الكفر والشرك بالله هو إتباع أحاديث مسلم والبخاري والأدلة من كتاب الله الذي ينطق بالحق

تحليل وتقييم ادعاءات فيديو الكفر والشرك بالله هو إتباع أحاديث مسلم والبخاري والأدلة من كتاب الله الذي ينطق بالحق

يثير فيديو اليوتيوب المعنون بـ الكفر والشرك بالله هو إتباع أحاديث مسلم والبخاري والأدلة من كتاب الله الذي ينطق بالحق (الرابط: https://www.youtube.com/watch?v=ZqstTA6rw0U) جدلاً واسعاً حول مكانة السنة النبوية في الإسلام، ودورها في فهم وتفسير القرآن الكريم. يتبنى الفيديو موقفاً متشدداً يرفض حجية الأحاديث النبوية الواردة في صحيح مسلم والبخاري، زاعماً أنها تؤدي إلى الكفر والشرك بالله. هذا المقال يهدف إلى تحليل هذه الادعاءات وتقييمها من منظور علمي وموضوعي، مع استعراض الأدلة الشرعية التي تؤيد حجية السنة النبوية، ودحض الشبهات التي يثيرها الفيديو.

مكانة السنة النبوية في الإسلام

السنة النبوية، وهي أقوال وأفعال وتقريرات النبي محمد صلى الله عليه وسلم، تمثل المصدر الثاني للتشريع الإسلامي بعد القرآن الكريم. هذا الأمر ليس محل خلاف بين جمهور علماء المسلمين عبر العصور. فالقرآن الكريم نفسه يأمرنا باتباع الرسول صلى الله عليه وسلم وطاعته، ويجعل طاعته من طاعة الله. يقول الله تعالى في سورة آل عمران: قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ. وفي سورة النساء: مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ.

تكمن أهمية السنة النبوية في أنها تقوم بتفسير وتوضيح ما جاء في القرآن الكريم من أحكام عامة ومجملة. فالقرآن الكريم يأمر بالصلاة، ولكن كيفية الصلاة وعدد الركعات وشروطها وأركانها، كلها تفاصيل جاءت في السنة النبوية. وكذلك الزكاة والصيام والحج وغيرها من العبادات والمعاملات. فالسنة النبوية هي التطبيق العملي لأوامر الله تعالى، وهي التي توضح لنا كيف نفهم ونطبق القرآن الكريم في حياتنا اليومية.

صحيح مسلم والبخاري: مكانة خاصة في السنة النبوية

يعتبر صحيح مسلم وصحيح البخاري من أصح كتب الحديث النبوي الشريف، وهما يحظيان بمكانة خاصة عند جمهور علماء المسلمين. وقد بذل الإمام مسلم والإمام البخاري رحمهما الله جهداً كبيراً في جمع الأحاديث النبوية الصحيحة، والتحقق من صحة أسانيدها ومتونها، والتأكد من اتصال السند وعدالة الرواة وضبطهم. وقد وضعا شروطاً دقيقة لقبول الحديث، مما جعلهما من أوثق كتب الحديث على الإطلاق.

ورغم هذه المكانة العالية، فإن علماء المسلمين لم يعصموا هذه الكتب من الخطأ أو النقد. فالأحاديث الواردة في صحيح مسلم والبخاري تخضع للدراسة والتحليل من قبل العلماء المتخصصين، وقد تم التشكيك في بعض الأحاديث بناءً على أسس علمية ومنهجية دقيقة. وهذا يدل على أن المسلمين يتعاملون مع السنة النبوية بعقلانية وموضوعية، ولا يتعصبون لأي كتاب مهما كانت مكانته.

الرد على ادعاءات الفيديو

الادعاء بأن اتباع أحاديث مسلم والبخاري يؤدي إلى الكفر والشرك بالله هو ادعاء باطل لا أساس له من الصحة. فهذه الأحاديث هي جزء من السنة النبوية التي أمرنا الله تعالى باتباعها وطاعتها. والقول بأنها تؤدي إلى الكفر والشرك هو اتهام صريح للنبي صلى الله عليه وسلم بأنه يأمرنا بما يخالف أمر الله. وهذا لا يجوز شرعاً ولا عقلاً.

يعتمد الفيديو غالباً على انتقاء بعض الأحاديث التي تبدو متعارضة مع القرآن الكريم، أو التي قد يساء فهمها، ثم يقوم بتفسيرها تفسيراً خاطئاً بهدف إثبات صحة ادعائه. وهذا الأسلوب يعتبر تحريفاً للكلم عن مواضعه، وتجاهلاً للأسس العلمية لتفسير النصوص الشرعية. فالأحاديث النبوية يجب أن تفسر في ضوء القرآن الكريم، وفي ضوء الأحاديث الأخرى، وفي ضوء قواعد اللغة العربية وأصول الفقه. ولا يجوز تفسيرها بمعزل عن هذه الضوابط والقواعد.

كما يتجاهل الفيديو جهود علماء الحديث في شرح وتفسير الأحاديث النبوية، وتوضيح معانيها، وبيان الأحكام المستنبطة منها. فكل حديث له سياقه وظروفه وملابساته، ولا يجوز فهمه بمعزل عن هذه الأمور. وقد قام العلماء بتأليف كتب وشروح عديدة لتفسير الأحاديث النبوية، وتوضيح معانيها، ودفع الشبهات التي قد تثار حولها.

الادعاء بأن الأحاديث النبوية تتعارض مع القرآن الكريم هو ادعاء غير دقيق. فالسنة النبوية في الغالب الأعم تؤكد وتوضح ما جاء في القرآن الكريم، ولا تخالفه. وإذا وجد تعارض ظاهري بين حديث نبوي وآية قرآنية، فإن العلماء يلجأون إلى طرق الترجيح والتوفيق بين النصوص، أو إلى القول بالنسخ إذا كان ذلك ممكناً. ولكن القول بأن السنة النبوية تتعارض بشكل دائم ومستمر مع القرآن الكريم هو قول باطل لا دليل عليه.

مخاطر إنكار السنة النبوية

إن إنكار السنة النبوية يؤدي إلى نتائج خطيرة على الدين والمجتمع. فالسنة النبوية هي المصدر الثاني للتشريع الإسلامي، وهي التي توضح لنا كيف نفهم ونطبق القرآن الكريم. وإنكارها يعني إنكار جزء كبير من الدين، وتعطيل الكثير من الأحكام الشرعية. وهذا يؤدي إلى الفوضى والاضطراب في المجتمع، وإلى ضياع الهوية الإسلامية.

كما أن إنكار السنة النبوية يفتح الباب أمام التأويلات الباطلة والتفسيرات الخاطئة للقرآن الكريم. فكل شخص يستطيع أن يفسر القرآن الكريم على هواه، دون الرجوع إلى السنة النبوية التي توضح لنا المعنى الصحيح للآيات. وهذا يؤدي إلى ظهور الفرق الضالة والجماعات المتطرفة التي تعتمد على التأويلات الباطلة للقرآن الكريم لتبرير أفعالها وأفكارها.

خلاصة

إن الادعاء بأن اتباع أحاديث مسلم والبخاري يؤدي إلى الكفر والشرك بالله هو ادعاء باطل لا أساس له من الصحة. فالسنة النبوية هي المصدر الثاني للتشريع الإسلامي، وهي التي توضح لنا كيف نفهم ونطبق القرآن الكريم. وصحيح مسلم وصحيح البخاري من أصح كتب الحديث النبوي الشريف، وهما يحظيان بمكانة خاصة عند جمهور علماء المسلمين. وإنكار السنة النبوية يؤدي إلى نتائج خطيرة على الدين والمجتمع. لذلك، يجب علينا أن نتمسك بالسنة النبوية، وأن نتعلمها وندرسها، وأن نطبقها في حياتنا اليومية.