معنى قوله تعالى ألم نشرح لك صدرك ووضعنا عنك وذرك ومعنى قوله أرأيت الذي تولى
تحليل وتفسير سورتي الشرح والنجم: نظرة على معاني الآيات
يتناول هذا المقال تحليلًا معمقًا وتفسيرًا لآيات كريمة من القرآن الكريم، مستندًا إلى المحاضرة القيمة المتوفرة على اليوتيوب بعنوان معنى قوله تعالى ألم نشرح لك صدرك ووضعنا عنك وزرك ومعنى قوله أرأيت الذي تولى (رابط الفيديو: https://www.youtube.com/watch?v=RQGWWmtq9LE). سنركز بشكل خاص على سورتي الشرح والنجم، مسلطين الضوء على معاني الآيات، والسياق التاريخي الذي نزلت فيه، والدروس والعبر المستفادة منها.
سورة الشرح: منحة إلهية وتخفيف عن الرسول ﷺ
تعتبر سورة الشرح، أو سورة الانشراح، من السور المكية التي نزلت على النبي محمد ﷺ في فترة عصيبة من حياته، حيث كان يواجه تحديات كبيرة ومعارضة شديدة من قومه. تأتي هذه السورة كمنحة إلهية لرسول الله ﷺ، لتثبيته وتقويته، وتذكيره بالنعم التي أنعم الله بها عليه.
أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ
تبدأ السورة باستفهام تقريري: أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ. والشرح هنا ليس مجرد اتساع مادي للصدر، بل هو انشراح روحي ونفسي، وتوسيع مدارك النبي ﷺ، وجعله أكثر قدرة على تحمل المسؤولية العظيمة الملقاة على عاتقه. الشرح هو إزالة الغم والكرب والهم الذي كان يثقل صدره الشريف، ومنحه ﷺ بصيرة نافذة وفهمًا عميقًا للحقائق. وهذا الشرح هو منحة إلهية خاصة، لا تتحقق بالجهد البشري وحده، بل بتوفيق الله وعونه.
وَوَضَعْنَا عَنْكَ وِزْرَكَ
ثم تنتقل السورة إلى نعمة أخرى: وَوَضَعْنَا عَنْكَ وِزْرَكَ. الوزر هنا يشير إلى الذنوب والأخطاء التي كانت تثقل كاهل النبي ﷺ قبل النبوة، أو الأعباء والمسؤوليات الجسيمة التي تحملها بعد النبوة. والوضع هنا يعني المغفرة والتخفيف، فالله تعالى غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، وخفف عنه أعباء الرسالة، وهيأ له الأسباب التي تعينه على أدائها. والوضع هنا ليس فقط غفران الذنوب، بل هو أيضًا تخفيف الأعباء النفسية والعاطفية التي كانت تثقل صدره الشريف.
الَّذِي أَنْقَضَ ظَهْرَكَ
وتوضح السورة معنى الوزر بقولها: الَّذِي أَنْقَضَ ظَهْرَكَ. والإنقاض هو صوت الظهر من شدة الحمل، فكأن الوزر كان حملاً ثقيلاً يكاد يكسر ظهر النبي ﷺ، والله تعالى برحمته خفف هذا الحمل عنه. وهذا يظهر مدى المعاناة التي كان يعانيها النبي ﷺ قبل النبوة وبعدها، وكيف أن الله تعالى كان يسانده ويعينه في كل خطوة.
وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ
ثم تأتي نعمة ثالثة: وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ. ورفع الذكر هنا يعني أن الله تعالى جعل اسم النبي ﷺ مقرونًا باسمه في الشهادة، وفي الأذان، وفي الصلاة، وفي كل مكان يذكر فيه الله تعالى. ورفع الذكر أيضًا يعني أن الله تعالى جعل النبي ﷺ قدوة حسنة للمسلمين في كل زمان ومكان، وجعل سيرته العطرة نبراسًا يضيء لهم طريق الهداية. وهذا الرفع هو منحة إلهية أبدية، لا تنقطع بوفاة النبي ﷺ، بل تستمر إلى يوم القيامة.
فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا
ثم تأتي بشارة عظيمة: فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا. وهذه الآية تحمل في طياتها وعدًا إلهيًا بأن كل عسر وضيق يتبعه يسر وفرج. والتكرار هنا للتأكيد على هذا الوعد، ولتثبيت النبي ﷺ والمؤمنين معه. وهذا الوعد ليس خاصًا بالنبي ﷺ وحده، بل هو عام لكل مؤمن يواجه صعوبات وتحديات في حياته.
فَإِذَا فَرَغْتَ فَانْصَبْ وَإِلَى رَبِّكَ فَارْغَبْ
وتختتم السورة بتوجيهات عظيمة: فَإِذَا فَرَغْتَ فَانْصَبْ وَإِلَى رَبِّكَ فَارْغَبْ. والانصباب هنا يعني الجد والاجتهاد في العبادة والعمل الصالح، وعدم الاستسلام للراحة والاسترخاء بعد الفراغ من عمل ما. والرغبة إلى الله تعني التوجه إليه بالدعاء والتضرع، والاعتماد عليه في كل الأمور. فهذه الآية تحث المسلم على الاستمرار في العمل والعبادة، وعدم الانقطاع عن الله تعالى في أي حال من الأحوال.
سورة النجم: الوحي الإلهي ورفعة النبي ﷺ
سورة النجم هي سورة مكية أيضًا، تتناول قضية الوحي الإلهي، وتؤكد على صدق النبي محمد ﷺ، ورفعة مكانته عند الله تعالى.
وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى
تبدأ السورة بالقسم بالنجم إذا هوى: وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى. وهذا القسم يدل على أهمية ما سيأتي بعده من الكلام، فالنجم هو آية من آيات الله في الكون، وهويّه يدل على قدرة الله وعظمته. وقد اختلف المفسرون في تحديد النجم المقصود هنا، فقيل هو الثريا، وقيل هو النجم عمومًا.
مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى
ثم تأتي الآيات لتنفي عن النبي ﷺ الضلال والغواية: مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى. فالنبي ﷺ لم يضل عن طريق الحق، ولم يتبع هواه في أقواله وأفعاله، بل كل ما يقوله ويفعله هو وحي من الله تعالى. وهذا تأكيد على صدق نبوته ورسالته.
عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوَى
وتوضح السورة مصدر الوحي بقولها: عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوَى. والذي علّم النبي ﷺ هو جبريل عليه السلام، وهو شديد القوى، وذو مظهر حسن. وقد استوى جبريل على صورته الحقيقية للنبي ﷺ، وهذا يدل على عظمته وقوته.
أَفَتُمَارُونَهُ عَلَى مَا يَرَى وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى عِنْدَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَى
ثم تأتي الآيات لتوبيخ الكفار الذين يشككون في رؤية النبي ﷺ لجبريل: أَفَتُمَارُونَهُ عَلَى مَا يَرَى وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى عِنْدَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَى. فالنبي ﷺ رأى جبريل مرتين، الأولى في الأرض، والثانية عند سدرة المنتهى، وهي شجرة عظيمة في السماء السابعة، وعندها جنة المأوى. وهذا يدل على رفعة مكانة النبي ﷺ عند الله تعالى، وأنه اختصه برؤية ما لم يره أحد من البشر.
إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَى مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى
وتصف السورة المشهد الذي رآه النبي ﷺ عند سدرة المنتهى: إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَى مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى. فالنبي ﷺ رأى آيات عظيمة من آيات الله، ولم يزغ بصره عنها، ولم يتجاوز الحد المسموح له برؤيته. وهذا يدل على كمال خلقه ﷺ وعظيم أدبه مع الله تعالى.
أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرَى
ثم تنتقل السورة إلى توبيخ الكفار على عبادتهم للأصنام: أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرَى. فهذه الأصنام لا تملك شيئًا من النفع أو الضر، ولا تستحق أن تعبد من دون الله تعالى.
أَلَكُمُ الذَّكَرُ وَلَهُ الْأُنْثَى تِلْكَ إِذًا قِسْمَةٌ ضِيزَى
وتسخر السورة من اعتقاد الكفار بأن الملائكة بنات الله: أَلَكُمُ الذَّكَرُ وَلَهُ الْأُنْثَى تِلْكَ إِذًا قِسْمَةٌ ضِيزَى. فهذه قسمة جائرة وظالمة، فكيف ينسبون إلى الله تعالى ما يكرهونه لأنفسهم؟
إِنْ هِيَ إِلَّا أَسْمَاءٌ سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ
وتؤكد السورة على أن الأصنام مجرد أسماء لا حقيقة لها: إِنْ هِيَ إِلَّا أَسْمَاءٌ سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ. فالله تعالى لم ينزل أي دليل أو برهان على صحة عبادتها.
إِنَّ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ لَيُسَمُّونَ الْمَلَائِكَةَ تَسْمِيَةَ الْأُنْثَى
وتوضح السورة سبب اعتقاد الكفار بأن الملائكة بنات الله: إِنَّ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ لَيُسَمُّونَ الْمَلَائِكَةَ تَسْمِيَةَ الْأُنْثَى. فهم لا يؤمنون باليوم الآخر، ولا يدركون عظمة الله تعالى، لذلك يطلقون هذه التسميات الباطلة.
وَلَقَدْ جَاءَهُمْ مِنْ رَبِّهِمُ الْهُدَى
وتؤكد السورة على أن الله تعالى قد أرسل إليهم الهداية: وَلَقَدْ جَاءَهُمْ مِنْ رَبِّهِمُ الْهُدَى. فقد أرسل إليهم الرسل، وأنزل عليهم الكتب، ولكنهم أعرضوا عن ذلك كله.
أَمْ لِلْإِنْسَانِ مَا تَمَنَّى فَلِلَّهِ الْآخِرَةُ وَالْأُولَى
وتوضح السورة أن الإنسان لا ينال كل ما يتمناه: أَمْ لِلْإِنْسَانِ مَا تَمَنَّى فَلِلَّهِ الْآخِرَةُ وَالْأُولَى. فالأمر كله لله تعالى، وهو الذي يقدر الأرزاق، ويمنح النعم لمن يشاء.
وَكَمْ مِنْ مَلَكٍ فِي السَّمَاوَاتِ لَا تُغْنِي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا إِلَّا مِنْ بَعْدِ أَنْ يَأْذَنَ اللَّهُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَرْضَى
وتؤكد السورة على أن الملائكة لا يشفعون إلا بإذن الله: وَكَمْ مِنْ مَلَكٍ فِي السَّمَاوَاتِ لَا تُغْنِي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا إِلَّا مِنْ بَعْدِ أَنْ يَأْذَنَ اللَّهُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَرْضَى. فالشفاعة كلها لله تعالى، وهو الذي يختار من يشفع فيه.
إِنَّ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ لَيُسَمُّونَ الْمَلَائِكَةَ تَسْمِيَةَ الْأُنْثَى
وتختتم السورة بالتركيز على حال الكافرين وجزائهم وعاقبة توليهم عن الحق. أفرأيت الذي تولى وأعطى قليلا وأكدى
الخلاصة
سورتي الشرح والنجم تحملان في طياتهما دروسًا وعبرًا عظيمة، فهي تثبت النبي ﷺ وتقويه، وتذكره بالنعم التي أنعم الله بها عليه، وتؤكد على صدق نبوته ورسالته، وتوبخ الكفار على ضلالهم وغوايتهم. وهذه السور ليست موجهة إلى النبي ﷺ وحده، بل هي موجهة إلى كل مسلم في كل زمان ومكان، ليتعلم منها الصبر والثبات، والتوكل على الله تعالى، والعمل الصالح، وعدم اليأس من رحمته. مشاهدة الفيديو المذكور في بداية المقال يثري فهم هذه المعاني بشكل أكبر ويوفر نظرة معمقة للموضوع.
مقالات مرتبطة
Youtube
مدة القراءة
Youtube
مدة القراءة
Youtube
مدة القراءة
Youtube
مدة القراءة
Youtube
مدة القراءة
Youtube
مدة القراءة
Youtube
مدة القراءة
Youtube
مدة القراءة
Youtube
مدة القراءة
Youtube
مدة القراءة
Youtube
مدة القراءة