إلى أي مدى سيؤثر خروج غانتس من حكومة نتنياهو على مسار الحرب الإجابة في حوار عصمت منصور للعربي
إلى أي مدى سيؤثر خروج غانتس من حكومة نتنياهو على مسار الحرب: تحليل لحوار عصمت منصور
الخروج الوشيك لبيني غانتس، زعيم حزب الوحدة الوطنية من حكومة الطوارئ الإسرائيلية برئاسة بنيامين نتنياهو، يثير تساؤلات عميقة حول مستقبل الحرب في غزة وتداعياتها على المشهد السياسي الإسرائيلي. هذا الانسحاب، الذي طال انتظاره، ليس مجرد تغيير في التشكيلة الحكومية، بل هو مؤشر على تصاعد الخلافات الداخلية وتزايد الضغوط على نتنياهو، كما يضع علامات استفهام حول الاستراتيجية المستقبلية لإسرائيل في ظل هذه الظروف المعقدة.
يستعرض هذا المقال، بناءً على حوار عصمت منصور الذي تم بثه على قناة العربي (الرابط: https://www.youtube.com/watch?v=ERtCRaxeU5g)، الأبعاد المختلفة لهذا الانسحاب وتأثيراته المحتملة على مسار الحرب، مع التركيز على النقاط التالية:
أسباب الخلاف وتراكم الضغوط
يشير عصمت منصور في حواره إلى أن خروج غانتس لم يكن مفاجئاً، بل كان نتيجة لتراكم خلافات جوهرية بينه وبين نتنياهو حول إدارة الحرب. من أهم هذه الخلافات:
- غياب رؤية واضحة لليوم التالي للحرب: لطالما انتقد غانتس نتنياهو لعدم وجود خطة واضحة ومفصلة لما بعد انتهاء العمليات العسكرية في غزة. يرى غانتس ضرورة تحديد أهداف واقعية ومستدامة، ووضع استراتيجية شاملة تشمل الجوانب الأمنية والمدنية والإنسانية، وهو ما لم يتمكن نتنياهو من تقديمه بشكل مقنع.
- الخلاف حول إدارة قطاع غزة: تباينت الرؤى حول الجهة التي ستتولى إدارة قطاع غزة بعد الحرب. بينما يفضل غانتس التعاون مع أطراف إقليمية ودولية لتشكيل قوة متعددة الجنسيات تتولى الإشراف على القطاع، يبدو أن نتنياهو يميل إلى خيارات أكثر أحادية الجانب، مما يزيد من عزلة إسرائيل دولياً.
- قضية الأسرى: يعتبر ملف الأسرى الإسرائيليين في غزة من القضايا الحساسة التي تثير جدلاً واسعاً في إسرائيل. يرى غانتس ضرورة إعطاء الأولوية القصوى لتحرير الأسرى، حتى لو تطلب ذلك تقديم تنازلات مؤلمة. في المقابل، يواجه نتنياهو ضغوطاً من اليمين المتطرف لعدم الاستسلام لشروط حماس، مما يعرقل أي تقدم في هذا الملف.
- التأثير المتزايد لليمين المتطرف: يعتبر غانتس من الشخصيات المعتدلة في السياسة الإسرائيلية، ويشعر بالقلق من تنامي نفوذ اليمين المتطرف في حكومة نتنياهو. يرى غانتس أن هذا النفوذ يعيق أي فرصة لتحقيق حل سياسي للصراع الفلسطيني الإسرائيلي، ويؤدي إلى تفاقم الأوضاع في المنطقة.
هذه الخلافات المتراكمة أدت إلى تآكل الثقة بين غانتس ونتنياهو، وجعلت استمرار غانتس في الحكومة أمراً غير ممكن على المدى الطويل.
تأثير الخروج على مسار الحرب
يؤكد عصمت منصور في حواره على أن خروج غانتس سيؤثر بشكل كبير على مسار الحرب في غزة. من أبرز هذه التأثيرات:
- تزايد الضغوط الداخلية على نتنياهو: كان غانتس يمثل صوتاً معتدلاً داخل حكومة الطوارئ، وكان وجوده يمنح الحكومة بعض المصداقية أمام الرأي العام الإسرائيلي والدولي. بخروج غانتس، سيواجه نتنياهو ضغوطاً متزايدة من اليمين المتطرف، مما قد يدفعه إلى تبني مواقف أكثر تشدداً وتعقيداً.
- تراجع الدعم الدولي لإسرائيل: كان غانتس يتمتع بعلاقات جيدة مع العديد من القادة الدوليين، وكان وجوده في الحكومة يساعد على تخفيف حدة الانتقادات الموجهة لإسرائيل بسبب الحرب في غزة. بخروجه، قد تفقد إسرائيل جزءاً من هذا الدعم، وقد تواجه المزيد من الضغوط لإنهاء الحرب والتوصل إلى حل سياسي.
- تعزيز موقف حماس: قد تعتبر حماس خروج غانتس من الحكومة بمثابة انتصار لها، وقد يؤدي ذلك إلى تصلب مواقفها التفاوضية. ترى حماس أن استقالة غانتس دليل على تصاعد الخلافات الداخلية في إسرائيل، وأن الحكومة الحالية غير قادرة على تحقيق أهدافها في غزة.
- تأثير على العمليات العسكرية: قد يؤثر خروج غانتس على سير العمليات العسكرية في غزة. كان غانتس يحرص على عدم التوسع في العمليات العسكرية، وكان يفضل التركيز على تحقيق أهداف محددة. بخروجه، قد يدفع اليمين المتطرف نتنياهو إلى توسيع العمليات العسكرية، مما قد يؤدي إلى تفاقم الأوضاع الإنسانية في غزة وزيادة عدد الضحايا المدنيين.
التداعيات السياسية المحتملة
بالإضافة إلى التأثيرات المباشرة على مسار الحرب، فإن خروج غانتس من الحكومة له تداعيات سياسية محتملة على المدى الطويل. من أهم هذه التداعيات:
- احتمال إجراء انتخابات مبكرة: قد يؤدي خروج غانتس إلى انهيار الحكومة الحالية والدعوة إلى انتخابات مبكرة. يرى الكثير من المحللين أن نتنياهو يواجه صعوبة كبيرة في تشكيل حكومة مستقرة بدون دعم غانتس، وأن الانتخابات المبكرة هي الحل الوحيد للخروج من الأزمة السياسية الحالية.
- تغير الخريطة السياسية الإسرائيلية: قد يؤدي إجراء انتخابات مبكرة إلى تغيير الخريطة السياسية الإسرائيلية. يرى البعض أن غانتس قد يتمكن من تشكيل حكومة بديلة بقيادة حزب الوحدة الوطنية، وبدعم من أحزاب الوسط واليسار. في المقابل، يرى آخرون أن نتنياهو سيتمكن من الحفاظ على موقعه كرئيس للوزراء، ولكنه قد يضطر إلى تقديم تنازلات لليمين المتطرف لتشكيل حكومة ائتلافية.
- تأثير على العلاقات مع الولايات المتحدة: قد يؤثر التغيير في الحكومة الإسرائيلية على العلاقات مع الولايات المتحدة. كان غانتس يتمتع بعلاقات جيدة مع إدارة بايدن، وكان وجوده في الحكومة يساعد على الحفاظ على علاقات قوية بين البلدين. بخروجه، قد تتدهور العلاقات بين إسرائيل والولايات المتحدة، خاصة إذا تولى اليمين المتطرف زمام الأمور في إسرائيل.
خلاصة
في الختام، فإن خروج غانتس من حكومة نتنياهو يمثل تطوراً مهماً له تداعيات عميقة على مسار الحرب في غزة والمشهد السياسي الإسرائيلي. هذا الانسحاب ليس مجرد تغيير في التشكيلة الحكومية، بل هو مؤشر على تصاعد الخلافات الداخلية وتزايد الضغوط على نتنياهو. من المتوقع أن يؤدي خروج غانتس إلى تزايد الضغوط الداخلية على نتنياهو، وتراجع الدعم الدولي لإسرائيل، وتعزيز موقف حماس، وتغيير الخريطة السياسية الإسرائيلية. يبقى السؤال المطروح هو: كيف ستتعامل إسرائيل مع هذه التحديات المتزايدة في ظل هذه الظروف المعقدة؟ الإجابة على هذا السؤال ستحدد مستقبل الحرب في غزة ومستقبل المنطقة بأكملها.
مقالات مرتبطة