قراءة عسكرية 120 يوما من العدوان الإسرائيلي على غزة
قراءة عسكرية في 120 يوما من العدوان الإسرائيلي على غزة
شكل العدوان الإسرائيلي المستمر على قطاع غزة، والذي تجاوز 120 يومًا حتى الآن، نقطة تحول مفصلية في تاريخ الصراع الفلسطيني الإسرائيلي. هذا العدوان، الذي خلف دمارًا واسع النطاق وخسائر فادحة في الأرواح، يستدعي تحليلًا عسكريًا دقيقًا لفهم الأهداف الاستراتيجية والنتائج العملياتية والتداعيات الجيوسياسية المترتبة عليه. هذا المقال يسعى إلى تقديم قراءة عسكرية شاملة لهذا العدوان، مستندًا إلى التحليلات المتاحة والمعلومات المنشورة، مع الأخذ في الاعتبار التحديات التي تواجه الوصول إلى معلومات دقيقة وموثوقة في ظل ظروف الحرب.
الأهداف الاستراتيجية للعدوان الإسرائيلي
منذ اللحظات الأولى للعدوان، أعلنت إسرائيل عن أهداف استراتيجية متعددة، أبرزها:
- القضاء على حركة حماس وقدراتها العسكرية: يعتبر هذا الهدف هو المحرك الأساسي للعملية العسكرية، ويهدف إلى إزالة حماس من السلطة وتقويض قدراتها الصاروخية والهجومية.
- تحقيق الأمن للمواطنين الإسرائيليين: يهدف هذا الهدف إلى خلق منطقة عازلة على الحدود مع غزة ومنع تكرار الهجمات الصاروخية وعمليات التسلل.
- استعادة الردع الإسرائيلي: يهدف هذا الهدف إلى إرسال رسالة قوية إلى الفاعلين الإقليميين والدوليين مفادها أن إسرائيل قادرة على حماية مصالحها وفرض إرادتها.
- تغيير الواقع السياسي في غزة: يشمل هذا الهدف إيجاد بديل لحماس في حكم غزة، سواء من خلال تشكيل حكومة وحدة وطنية أو من خلال دعم فصائل فلسطينية أخرى.
لكن تحقيق هذه الأهداف على أرض الواقع يواجه تحديات كبيرة، خاصة في ظل طبيعة حركة حماس كحركة مقاومة متجذرة في المجتمع الفلسطيني، وقدرتها على التكيف مع الظروف الصعبة، واستمرارها في إطلاق الصواريخ وتنفيذ عمليات ضد القوات الإسرائيلية.
العمليات العسكرية والتكتيكات المستخدمة
اعتمدت إسرائيل في عدوانها على غزة على مجموعة من العمليات العسكرية والتكتيكات، أبرزها:
- القصف الجوي المكثف: شكل القصف الجوي المكثف الدعامة الأساسية للعملية العسكرية الإسرائيلية، حيث استهدفت الطائرات الإسرائيلية آلاف الأهداف في غزة، بما في ذلك المباني السكنية والمستشفيات والمدارس والبنية التحتية المدنية.
- العمليات البرية: شنت القوات الإسرائيلية عمليات برية محدودة في مناطق مختلفة من غزة، بهدف تدمير الأنفاق والمخازن العسكرية التابعة لحماس، والاشتباك مع المقاتلين الفلسطينيين.
- الحصار الشامل: فرضت إسرائيل حصارًا شاملاً على قطاع غزة، ومنعت دخول المواد الغذائية والأدوية والوقود والمساعدات الإنسانية، مما أدى إلى تفاقم الأوضاع الإنسانية المتردية بالفعل.
- استخدام التكنولوجيا المتقدمة: استخدمت إسرائيل التكنولوجيا المتقدمة في عملياتها العسكرية، بما في ذلك الطائرات بدون طيار والروبوتات وأنظمة الاستشعار المتطورة.
في المقابل، اعتمدت حركة حماس والفصائل الفلسطينية الأخرى على مجموعة من التكتيكات الدفاعية، أبرزها:
- حرب الأنفاق: تعتبر الأنفاق هي السلاح الاستراتيجي لحماس، حيث تستخدمها لنقل المقاتلين والأسلحة والمؤن، وللهجوم على القوات الإسرائيلية.
- إطلاق الصواريخ: أطلقت حماس آلاف الصواريخ على المدن والبلدات الإسرائيلية، بهدف إلحاق الضرر بالاقتصاد الإسرائيلي وإثارة الذعر في صفوف السكان.
- الكمائن والهجمات المباغتة: نفذت حماس كمائن وهجمات مباغتة ضد القوات الإسرائيلية، بهدف إيقاع أكبر عدد من الخسائر في صفوفها.
- الدفاع عن المدنيين: بذلت حماس جهودًا لحماية المدنيين من القصف الإسرائيلي، من خلال توفير الملاجئ والمساعدات الإنسانية.
النتائج العملياتية للعدوان
أسفر العدوان الإسرائيلي على غزة عن نتائج عملياتية متباينة، يمكن تلخيصها على النحو التالي:
- خسائر فادحة في الأرواح: أدى العدوان إلى استشهاد وإصابة عشرات الآلاف من الفلسطينيين، معظمهم من المدنيين، بمن فيهم الأطفال والنساء.
- دمار واسع النطاق: تسبب القصف الإسرائيلي في تدمير آلاف المباني السكنية والمؤسسات المدنية والبنية التحتية في غزة.
- تفاقم الأزمة الإنسانية: أدى الحصار الإسرائيلي إلى تفاقم الأزمة الإنسانية في غزة، حيث يعاني السكان من نقص حاد في المواد الغذائية والأدوية والمياه النظيفة والكهرباء.
- تقويض القدرات العسكرية لحماس: تمكنت إسرائيل من تدمير بعض الأنفاق والمخازن العسكرية التابعة لحماس، وقتل عدد من قادتها ومقاتليها.
- فشل إسرائيل في تحقيق أهدافها الاستراتيجية: لم تتمكن إسرائيل من القضاء على حركة حماس أو تغيير الواقع السياسي في غزة، ولا يزال التهديد الصاروخي قائمًا.
التداعيات الجيوسياسية للعدوان
للعدوان الإسرائيلي على غزة تداعيات جيوسياسية واسعة النطاق، يمكن تلخيصها على النحو التالي:
- تدهور صورة إسرائيل الدولية: أدى العدوان إلى تدهور صورة إسرائيل الدولية، حيث تعرضت لانتقادات واسعة النطاق بسبب استخدامها المفرط للقوة واستهدافها للمدنيين.
- زيادة الدعم للقضية الفلسطينية: أدى العدوان إلى زيادة الدعم للقضية الفلسطينية في جميع أنحاء العالم، حيث خرجت مظاهرات حاشدة تندد بالعدوان وتدعو إلى إنهاء الاحتلال.
- تعزيز دور الفاعلين الإقليميين: أدى العدوان إلى تعزيز دور الفاعلين الإقليميين، مثل مصر وقطر، في الوساطة بين إسرائيل وحماس.
- تأثير على العلاقات العربية الإسرائيلية: أثر العدوان سلبًا على العلاقات العربية الإسرائيلية، حيث أعلنت بعض الدول العربية تجميد العلاقات مع إسرائيل.
- زيادة التوتر في المنطقة: أدى العدوان إلى زيادة التوتر في المنطقة، حيث تصاعدت حدة الخطاب بين إسرائيل وإيران وحزب الله.
الخلاصة
يمثل العدوان الإسرائيلي على غزة، الذي تجاوز 120 يومًا، فصلًا مأساويًا في تاريخ الصراع الفلسطيني الإسرائيلي. لقد خلف هذا العدوان دمارًا واسع النطاق وخسائر فادحة في الأرواح، وفاقم الأزمة الإنسانية في غزة، وأدى إلى تدهور صورة إسرائيل الدولية، وزيادة الدعم للقضية الفلسطينية، وتعزيز دور الفاعلين الإقليميين، وزيادة التوتر في المنطقة. على الرغم من أن إسرائيل تمكنت من تقويض بعض القدرات العسكرية لحماس، إلا أنها فشلت في تحقيق أهدافها الاستراتيجية الرئيسية، ولا يزال الصراع مستمرًا.
إن الحل العادل والشامل للقضية الفلسطينية، والذي يقوم على أساس حل الدولتين وإقامة دولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة على حدود عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، هو السبيل الوحيد لتحقيق السلام والاستقرار في المنطقة. يجب على المجتمع الدولي أن يتحمل مسؤولياته في الضغط على إسرائيل لإنهاء الاحتلال ورفع الحصار عن غزة والالتزام بقرارات الشرعية الدولية.
لمشاهدة تحليل إضافي، يمكنكم زيارة الرابط التالي: https://www.youtube.com/watch?v=JDcm-qWkzJM
مقالات مرتبطة
Youtube
مدة القراءة
Youtube
مدة القراءة