يحيى السنوار كل ما قد تود معرفته عنه بعد اختياره رئيسًا للمكتب السياسي لحماس
يحيى السنوار: كل ما قد تود معرفته عنه بعد اختياره رئيسًا للمكتب السياسي لحماس
يحيى السنوار، اسم يتردد صداه في الأروقة السياسية والأمنية على حد سواء، ليس فقط في فلسطين المحتلة، بل وفي المنطقة بأسرها. اختياره رئيسًا للمكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) في قطاع غزة عام 2017 مثّل نقطة تحول مهمة في مسار الحركة، وأثار تساؤلات عديدة حول استراتيجياتها المستقبلية وتأثيرها على الصراع الفلسطيني الإسرائيلي. هذا المقال، المستوحى من الفيديو المنشور على يوتيوب والذي يحمل عنوان يحيى السنوار كل ما قد تود معرفته عنه بعد اختياره رئيسًا للمكتب السياسي لحماس (https://www.youtube.com/watch?v=Wss_wsdzGjM)، يسعى إلى تقديم نظرة شاملة على حياة السنوار، مسيرته النضالية، وأيديولوجيته، وأبرز التحديات التي يواجهها.
نشأة السنوار ومسيرته النضالية المبكرة
ولد يحيى إبراهيم حسن السنوار في مخيم خان يونس للاجئين بقطاع غزة عام 1962. نشأ في بيئة بسيطة ومعاناة مستمرة جراء الاحتلال الإسرائيلي، مما ساهم في تشكيل وعيه السياسي مبكرًا. انخرط السنوار في العمل الوطني في سن مبكرة، وشارك في فعاليات المقاومة الشعبية ضد الاحتلال. يُعتبر من مؤسسي الجهاز العسكري لحركة حماس، والذي عُرف فيما بعد بكتائب عز الدين القسام.
تميز السنوار بصلابته وإصراره على تحقيق أهداف المقاومة. عمل على تطوير القدرات العسكرية لحماس وتوسيع نطاق عملياتها ضد الاحتلال. كان له دور بارز في التخطيط وتنفيذ العديد من العمليات التي استهدفت جنودًا ومواقع عسكرية إسرائيلية. هذه الأنشطة النضالية جعلته هدفًا رئيسيًا لأجهزة الأمن الإسرائيلية.
الاعتقال والسجن: سنوات في الزنازين الإسرائيلية
في عام 1988، تم اعتقال يحيى السنوار من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي، وحُكم عليه بالسجن المؤبد أربع مرات بتهمة قتل جنود إسرائيليين والتخطيط لعمليات عسكرية. قضى السنوار أكثر من 23 عامًا في السجون الإسرائيلية، وهي فترة طويلة تركت أثرًا عميقًا على شخصيته وفكره. خلال فترة الاعتقال، لم ينقطع السنوار عن التواصل مع قيادات حماس في الخارج، واستمر في لعب دور فعال في توجيه الحركة من داخل السجن.
اكتسب السنوار خلال فترة اعتقاله خبرة واسعة في إدارة الصراعات والتفاوض مع الجانب الإسرائيلي. كما تمكن من بناء علاقات قوية مع العديد من الأسرى الفلسطينيين من مختلف الفصائل، مما ساهم في تعزيز الوحدة الوطنية داخل السجون. يُذكر أن السنوار كان يتحدث العبرية بطلاقة، مما مكنه من فهم طبيعة التفكير الإسرائيلي والتأثير على مجريات الأحداث داخل السجن.
التحرر في صفقة وفاء الأحرار
في عام 2011، تم الإفراج عن يحيى السنوار في صفقة تبادل الأسرى التي عُرفت بـ صفقة وفاء الأحرار أو صفقة شاليط، والتي تم بموجبها الإفراج عن أكثر من 1000 أسير فلسطيني مقابل الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط. كان الإفراج عن السنوار بمثابة انتصار كبير لحركة حماس، وعودة قوية لقائد مخضرم إلى الساحة الفلسطينية.
بعد الإفراج عنه، عاد السنوار إلى قطاع غزة واستُقبل استقبال الأبطال. سرعان ما انخرط في العمل التنظيمي والسياسي لحماس، وبدأ في استعادة موقعه القيادي داخل الحركة. كان واضحًا أن السنوار يحمل رؤية جديدة لتطوير الحركة وتعزيز قدراتها في مواجهة التحديات المتزايدة.
رئيسًا للمكتب السياسي لحماس في غزة
في عام 2017، انتُخب يحيى السنوار رئيسًا للمكتب السياسي لحركة حماس في قطاع غزة. كان هذا الاختيار بمثابة تتويج لمسيرته النضالية الطويلة، وتعبيرًا عن ثقة قيادات الحركة في قدرته على قيادة حماس في هذه المرحلة الحساسة. يُعتبر السنوار من الجيل المؤسس لحركة حماس، ويحظى باحترام كبير من قبل كوادر الحركة وأنصارها.
تولي السنوار رئاسة المكتب السياسي تزامن مع تحديات كبيرة تواجه قطاع غزة، بما في ذلك الحصار الإسرائيلي المستمر، والأزمات الاقتصادية والإنسانية المتفاقمة، والانقسام السياسي بين حركتي حماس وفتح. سعى السنوار منذ توليه منصبه إلى إيجاد حلول لهذه التحديات، وتعزيز صمود الشعب الفلسطيني في قطاع غزة.
أيديولوجية السنوار ومواقفه السياسية
يُعتبر يحيى السنوار من الشخصيات القيادية البارزة في حركة حماس التي تؤمن بالمقاومة المسلحة كخيار استراتيجي لتحرير فلسطين. يؤكد السنوار على ضرورة الوحدة الوطنية الفلسطينية لمواجهة الاحتلال الإسرائيلي، ويدعو إلى تشكيل جبهة موحدة تضم جميع الفصائل الفلسطينية.
يتبنى السنوار مواقف حازمة تجاه إسرائيل، ويرفض أي تسوية لا تلبي المطالب الفلسطينية العادلة، وعلى رأسها حق العودة وإقامة دولة فلسطينية مستقلة عاصمتها القدس. يُعرف عن السنوار صراحته ووضوحه في التعبير عن مواقفه، وعدم تردده في انتقاد السياسات الإسرائيلية التي تستهدف الشعب الفلسطيني.
في الوقت نفسه، يُظهر السنوار انفتاحًا على الحوار مع الأطراف الإقليمية والدولية بهدف تخفيف الحصار عن قطاع غزة وتحسين الأوضاع المعيشية للسكان. يسعى السنوار إلى بناء علاقات قوية مع الدول العربية والإسلامية الداعمة للقضية الفلسطينية، ويعتبر أن الدعم العربي والإسلامي ضروري لتعزيز صمود الشعب الفلسطيني في وجه الاحتلال.
التحديات التي تواجه السنوار
يواجه يحيى السنوار العديد من التحديات الصعبة كرئيس للمكتب السياسي لحماس في غزة. من أبرز هذه التحديات:
- الحصار الإسرائيلي: يستمر الحصار الإسرائيلي المفروض على قطاع غزة منذ أكثر من 15 عامًا في التسبب بمعاناة إنسانية واقتصادية كبيرة للسكان. يسعى السنوار إلى رفع الحصار عن غزة وتوفير الاحتياجات الأساسية للسكان.
- الأزمات الاقتصادية والإنسانية: يعاني قطاع غزة من ارتفاع معدلات البطالة والفقر وانعدام الأمن الغذائي. يعمل السنوار على إيجاد حلول للأزمات الاقتصادية والإنسانية في غزة وتحسين الأوضاع المعيشية للسكان.
- الانقسام السياسي: يُعتبر الانقسام السياسي بين حركتي حماس وفتح من أبرز التحديات التي تواجه القضية الفلسطينية. يسعى السنوار إلى تحقيق المصالحة الوطنية وإنهاء الانقسام السياسي.
- الضغوط الإقليمية والدولية: تتعرض حركة حماس لضغوط كبيرة من قبل بعض الأطراف الإقليمية والدولية للتخلي عن المقاومة المسلحة والاعتراف بإسرائيل. يرفض السنوار هذه الضغوط ويؤكد على حق الشعب الفلسطيني في مقاومة الاحتلال بكل الوسائل المتاحة.
- التهديدات الأمنية: يواجه قطاع غزة تهديدات أمنية مستمرة من قبل إسرائيل، بما في ذلك الغارات الجوية والعمليات العسكرية. يعمل السنوار على تعزيز قدرات المقاومة الفلسطينية لحماية الشعب الفلسطيني من العدوان الإسرائيلي.
مستقبل حماس في ظل قيادة السنوار
من الصعب التكهن بمستقبل حركة حماس في ظل قيادة يحيى السنوار بشكل قاطع، ولكن يمكن القول إن السنوار يتمتع بشخصية قوية وحضور طاغٍ، وقادر على قيادة الحركة في هذه المرحلة الحساسة. من المتوقع أن يستمر السنوار في التركيز على تعزيز القدرات العسكرية لحماس والحفاظ على خيار المقاومة المسلحة كخيار استراتيجي. كما من المتوقع أن يسعى السنوار إلى تحقيق الوحدة الوطنية الفلسطينية وتخفيف الحصار عن قطاع غزة وتحسين الأوضاع المعيشية للسكان.
يبقى أن نرى كيف ستتطور الأحداث في المستقبل، وما إذا كان السنوار سيتمكن من تحقيق أهدافه في ظل التحديات الكبيرة التي تواجه قطاع غزة والقضية الفلسطينية بشكل عام. إلا أن المؤكد هو أن يحيى السنوار سيظل شخصية محورية في المشهد السياسي الفلسطيني، وسيكون له تأثير كبير على مستقبل حركة حماس والصراع الفلسطيني الإسرائيلي.
مقالات مرتبطة
Youtube
مدة القراءة
Youtube
مدة القراءة