عشرات القتلى والجرحى في قصف إسرائيلي استهدف مخيما للنازحين شمال غربي رفح

عشرات القتلى والجرحى في قصف إسرائيلي استهدف مخيما للنازحين شمال غربي رفح

شهدت مدينة رفح الفلسطينية، التي كانت تعتبر آخر ملاذ آمن نسبياً للنازحين في قطاع غزة، فاجعة مروعة إثر قصف إسرائيلي استهدف مخيماً للنازحين يقع شمال غربي المدينة. أسفر هذا القصف عن سقوط عشرات الشهداء والجرحى، معظمهم من النساء والأطفال وكبار السن، الذين نزحوا من مناطق أخرى في القطاع بحثاً عن الأمان، ليجدوا أنفسهم ضحايا لهجوم دامٍ.

الفيديو المنشور على اليوتيوب (https://www.youtube.com/watch?v=PE9WeScid_c) يوثق لحظات مروعة تلت القصف. تظهر فيه مشاهد مأساوية لجثث متفحمة، وأشلاء بشرية متناثرة، وخيام محترقة تحولت إلى رماد. يعرض الفيديو أيضاً جهود الإنقاذ اليائسة التي قام بها المسعفون والمتطوعون، الذين بذلوا قصارى جهدهم لانتشال الضحايا من تحت الأنقاض وإخماد النيران المشتعلة. الأصوات المرتفعة في الفيديو تعكس حالة الهلع والخوف التي سيطرت على المنطقة، والصراخ والعويل الذي مزق صمت الليل.

تأتي هذه الواقعة في سياق تصاعد حدة العمليات العسكرية الإسرائيلية في رفح، على الرغم من التحذيرات الدولية المتزايدة من مغبة اجتياح المدينة، وما قد يترتب على ذلك من كارثة إنسانية. فقد حذرت الأمم المتحدة ومنظمات حقوق الإنسان مراراً وتكراراً من أن أي عملية عسكرية واسعة النطاق في رفح ستؤدي إلى سقوط أعداد كبيرة من الضحايا المدنيين، وستفاقم الأزمة الإنسانية المتفاقمة بالفعل في قطاع غزة.

تعتبر رفح حالياً ملجأً لأكثر من مليون فلسطيني، نزحوا من مناطق مختلفة في قطاع غزة بسبب القصف الإسرائيلي المتواصل. يعيش هؤلاء النازحون في ظروف إنسانية قاسية، حيث يعانون من نقص حاد في الغذاء والمياه النظيفة والأدوية والمستلزمات الطبية. يعيشون في خيام مكتظة، تفتقر إلى أبسط مقومات الحياة الكريمة، ويواجهون خطر الأمراض والأوبئة بسبب الاكتظاظ وسوء الصرف الصحي.

أثار القصف الإسرائيلي لمخيم النازحين في رفح موجة غضب واستنكار واسعة النطاق على المستويين المحلي والدولي. أدانت العديد من الدول والمنظمات الدولية هذا الهجوم، وطالبت بإجراء تحقيق فوري ومستقل في ملابساته، ومحاسبة المسؤولين عنه. كما دعت إلى وقف فوري لإطلاق النار في قطاع غزة، وضمان حماية المدنيين، وتوفير المساعدات الإنسانية العاجلة للمحتاجين.

في فلسطين، أعلنت الرئاسة الفلسطينية الحداد العام، ووصفته بالمجزرة المروعة التي ارتكبها جيش الاحتلال الإسرائيلي بحق المدنيين العزل. كما دعت المجتمع الدولي إلى التدخل الفوري لوقف العدوان الإسرائيلي على الشعب الفلسطيني، وحماية المدنيين، وتوفير الحماية الدولية لهم.

من جهتها، زعمت إسرائيل أن القصف استهدف موقعاً لحركة حماس، وأنها تتخذ كافة الإجراءات اللازمة لتجنب إلحاق الأذى بالمدنيين. لكن هذه المزاعم قوبلت بتشكيك واسع النطاق، نظراً لعدد الضحايا الكبير من المدنيين، وطبيعة المنطقة المستهدفة، التي تضم مخيماً للنازحين. كما أن هذه المزاعم تتناقض مع سجل إسرائيل الحافل في استهداف المدنيين والبنية التحتية المدنية في قطاع غزة.

يمثل القصف الإسرائيلي لمخيم النازحين في رفح جريمة حرب مكتملة الأركان، وانتهاكاً صارخاً للقانون الدولي الإنساني واتفاقيات جنيف. يحظر القانون الدولي استهداف المدنيين والأعيان المدنية، ويتطلب من أطراف النزاع المسلح اتخاذ كافة الإجراءات اللازمة لحماية المدنيين من آثار العمليات العسكرية. كما يحظر القانون الدولي استخدام القوة بشكل مفرط وغير متناسب، ويفرض قيوداً صارمة على استخدام الأسلحة التي يمكن أن تلحق أضراراً جسيمة بالمدنيين.

إن ما يحدث في قطاع غزة يمثل كارثة إنسانية بكل المقاييس. فالأزمة الإنسانية تتفاقم يوماً بعد يوم، والمدنيون يدفعون ثمناً باهظاً للنزاع المسلح. إن المجتمع الدولي مطالب بالتحرك الفوري لوقف هذه المأساة، وضمان حماية المدنيين، وتوفير المساعدات الإنسانية العاجلة للمحتاجين. يجب على المجتمع الدولي أيضاً محاسبة المسؤولين عن ارتكاب جرائم الحرب والانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في قطاع غزة، وضمان عدم إفلاتهم من العقاب.

إن الفيديو المنشور على اليوتيوب يمثل وثيقة دامغة على حجم المأساة التي يعيشها الفلسطينيون في قطاع غزة. إنه تذكير مؤلم بالثمن الباهظ الذي يدفعونه ثمناً للنزاع المسلح، والصمت الدولي المخزي. يجب على هذا الفيديو أن يكون حافزاً للمجتمع الدولي للتحرك الفوري لوقف هذه المأساة، وإنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية، وإقامة دولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة.

يجب أن يكون هناك تحقيق دولي مستقل ومحايد في هذه الجريمة النكراء، وأن يتم تقديم المسؤولين عنها إلى العدالة الدولية. يجب على المجتمع الدولي أن يفرض عقوبات على إسرائيل لانتهاكاتها المتكررة للقانون الدولي الإنساني وحقوق الإنسان، وأن يضغط عليها لوقف عدوانها على الشعب الفلسطيني، والالتزام بقرارات الشرعية الدولية.

إن استمرار الصمت الدولي على ما يحدث في قطاع غزة يشجع إسرائيل على ارتكاب المزيد من الجرائم والانتهاكات. يجب على المجتمع الدولي أن يدرك أن السلام والاستقرار في المنطقة لن يتحققا إلا من خلال إنهاء الاحتلال الإسرائيلي، وإقامة دولة فلسطينية مستقلة، وضمان حقوق الشعب الفلسطيني غير القابلة للتصرف، وعلى رأسها حق العودة وتقرير المصير.

رحم الله الشهداء، وشفى الجرحى، وألهم ذويهم الصبر والسلوان. والنصر حليف الشعب الفلسطيني.