم إلى الاعتقاد بأن المشاركة في الانتخابات لن تؤدي إلى تغيير ملموس في الواقع، وأن المقاطعة هي وسيلة للتعبير عن الرفض لهذا الواقع.
• الخلافات الداخلية بين الأحزاب: في بعض الأحيان، تكون المقاطعة نتيجة لخلافات داخلية بين الأحزاب السياسية، أو صراعات على السلطة والمصالح. قد تلجأ بعض الفصائل داخل الحزب إلى المقاطعة كوسيلة للضغط على القيادة، أو للتعبير عن معارضتها لبعض القرارات.
• تأثير قوى خارجية: لا يمكن تجاهل تأثير القوى الخارجية على المشهد السياسي العراقي، بما في ذلك الانتخابات. قد تدعم بعض الدول أو الجهات الإقليمية أحزاباً أو شخصيات معينة، وتسعى إلى التأثير على نتائج الانتخابات بطرق مختلفة. هذا التدخل الأجنبي يساهم في تفاقم الأزمة السياسية، ويزيد من شكوك الناخبين في نزاهة العملية الانتخابية.

المطالبات بإصلاح نظام الانتخابات: ضرورة ملحة

في ظل هذه الظروف، تزداد المطالبات بإصلاح نظام الانتخابات الحالي. يرى الكثيرون أن هذا الإصلاح هو الخطوة الأولى نحو استعادة الثقة في العملية السياسية، وتمهيد الطريق نحو تغيير حقيقي في العراق. تشمل المطالبات بالإصلاح ما يلي:

• تعديل قانون الانتخابات: يجب تعديل قانون الانتخابات الحالي لضمان تمثيل عادل لجميع شرائح المجتمع، وتقليل تأثير الأحزاب الكبيرة على حساب المستقلين. يجب أيضاً إعادة النظر في نظام الدوائر الانتخابية، وتوحيد معايير احتساب الأصوات.
• تعزيز استقلالية المفوضية العليا المستقلة للانتخابات: يجب تعزيز استقلالية المفوضية، وتوفير الدعم اللازم لها لضمان قدرتها على إجراء انتخابات نزيهة وشفافة. يجب أيضاً إبعاد المفوضية عن التدخلات السياسية، وتوفير الحماية اللازمة لموظفيها.
• تفعيل دور الرقابة المحلية والدولية: يجب تفعيل دور الرقابة المحلية والدولية على الانتخابات، لضمان نزاهة العملية الانتخابية، وكشف أي مخالفات أو تجاوزات. يجب أيضاً توفير الحماية اللازمة للمراقبين، وتمكينهم من أداء مهامهم بحرية واستقلالية.
• مكافحة الفساد الانتخابي: يجب مكافحة الفساد الانتخابي بكل أشكاله، بما في ذلك شراء الأصوات، والتزوير، والتلاعب بنتائج الانتخابات. يجب أيضاً محاسبة المسؤولين عن هذه الجرائم، وتطبيق العقوبات الرادعة عليهم.
• توعية الناخبين: يجب توعية الناخبين بأهمية المشاركة في الانتخابات، وحثهم على ممارسة حقهم في التصويت بحرية ومسؤولية. يجب أيضاً توعية الناخبين بحقوقهم وواجباتهم، وتعريفهم بآلية الانتخابات.

تداعيات المقاطعة وتأثيرها على مستقبل العراق

المقاطعة المتتالية للانتخابات ليست مجرد حدث عابر، بل لها تداعيات خطيرة على مستقبل العراق. يمكن تلخيص هذه التداعيات في النقاط التالية:

• تقويض شرعية العملية السياسية: عندما تقاطع أحزاب وشخصيات سياسية مهمة الانتخابات، فإن ذلك يقوض شرعية العملية السياسية، ويزيد من عدم ثقة الناخبين في المؤسسات الديمقراطية.
• إضعاف التمثيل الشعبي: عندما لا يشارك عدد كبير من الناخبين في الانتخابات، فإن ذلك يؤدي إلى إضعاف التمثيل الشعبي في البرلمان، ويجعل القرارات السياسية أقل تمثيلاً لإرادة الشعب.
• زيادة الانقسامات السياسية والاجتماعية: المقاطعة قد تزيد من الانقسامات السياسية والاجتماعية في العراق، حيث أن بعض الفئات قد تشعر بأنها مهمشة أو مستبعدة من العملية السياسية.
• تأخير الإصلاحات: عندما تكون العملية السياسية غير مستقرة وغير شرعية، فإن ذلك يؤخر الإصلاحات الضرورية التي يحتاجها العراق، مثل الإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية والإدارية.
• فتح الباب أمام التدخلات الخارجية: عندما تكون العملية السياسية ضعيفة، فإن ذلك يفتح الباب أمام التدخلات الخارجية، التي قد تسعى إلى التأثير على مسار الأحداث في العراق.

خلاصة

إن قضية المقاطعات المتتالية للانتخابات التشريعية في العراق، والمطالبات بإصلاح نظام الانتخابات، هي قضية معقدة ومتشعبة، تتطلب تحليلاً معمقاً وفهماً دقيقاً للأسباب الجذرية التي تقف وراءها. لا شك أن الإصلاح الشامل للنظام السياسي والانتخابي هو ضرورة ملحة لاستعادة الثقة في العملية الديمقراطية، وتمهيد الطريق نحو عراق مستقر ومزدهر. يجب على جميع الأطراف السياسية العراقية، والقوى المجتمعية الفاعلة، العمل معاً لتحقيق هذا الهدف، وتجاوز الخلافات والمصالح الضيقة، من أجل مصلحة العراق وشعبه.