علي منصور كيالي الله خلقنا للغواية و ليس للعبادة
تحليل ومناقشة فيديو علي منصور كيالي: الله خلقنا للغواية وليس للعبادة
يثير فيديو اليوتيوب بعنوان علي منصور كيالي الله خلقنا للغواية و ليس للعبادة (الرابط: https://www.youtube.com/watch?v=amLYXTkGlgE) جدلاً واسعاً نظراً للطرح الذي يقدمه الدكتور علي منصور كيالي، الباحث السوري في مجال الإعجاز العلمي في القرآن الكريم. الفيديو، وإن كان يحمل عنواناً استفزازياً للوهلة الأولى، يحاول تقديم تفسير مختلف للغرض من خلق الإنسان في ضوء الآيات القرآنية، مع التركيز على مفهوم الابتلاء والاختبار.
ملخص لأهم أفكار الفيديو
يقوم الدكتور كيالي في الفيديو بعرض رؤيته حول الغاية من خلق الإنسان، والتي يختلف فيها عن التصور التقليدي الشائع بأن الغاية الأساسية هي العبادة. فهو يرى أن الله سبحانه وتعالى خلق الإنسان ليكون في حالة اختبار دائم، وأن هذا الاختبار يتمثل في مواجهة الغواية والشهوات والملذات الدنيوية. ويستند في طرحه هذا إلى مجموعة من الآيات القرآنية التي تتحدث عن الابتلاء والفتنة والامتحان، معتبراً أن العبادة هي جزء من هذا الاختبار وليست الغاية النهائية بحد ذاتها.
يؤكد كيالي أن الله قادر على أن يخلق ملائكة يعبدونه دون مخالفة، لكنه اختار خلق الإنسان ومنحه حرية الاختيار، وهذا الاختيار هو جوهر الابتلاء. فالاختيار بين الخير والشر، بين الحق والباطل، بين الاستقامة والانحراف، هو الذي يحدد مصير الإنسان. وبالتالي، فإن الغواية ليست شيئاً سلبياً بالكامل، بل هي ضرورية لكي يتحقق هذا الاختبار وتتجلى إرادة الإنسان الحرة.
يضيف كيالي أن الله لم يخلق الشر، وإنما خلق الخير، ولكن وجود حرية الاختيار للإنسان يستلزم وجود إمكانية الانحراف عن الخير، وهو ما نسميه بالشر. فالشر ليس خلقاً من الله، بل هو نتيجة لسوء استخدام الإنسان لحريته واختياره.
تحليل ونقد لأفكار كيالي
لا شك أن طرح الدكتور كيالي يثير العديد من التساؤلات والاستشكالات، ويتطلب تحليلاً دقيقاً ونقداً بناءً. ففي حين أن فكرة الابتلاء والاختبار تعتبر من الركائز الأساسية في العقيدة الإسلامية، إلا أن اعتبار الغواية هي الغاية من الخلق قد يبدو منافياً للتصور العام للعبادة كغاية أساسية.
أولاً: مفهوم العبادة: من المهم التمييز بين مفهوم العبادة بمعناه الضيق، الذي يقتصر على أداء الشعائر الدينية كالصلة والصوم والحج، وبين مفهوم العبادة بمعناه الواسع والشامل، الذي يشمل كل ما يفعله الإنسان من أعمال صالحة تهدف إلى إرضاء الله، سواء كانت عبادات شعائرية أو معاملات إنسانية أو حتى أعمال دنيوية مشروعة. فإذا كان كيالي يقصد بالعبادة تلك الشعائرية الضيقة، فإن تركيزه على الابتلاء والاختبار قد يكون له ما يبرره. أما إذا كان يقصد بالعبادة المعنى الشامل، فإن اعتبار الغواية هي الغاية من الخلق يبدو أمراً غير مقبول، لأن العبادة بهذا المعنى هي الغاية القصوى التي يسعى إليها المؤمن.
ثانياً: دور العقل والإرادة: يؤكد كيالي على دور العقل والإرادة في اختيار طريق الخير والابتعاد عن الشر. وهذا صحيح، فالإنسان ليس مجبراً على فعل الشر، بل هو مخير بين طريقين. ولكن يجب ألا ننسى أن العقل والإرادة ليسا كافيين وحدهما لتحقيق الهداية. فالهداية هي فضل من الله، يمنحه لمن يشاء من عباده. فالله هو الذي يهدي إلى صراطه المستقيم، وهو الذي يعين الإنسان على الثبات على الحق.
ثالثاً: موازنة بين الدنيا والآخرة: يركز كيالي على أهمية مواجهة الغواية في الدنيا، ولكنه لا يولي اهتماماً كافياً لأهمية الاستعداد للآخرة. فالدنيا ليست هي كل شيء، بل هي مجرد مرحلة مؤقتة في رحلة الإنسان نحو الخلود. والغاية النهائية هي الفوز برضا الله ودخول الجنة. وبالتالي، يجب على الإنسان أن يوازن بين اهتمامه بالدنيا واهتمامه بالآخرة، وأن يعمل للدنيا كأنه يعيش أبداً، ويعمل للآخرة كأنه يموت غداً.
رابعاً: خطر الاستسلام للغواية: قد يفهم البعض من كلام كيالي أن الغواية هي أمر ضروري ومحمود، وأن الاستسلام لها ليس بالضرورة أمراً سلبياً. وهذا فهم خاطئ، فالغواية هي خطر يهدد الإنسان، ويجب عليه أن يحذر منها وأن يسعى جاهداً لمقاومتها. فالاستسلام للغواية يؤدي إلى الانحراف عن طريق الحق والوقوع في المعاصي والذنوب، وهو ما يسبب خسارة الدنيا والآخرة.
خلاصة
إن طرح الدكتور علي منصور كيالي في فيديو الله خلقنا للغواية و ليس للعبادة يثير نقاشاً هاماً حول الغاية من خلق الإنسان. ورغم أن عنوان الفيديو قد يبدو استفزازياً، إلا أن الطرح الذي يقدمه كيالي يحمل في طياته بعض الأفكار القيّمة التي تستحق التأمل والتدبر. ففكرة الابتلاء والاختبار هي فكرة أساسية في العقيدة الإسلامية، ويجب على الإنسان أن يدرك أهميتها وأن يسعى جاهداً لاجتياز هذا الاختبار بنجاح.
ومع ذلك، يجب ألا ننسى أن العبادة بمعناها الشامل هي الغاية القصوى التي يسعى إليها المؤمن، وأن الاستعداد للآخرة هو أمر لا يقل أهمية عن مواجهة الغواية في الدنيا. فالتوازن بين الدنيا والآخرة، وبين العبادة والابتلاء، هو مفتاح السعادة والفلاح في الدارين.
وفي الختام، يجب التأكيد على أن هذا المقال يمثل مجرد تحليل ونقد لأفكار الدكتور كيالي، ولا يهدف إلى التقليل من شأنه أو الإساءة إليه. فالنقاش العلمي البناء هو سبيلنا نحو فهم أعمق وأشمل للحقائق الدينية.
مقالات مرتبطة
Youtube
مدة القراءة
Youtube
مدة القراءة
Youtube
مدة القراءة