العدو الأول لإسرائيل وقائد حماس الأبرز محطات في حياة يحيى السنوار
العدو الأول لإسرائيل وقائد حماس الأبرز: محطات في حياة يحيى السنوار
يشكل يحيى السنوار، الاسم اللامع في قيادة حركة المقاومة الإسلامية حماس، لغزاً محيراً للعديد من المراقبين والمحللين، فهو شخصية عصية على الفهم السطحي، تجمع بين الصلابة الأيديولوجية والبراغماتية التكتيكية، وبين الصورة النمطية للقيادي العسكري المحنك والرجل السياسي الذي يجيد المناورة في ساحات معقدة. هذا المقال، مستلهماً من الفيديو المعنون العدو الأول لإسرائيل وقائد حماس الأبرز محطات في حياة يحيى السنوار، والذي يمكن الوصول إليه عبر الرابط: https://www.youtube.com/watch?v=iAVK-5KoSVQ، يسعى إلى استكشاف أبرز المحطات في حياة هذا القائد المثير للجدل، مع التركيز على الخلفية التي شكلت وعيه، والتطورات التي قادته إلى صدارة المشهد الفلسطيني.
النشأة والتكوين: جذور في خان يونس
ولد يحيى إبراهيم حسن السنوار في العام 1962 في مخيم خان يونس للاجئين، جنوب قطاع غزة. هذه النشأة في المخيم، بكل ما تحمله من رمزية للتهجير والفقر والمعاناة، تركت بصمة عميقة في شخصيته ورؤيته للعالم. عايش السنوار منذ صغره مرارة الاحتلال الإسرائيلي، وشهد عن كثب القمع والانتهاكات التي يتعرض لها الفلسطينيون. هذه التجربة المبكرة ساهمت بشكل كبير في تشكيل وعيه السياسي وتوجهه نحو المقاومة.
تلقى السنوار تعليمه في مدارس وكالة الغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) في خان يونس، ثم التحق بالجامعة الإسلامية في غزة لدراسة اللغة العربية. خلال فترة دراسته الجامعية، نشط في صفوف الحركة الإسلامية، وانخرط في الأنشطة الطلابية التي كانت تهدف إلى نشر الوعي الوطني والديني. هذه الفترة شكلت محطة مهمة في صقل مهاراته القيادية والتنظيمية، وساهمت في تعزيز ارتباطه بالقضية الفلسطينية.
الانخراط في العمل المقاوم: تأسيس المجد ثم حماس
في منتصف الثمانينات، بدأ السنوار نشاطه في العمل المقاوم بشكل مباشر. شارك في تأسيس جهاز المجد، وهو الجهاز الأمني التابع لحركة المقاومة الإسلامية حماس قبل إعلان تأسيسها رسمياً. كان المجد يهدف إلى مكافحة ما أسماه العملاء الذين يتعاونون مع الاحتلال الإسرائيلي، وفرض النظام والأمن في المناطق التي تسيطر عليها الحركة. هذا الدور الأمني المبكر أكسب السنوار خبرة واسعة في العمل السري والتنظيم العسكري.
بعد تأسيس حركة حماس في العام 1987، أصبح السنوار عضواً بارزاً في صفوفها. لعب دوراً محورياً في تطوير الجناح العسكري للحركة، والذي عرف لاحقاً باسم كتائب الشهيد عز الدين القسام. شارك في التخطيط وتنفيذ العديد من العمليات العسكرية ضد أهداف إسرائيلية، مما جعله هدفاً رئيسياً لقوات الأمن الإسرائيلية.
الاعتقال والسجن: سنوات خلف القضبان
في العام 1988، اعتقلت قوات الأمن الإسرائيلية يحيى السنوار، وحكم عليه بالسجن المؤبد أربع مرات بتهمة قتل جنود إسرائيليين والضلوع في أنشطة عسكرية. قضى السنوار أكثر من عقدين في السجون الإسرائيلية، وهي الفترة التي شكلت تحولاً كبيراً في حياته. داخل السجن، اكتسب السنوار احتراماً كبيراً من قبل الأسرى الفلسطينيين، وأصبح رمزاً للصمود والتحدي. استغل فترة سجنه لتعلم اللغة العبرية ودراسة المجتمع الإسرائيلي، مما منحه رؤية أعمق لطبيعة الصراع.
خلال فترة سجنه، شارك السنوار في العديد من الإضرابات عن الطعام والاحتجاجات التي نظمها الأسرى الفلسطينيون للمطالبة بتحسين ظروف اعتقالهم. لعب دوراً مهماً في تنظيم صفوف الأسرى وتعزيز وحدتهم، وحافظ على ارتباطه بالحركة في الخارج من خلال شبكة اتصالات سرية.
الإفراج والعودة إلى غزة: قيادة حماس
في العام 2011، أفرج عن يحيى السنوار في إطار صفقة تبادل الأسرى بين حركة حماس وإسرائيل، والتي عرفت باسم صفقة شاليط. عاد السنوار إلى قطاع غزة كبطل قومي، واستقبل استقبالاً حافلاً من قبل أنصار الحركة وعموم الفلسطينيين. بعد عودته، انخرط السنوار في العمل السياسي والتنظيمي بشكل مكثف، وسرعان ما صعد إلى أعلى المناصب القيادية في حركة حماس.
في العام 2017، انتخب يحيى السنوار رئيساً للمكتب السياسي لحركة حماس في قطاع غزة، وهو المنصب الذي يجعله القائد الفعلي للحركة في القطاع. منذ توليه هذا المنصب، اتبع السنوار سياسة تجمع بين التشدد في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي والانفتاح على الحوار مع الفصائل الفلسطينية الأخرى والسعي إلى تحقيق المصالحة الوطنية.
الرؤية السياسية والاستراتيجية: بين المقاومة والبراغماتية
يتبنى يحيى السنوار رؤية سياسية واستراتيجية تقوم على أساس الجمع بين المقاومة المسلحة كخيار استراتيجي لمواجهة الاحتلال الإسرائيلي، والبراغماتية في التعامل مع الواقع السياسي والاقتصادي في قطاع غزة. يؤمن السنوار بأن المقاومة هي الوسيلة الوحيدة لتحقيق الحقوق الوطنية الفلسطينية، ويعتبر أن أي حل سياسي يجب أن يستند إلى الاعتراف بحقوق الفلسطينيين غير القابلة للتصرف، وعلى رأسها حق العودة وتقرير المصير.
في الوقت نفسه، يدرك السنوار التحديات التي تواجه قطاع غزة، ويعمل على تحسين الأوضاع المعيشية للسكان من خلال السعي إلى تحقيق التهدئة مع إسرائيل وتخفيف الحصار المفروض على القطاع. يدعو السنوار إلى الوحدة الوطنية الفلسطينية، ويعتبر أن تحقيق المصالحة بين حركتي حماس وفتح هو ضرورة قصوى لمواجهة التحديات التي تواجه القضية الفلسطينية.
إرث السنوار وتأثيره المستقبلي
يبقى يحيى السنوار شخصية مثيرة للجدل، لكن لا يمكن إنكار تأثيره الكبير على حركة حماس وعلى المشهد الفلسطيني بشكل عام. يعتبره البعض رمزاً للمقاومة والصمود، بينما يراه آخرون تهديداً للأمن والاستقرار في المنطقة. بغض النظر عن وجهة النظر، فإن السنوار يمثل قوة فاعلة لا يمكن تجاهلها، ومن المرجح أن يستمر في لعب دور محوري في مستقبل القضية الفلسطينية.
إن مستقبل السنوار، ومستقبل حركة حماس التي يقودها، يرتبط ارتباطاً وثيقاً بالتطورات السياسية والأمنية في المنطقة. فهل سيتمكن السنوار من تحقيق أهدافه في تحرير فلسطين وتحسين الأوضاع المعيشية لسكان غزة؟ أم أن الصراع سيستمر في حصد المزيد من الضحايا والخسائر؟ هذه هي الأسئلة التي ستجيب عنها الأيام القادمة.
مقالات مرتبطة
Youtube
مدة القراءة
Youtube
مدة القراءة