صبر واشنطن ينفذ ونتنياهو يرفض نصائح بايدن كيف علقت الصحف الغربية على مفاوضات تبادل الأسرى
صبر واشنطن ينفذ ونتنياهو يرفض نصائح بايدن: كيف علقت الصحف الغربية على مفاوضات تبادل الأسرى
تحتدم وتيرة الأحداث في منطقة الشرق الأوسط، ولا سيما فيما يتعلق بالصراع الفلسطيني الإسرائيلي، وتتصاعد حدة التوتر بين الولايات المتحدة وإسرائيل، على خلفية إدارة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لملف الحرب على غزة ومفاوضات تبادل الأسرى. هذا التوتر المتصاعد انعكس بشكل واضح في تغطية الصحف الغربية، التي ركزت بشكل كبير على نفاد صبر واشنطن إزاء سياسات نتنياهو، وعلى رفضه المتكرر لنصائح الرئيس الأمريكي جو بايدن. هذا المقال يتناول أبرز ما ورد في الصحف الغربية حول هذا الموضوع، مع التركيز على تحليل مواقفها المختلفة ورصد التطورات الأخيرة في هذا الملف الشائك.
بداية، يجب التأكيد على أن الصحف الغربية لم تتعامل مع هذا الموضوع كوحدة واحدة، بل انقسمت إلى تيارات مختلفة تعكس توجهات سياسية وإيديولوجية متباينة. بعض الصحف، وعلى رأسها تلك التي تميل إلى الليبرالية، انتقدت بشدة تصرفات نتنياهو، واعتبرت أنه يعرقل جهود السلام ويضع مصالح شخصية فوق مصالح بلاده. في المقابل، دافعت صحف أخرى، ذات توجه محافظ، عن حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها، وقللت من أهمية الخلافات مع واشنطن، معتبرة أنها مجرد اختلافات في وجهات النظر لا تؤثر على التحالف الاستراتيجي بين البلدين.
إحدى أبرز القضايا التي تناولتها الصحف الغربية هي مسألة مفاوضات تبادل الأسرى. فقد ركزت العديد من التقارير على تعنت نتنياهو ورفضه تقديم تنازلات جوهرية لحركة حماس، الأمر الذي أدى إلى تعثر المفاوضات وإطالة أمد معاناة الأسرى وعائلاتهم. الصحف الليبرالية انتقدت بشدة هذا الموقف، واعتبرته غير إنساني وغير واقعي، ودعت نتنياهو إلى إعطاء الأولوية لحياة الأسرى على حساب المكاسب السياسية. في المقابل، دافعت الصحف المحافظة عن موقف نتنياهو، واعتبرته ضرورياً للحفاظ على الأمن القومي الإسرائيلي وردع حماس عن تكرار هجماتها.
أما فيما يتعلق بموقف إدارة بايدن، فقد أكدت الصحف الغربية أن صبر واشنطن بدأ ينفد تجاه نتنياهو. فبعد أشهر من المحاولات الفاشلة لإقناعه بتغيير مساره، يبدو أن إدارة بايدن بدأت تتبنى لهجة أكثر حدة، وتدرس خيارات أخرى للضغط على إسرائيل من أجل تحقيق السلام والاستقرار في المنطقة. بعض الصحف تحدثت عن إمكانية فرض عقوبات اقتصادية على إسرائيل، أو تقليص المساعدات العسكرية الأمريكية، إذا استمر نتنياهو في عناده. هذه التهديدات، وإن كانت غير معلنة بشكل رسمي، أثارت قلقاً كبيراً في إسرائيل، وعكست حجم الخلاف المتزايد بين البلدين.
من جهة أخرى، ركزت بعض الصحف الغربية على دور الوسطاء، وعلى رأسهم مصر وقطر، في محاولة تقريب وجهات النظر بين إسرائيل وحماس. هذه الصحف أشادت بجهود الوساطة، واعتبرتها ضرورية لإنقاذ المفاوضات من الانهيار. كما أنها حذرت من خطورة التصعيد العسكري، الذي قد يؤدي إلى حرب إقليمية شاملة. ومع ذلك، فإن هذه الصحف لم تخف تشاؤمها بشأن فرص نجاح الوساطة، في ظل تصلب مواقف الأطراف المعنية واستمرار حالة عدم الثقة المتبادلة.
بالإضافة إلى ذلك، تناولت الصحف الغربية مسألة المساعدات الإنسانية لقطاع غزة. فقد انتقدت العديد من التقارير القيود التي تفرضها إسرائيل على دخول المساعدات إلى القطاع، واعتبرت أنها تزيد من معاناة السكان المدنيين وتعرقل جهود الإغاثة. الصحف الليبرالية طالبت إسرائيل برفع هذه القيود والسماح بوصول المساعدات الإنسانية بشكل كامل ودون عوائق. في المقابل، دافعت الصحف المحافظة عن الإجراءات الإسرائيلية، واعتبرتها ضرورية لمنع وصول المساعدات إلى حركة حماس.
في سياق متصل، سلطت بعض الصحف الغربية الضوء على التداعيات الداخلية للحرب على غزة في إسرائيل. فقد أشارت إلى أن الحرب أدت إلى انقسام حاد في المجتمع الإسرائيلي، وإلى تزايد الانتقادات الموجهة إلى نتنياهو وحكومته. هذه الصحف توقعت أن تؤدي الحرب إلى تغييرات سياسية كبيرة في إسرائيل، وأن تزيد من فرص وصول المعارضة إلى السلطة. كما أنها حذرت من خطورة استمرار حالة عدم الاستقرار السياسي، التي قد تعرقل جهود السلام وتزيد من حدة الصراع مع الفلسطينيين.
أما فيما يتعلق بمستقبل العلاقات الأمريكية الإسرائيلية، فقد اختلفت الصحف الغربية في تقديراتها. بعضها اعتبر أن الخلافات الحالية بين بايدن ونتنياهو مجرد سحابة صيف لن تؤثر على التحالف الاستراتيجي بين البلدين. هذه الصحف أشارت إلى أن المصالح المشتركة بين الولايات المتحدة وإسرائيل أقوى من أي خلافات سياسية، وأن البلدين سيستمران في التعاون في مواجهة التحديات المشتركة. في المقابل، اعتبرت صحف أخرى أن العلاقات الأمريكية الإسرائيلية تمر بأزمة حقيقية قد تؤدي إلى تغييرات جوهرية في السياسة الأمريكية تجاه المنطقة. هذه الصحف أشارت إلى أن إدارة بايدن بدأت تتبنى نهجاً أكثر انتقاداً لإسرائيل، وأنها قد تتجه نحو دعم حل الدولتين بشكل أكثر فاعلية.
ختاماً، يمكن القول إن تغطية الصحف الغربية للصراع الفلسطيني الإسرائيلي تعكس حالة من القلق والانقسام. فمن جهة، هناك إدراك متزايد بأن سياسات نتنياهو تعرقل جهود السلام وتزيد من حدة التوتر في المنطقة. ومن جهة أخرى، هناك دعم قوي لحق إسرائيل في الدفاع عن نفسها ومواجهة التحديات الأمنية. في ظل هذه الظروف، يبدو أن مستقبل العلاقات الأمريكية الإسرائيلية ومستقبل السلام في المنطقة يبقى رهناً بتطورات الأحداث وقدرة الأطراف المعنية على التوصل إلى حلول توافقية.
من المهم الإشارة إلى أن هذا التحليل يعتمد على مجموعة متنوعة من المصادر الإعلامية الغربية، ويمثل محاولة لتقديم صورة شاملة ومتوازنة لآراء الصحف الغربية حول هذا الموضوع المعقد. ومع ذلك، فإن هذه الصورة قد تكون ناقصة أو غير دقيقة في بعض الجوانب، نظراً للتغيرات المستمرة في الأحداث وتعدد وجهات النظر.
مقالات مرتبطة