Now

عباس عراقجي واشنطن لم تتمكن من إفشال الاتفاق النووي منذ خروجها منه

تحليل لتصريحات عباس عراقجي حول الاتفاق النووي: واشنطن لم تتمكن من إفشال الاتفاق النووي منذ خروجها منه

يثير فيديو اليوتيوب المنشور على الرابط (https://www.youtube.com/watch?v=4k8rPnCmPK4) تصريحات لعباس عراقجي، نائب وزير الخارجية الإيراني السابق، حول الاتفاق النووي، أو ما يعرف رسمياً بخطة العمل الشاملة المشتركة (JCPOA)، وما يتعلق بقدرة واشنطن على إفشال الاتفاق بعد انسحابها منه. هذه التصريحات تحمل في طياتها دلالات عميقة حول تقييم إيران للوضع الحالي للاتفاق، واستراتيجيتها المستقبلية، وعلاقاتها مع القوى العالمية الأخرى.

لفهم هذه التصريحات بشكل كامل، يجب أولاً أن نستعرض السياق التاريخي والسياسي للاتفاق النووي. تم توقيع الاتفاق في عام 2015 بين إيران ومجموعة 5+1 (الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة بالإضافة إلى ألمانيا)، ويهدف إلى الحد من برنامج إيران النووي مقابل رفع العقوبات الاقتصادية المفروضة عليها. اعتبر الاتفاق إنجازاً دبلوماسياً كبيراً في حينه، ومثالاً على إمكانية حل النزاعات المعقدة عبر الحوار والتفاوض.

إلا أن هذا الإنجاز لم يدم طويلاً. في عام 2018، أعلن الرئيس الأمريكي آنذاك، دونالد ترامب، انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق، معتبراً إياه أسوأ اتفاق على الإطلاق. تبع ذلك إعادة فرض عقوبات اقتصادية مشددة على إيران، بهدف الضغط عليها للتفاوض على اتفاق جديد يشمل قيوداً أكثر صرامة على برنامجها النووي وبرنامجها الصاروخي وسلوكها الإقليمي. هذا الانسحاب شكّل ضربة قوية للاتفاق النووي، وأثار تساؤلات حول مستقبله.

تصريحات عباس عراقجي التي يشير إليها الفيديو تأتي في هذا السياق المعقد. فحين يقول إن واشنطن لم تتمكن من إفشال الاتفاق النووي منذ خروجها منه، فإنه يقدم تقييماً محدداً للوضع الراهن. يمكن تحليل هذا التقييم من عدة زوايا:

  • الزاوية الأولى: بقاء الاتفاق قائماً من الناحية الشكلية: على الرغم من الانسحاب الأمريكي والعقوبات المفروضة، فإن الاتفاق النووي لا يزال قائماً من الناحية الشكلية. الدول الأوروبية الموقعة على الاتفاق (بريطانيا وفرنسا وألمانيا)، بالإضافة إلى روسيا والصين، لا تزال ملتزمة به، على الأقل من الناحية النظرية. هذه الدول تسعى جاهدة للحفاظ على الاتفاق، وإن كان ذلك يواجه صعوبات كبيرة بسبب العقوبات الأمريكية التي تعيق التجارة والاستثمار مع إيران.
  • الزاوية الثانية: استمرار إيران في بعض جوانب البرنامج النووي: بعد الانسحاب الأمريكي، بدأت إيران تدريجياً في التراجع عن بعض التزاماتها بموجب الاتفاق، كرد فعل على العقوبات الأمريكية وعدم وفاء الأطراف الأخرى بالتزاماتها الاقتصادية. ومع ذلك، لم تنسحب إيران بشكل كامل من الاتفاق، وما زالت تسمح لمفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية بالوصول إلى مواقعها النووية، وإن كان ذلك مع بعض القيود.
  • الزاوية الثالثة: فشل الضغط الأقصى الأمريكي: يمكن اعتبار تصريحات عراقجي بمثابة اعتراف ضمني بفشل استراتيجية الضغط الأقصى التي اتبعتها إدارة ترامب. على الرغم من العقوبات الشديدة، لم تستسلم إيران ولم ترضخ لمطالب واشنطن بالتفاوض على اتفاق جديد بشروط أمريكية. بل على العكس، زادت إيران من تطوير برنامجها النووي، ووسعت نفوذها الإقليمي.
  • الزاوية الرابعة: تغيير الإدارة الأمريكية: مع وصول إدارة جو بايدن إلى السلطة في الولايات المتحدة، ظهرت إشارات إلى إمكانية العودة إلى الاتفاق النووي. دخلت الولايات المتحدة وإيران في مفاوضات غير مباشرة بوساطة أوروبية في فيينا، بهدف التوصل إلى اتفاق على العودة المتبادلة إلى الامتثال الكامل للاتفاق. على الرغم من أن هذه المفاوضات واجهت صعوبات وعقبات، إلا أنها تشير إلى أن الاتفاق النووي لا يزال يحظى بفرصة للبقاء.

إلا أن تصريحات عراقجي لا تخلو من بعض التحفظات. فمن ناحية، قد تكون هذه التصريحات محاولة لتقديم صورة إيجابية للوضع الحالي، وتخفيف الضغوط الداخلية على الحكومة الإيرانية. ومن ناحية أخرى، قد تكون أيضاً رسالة إلى الأطراف الأخرى في الاتفاق، مفادها أن إيران لن تتنازل عن حقوقها، وأنها لن تقبل بأي اتفاق جديد يفرض عليها قيوداً إضافية. يجب أيضاً أن نضع في الاعتبار أن تصريحات عراقجي تعكس وجهة نظر شخصية، وقد لا تعكس بالضرورة وجهة النظر الرسمية للدولة الإيرانية.

بالإضافة إلى ذلك، يجب أن ننظر إلى تصريحات عراقجي في سياق أوسع من التنافس الإقليمي بين إيران والولايات المتحدة وحلفائها. فالصراع على النفوذ في منطقة الشرق الأوسط يلعب دوراً كبيراً في تحديد مصير الاتفاق النووي. فبعض دول المنطقة، مثل إسرائيل والسعودية، تعارض بشدة الاتفاق النووي، وتعتبره تهديداً لأمنها القومي. هذه الدول تسعى جاهدة لتقويض الاتفاق، وإقناع الولايات المتحدة بعدم العودة إليه.

في الختام، يمكن القول إن تصريحات عباس عراقجي حول الاتفاق النووي تحمل في طياتها دلالات مهمة حول تقييم إيران للوضع الحالي للاتفاق، واستراتيجيتها المستقبلية، وعلاقاتها مع القوى العالمية الأخرى. هذه التصريحات تشير إلى أن إيران تعتقد أن الولايات المتحدة لم تتمكن من إفشال الاتفاق بشكل كامل، وأن الاتفاق لا يزال يحظى بفرصة للبقاء. ومع ذلك، يجب أن ننظر إلى هذه التصريحات بحذر، ونضعها في سياق أوسع من التنافس الإقليمي والدولي. مستقبل الاتفاق النووي لا يزال غير واضح، وسيعتمد على العديد من العوامل، بما في ذلك نتائج المفاوضات الجارية، والسياسات التي ستتبعها الإدارات الأمريكية والإيرانية القادمة، والتطورات الإقليمية والدولية.

التحليل السابق هو محاولة لفهم التصريحات الواردة في الفيديو. ومع ذلك، من المهم الاطلاع على الفيديو نفسه والاستماع إلى التصريحات كاملة، من أجل فهم السياق بشكل أفضل وتكوين رأي مستقل.

مقالات مرتبطة

الجيش الإسرائيلي مقتل 4 ضباط أحدهم برتبة رائد و3 برتبة ملازم في رفح جنوبي قطاع غزة

كيف يُقرأ التصعيد الإسرائيلي الجديد على لبنان

مصدر قيادي بحزب الله للجزيرة الاعتداءات فرصة لتوحيد اللبنانيين ووقف العدوان أولوية قبل أي شيء آخر

إسرائيل تصعد في جنوب لبنان ما وراء الخبر يناقش رسائل التصعيد

مصادر عسكرية للجزيرة الدعم السريع يقصف بالمدفعية الثقيلة مراكز الإيواء وحيي أبو شوك ودرجة

المبعوث الأممي إلى سوريا للجزيرة ما تقوم به إسرائيل في سوريا مؤذ ومضر

الناطق العسكري باسم أنصار الله قصفنا هدفا عسكريا في يافا المحتلة بصاروخ باليستي فرط صوتي

عمليات بارزة على الحدود الأردنية الإسرائيلية من الدقامسة إلى معبر اللنبي تعرف إليها

وول ستريت جورنال عن مسؤولين ترمب أخبر مساعديه أن نتنياهو يُفضل استخدام القوة بدلا من التفاوض

في حفل موسيقي عالمي قائد أوركسترا إسرائيلي يهاجم حرب غزة

مسار الأحداثالاحتلال يواصل عملياته بمدينة غزة وعمليات متعددة ضد أهداف إسرائيلية

الخارجية الأردنية تدين إطلاق النار على جسر اللنبي وتفتح تحقيقا عاجلا