حديث إسرائيل عن تأمين حدودها مع الجنوب السوري.. هل يتكرر ما فعلته في غزة ببحث هيئة تلائم تطلعاتها؟

يثير الحديث المتزايد في إسرائيل حول تأمين حدودها مع الجنوب السوري قلقاً متزايداً في المنطقة، وخاصةً بالنظر إلى التجارب السابقة، وعلى رأسها ما شهدته غزة من تدخلات إسرائيلية أفضت إلى تغييرات ديموغرافية وسياسية مؤثرة. فالفيديو المنشور على اليوتيوب بعنوان حديث إسرائيل عن تأمين حدودها مع الجنوب السوري.. هل يتكرر ما فعلته في غزة ببحث هيئة تلائم تطلعاتها؟ يطرح سؤالاً جوهرياً حول طبيعة النوايا الإسرائيلية والأهداف الكامنة وراء هذا الخطاب.

إن مخاوف تكرار سيناريو غزة في الجنوب السوري ليست ضرباً من الخيال، بل هي نتيجة منطقية لتاريخ من التدخلات الإسرائيلية في الشؤون الداخلية للدول المجاورة. فلطالما سعت إسرائيل إلى إيجاد هيئة أو كيان سياسي أو إداري في المناطق الحدودية يخدم مصالحها ويضمن أمنها، حتى لو كان ذلك على حساب سيادة الدول الأخرى وحقوق سكانها الأصليين. ما فعلته إسرائيل في غزة، من فرض حصار خانق وتقويض البنية التحتية وصولاً إلى التدخلات العسكرية المتكررة، يمثل نموذجاً لما يمكن أن يحدث في الجنوب السوري إذا ما استمرت إسرائيل في سعيها لتشكيل المنطقة وفقاً لتطلعاتها.

السيناريوهات المحتملة متعددة، ولكنها تتراوح بين إقامة منطقة عازلة تحت السيطرة الإسرائيلية المباشرة أو غير المباشرة، مروراً بدعم فصائل مسلحة موالية لها، وصولاً إلى التدخل المباشر لخلق واقع ديموغرافي جديد يخدم مصالحها الاستراتيجية. هذه السيناريوهات، وإن بدت مختلفة في آلياتها، إلا أنها تتفق في هدفها النهائي: إضعاف الدولة السورية وتقويض سيادتها على أراضيها، وخلق منطقة نفوذ إسرائيلية دائمة في الجنوب السوري.

لا شك أن أي محاولة لتكرار تجربة غزة في الجنوب السوري ستؤدي إلى تصعيد خطير في المنطقة، وستزيد من حدة الصراعات القائمة. إن الحل الأمثل يكمن في احترام سيادة سوريا ووحدة أراضيها، والبحث عن حلول سياسية شاملة تضمن أمن جميع الأطراف، بما في ذلك إسرائيل، ولكن دون المساس بحقوق الشعب السوري وسيادته.

ختاماً، يجب على المجتمع الدولي أن يتحمل مسؤولياته وأن يضغط على إسرائيل لوقف تدخلاتها في الشؤون الداخلية لسوريا، والعمل على إيجاد حلول سلمية وعادلة تضمن الاستقرار والأمن في المنطقة. إن تكرار مأساة غزة في الجنوب السوري سيكون له عواقب وخيمة على الجميع، ولا بد من تجنب ذلك بكل الوسائل الممكنة.