Now

جولة حميدتي تغضب البرهان حدود التصعيد والتهدئة في السودان

جولة حميدتي تغضب البرهان: حدود التصعيد والتهدئة في السودان

السودان، ذلك البلد الشاسع المترامي الأطراف، الغني بتاريخه وثقافته المتنوعة، يعيش منذ سنوات في خضم أزمات سياسية واقتصادية متلاحقة. هذه الأزمات، التي تفاقمت حدتها عقب الإطاحة بنظام عمر البشير في عام 2019، باتت تهدد استقرار البلاد ووحدتها. ومن بين أبرز اللاعبين في المشهد السياسي السوداني الحالي، يبرز اسمان: الفريق أول عبد الفتاح البرهان، رئيس مجلس السيادة الانتقالي والقائد العام للقوات المسلحة السودانية، والفريق أول محمد حمدان دقلو (حميدتي)، نائب رئيس مجلس السيادة وقائد قوات الدعم السريع. العلاقة بين هذين الرجلين، اللذين يعتبران القوتين الرئيسيتين في البلاد، ظلت متقلبة ومتأرجحة بين التعاون والتنافس، وبين التحالف والاختلاف. وفي الآونة الأخيرة، تصاعدت حدة التوتر بينهما، وهو ما تجسد بشكل واضح في ردود الأفعال المتباينة تجاه الجولة التي قام بها حميدتي إلى عدد من الدول الأفريقية.

الرابط المرفق (https://www.youtube.com/watch?v=FmtkR5H3co) يقدم تحليلاً معمقاً لهذا التطور الأخير في المشهد السياسي السوداني. ويسلط الضوء على دوافع الجولة التي قام بها حميدتي، والرسائل التي أراد توجيهها من خلالها، وردود الفعل الغاضبة التي أثارتها هذه الجولة في أوساط الجيش السوداني، وعلى رأسهم الفريق أول البرهان. كما يناقش الفيديو سيناريوهات التصعيد المحتملة، والجهود المبذولة لتهدئة الأوضاع ومنع انزلاق البلاد إلى مزيد من الفوضى والعنف.

دوافع جولة حميدتي الأفريقية

تكتنف دوافع جولة حميدتي الأفريقية الكثير من الغموض والتكهنات. ففي الظاهر، كانت الجولة تهدف إلى تعزيز العلاقات الثنائية بين السودان والدول التي زارها، وبحث سبل التعاون المشترك في مختلف المجالات، وخاصة في مجالات الاقتصاد والأمن. كما سعى حميدتي، من خلال هذه الجولة، إلى التأكيد على التزام السودان بالحلول السلمية للأزمات الإقليمية، ودوره المحوري في تحقيق الاستقرار في منطقة القرن الأفريقي. إلا أن هناك تحليلات أخرى تشير إلى أن الجولة كانت تحمل أهدافاً أبعد من ذلك. فالبعض يرى أن حميدتي كان يسعى إلى تعزيز مكانته ونفوذه على الساحة الأفريقية، وكسب الدعم الإقليمي لمواقفه السياسية، في ظل الخلافات المتزايدة بينه وبين البرهان. كما يرى البعض الآخر أن الجولة كانت بمثابة استعراض للقوة، ورسالة مبطنة إلى البرهان مفادها أن حميدتي يتمتع بدعم إقليمي واسع، وأن لديه القدرة على التأثير في مجريات الأمور في السودان.

غضب البرهان وردود الأفعال

لم تكن جولة حميدتي الأفريقية موضع ترحيب من قبل المؤسسة العسكرية السودانية، وعلى رأسها الفريق أول البرهان. فقد اعتبر البرهان أن الجولة تمثل تجاوزاً لصلاحياته، وتدخلاً في مهام رئيس الدولة. كما اعتبر أن حميدتي لم ينسق معه مسبقاً بشأن الجولة وأهدافها، وهو ما يمثل خرقاً للأعراف الدبلوماسية والبروتوكولات الرسمية. وقد عبر البرهان عن غضبه واستيائه من الجولة في عدة مناسبات، من خلال تصريحات علنية وبيانات رسمية. كما قام باتخاذ بعض الإجراءات التي اعتبرت بمثابة رد فعل على جولة حميدتي، مثل إجراء تغييرات في بعض المناصب القيادية في الجيش، وتكثيف التواجد العسكري في بعض المناطق الحيوية في البلاد.

إلى جانب غضب البرهان، أثارت جولة حميدتي ردود أفعال متباينة في الأوساط السياسية والإعلامية السودانية. فبينما رأى البعض في الجولة خطوة إيجابية نحو تعزيز علاقات السودان الخارجية، انتقدها البعض الآخر بشدة، واعتبرها محاولة لتقويض سلطة الدولة، وزيادة الانقسام السياسي في البلاد.

حدود التصعيد والتهدئة

تصاعد التوتر بين البرهان وحميدتي يثير مخاوف جدية بشأن مستقبل السودان. فالبلاد تعيش بالفعل في خضم أزمة سياسية واقتصادية خانقة، وأي تصعيد بين القوتين الرئيسيتين في البلاد قد يؤدي إلى انزلاقها إلى مزيد من الفوضى والعنف. لذلك، فإن هناك جهوداً مكثفة تبذل من قبل مختلف الأطراف الإقليمية والدولية، بهدف تهدئة الأوضاع ومنع تفاقم الأزمة. هذه الجهود تشمل وساطات يقوم بها قادة دول إقليمية، ومبادرات يطرحها مبعوثون دوليون، وحوارات تجري بين ممثلي القوى السياسية السودانية. الهدف الرئيسي من هذه الجهود هو إيجاد حلول توافقية للأزمة السياسية في السودان، وتحديد صلاحيات كل من البرهان وحميدتي، وتوحيد المؤسسة العسكرية، وتشكيل حكومة مدنية انتقالية قادرة على قيادة البلاد نحو الاستقرار والديمقراطية.

إلا أن تحقيق هذه الأهداف ليس بالأمر السهل. فالعلاقة بين البرهان وحميدتي تشوبها الكثير من الشكوك وعدم الثقة. كما أن هناك خلافات عميقة بين القوى السياسية السودانية حول شكل الحكومة الانتقالية، ودور الجيش في الحياة السياسية. بالإضافة إلى ذلك، هناك تدخلات خارجية من قبل بعض الدول الإقليمية التي تسعى إلى تحقيق مصالحها الخاصة في السودان. كل هذه العوامل تجعل مهمة تهدئة الأوضاع ومنع التصعيد في السودان أمراً بالغ الصعوبة والتعقيد.

سيناريوهات مستقبلية

بالنظر إلى الوضع الراهن، يمكن تصور عدة سيناريوهات لمستقبل السودان. السيناريو الأول هو استمرار الوضع الحالي على ما هو عليه، مع استمرار التوتر بين البرهان وحميدتي، وتفاقم الأزمة السياسية والاقتصادية. هذا السيناريو قد يؤدي إلى مزيد من الانقسام والفوضى، وقد يفضي في النهاية إلى انهيار الدولة. السيناريو الثاني هو حدوث تصعيد عسكري بين الجيش وقوات الدعم السريع، وهو ما قد يؤدي إلى اندلاع حرب أهلية شاملة في البلاد. هذا السيناريو هو الأكثر خطورة، وقد تكون له تداعيات كارثية على السودان والمنطقة بأسرها. السيناريو الثالث هو نجاح الجهود المبذولة لتهدئة الأوضاع، والتوصل إلى حلول توافقية للأزمة السياسية. هذا السيناريو يتطلب تنازلات من جميع الأطراف، وإرادة سياسية حقيقية للوصول إلى حلول مستدامة. السيناريو الرابع هو تدخل خارجي مباشر في السودان، سواء كان ذلك من خلال قوات حفظ سلام دولية، أو من خلال دعم عسكري لأحد الأطراف المتنازعة. هذا السيناريو قد يؤدي إلى تعقيد الأزمة، وقد يجعل الحل أكثر صعوبة.

في الختام، يمكن القول إن مستقبل السودان لا يزال غامضاً وغير مؤكد. فالبلاد تواجه تحديات جسيمة، وأي خطأ في التقدير أو سوء إدارة للأزمة قد يؤدي إلى تدهور الأوضاع إلى الأسوأ. لذلك، فإن الأمر يتطلب من جميع الأطراف السودانية، وبدعم من المجتمع الدولي، التحلي بالحكمة والمسؤولية، والعمل بجد وإخلاص من أجل تحقيق السلام والاستقرار في السودان، وضمان مستقبل أفضل لشعبه.

مقالات مرتبطة

الجيش الإسرائيلي مقتل 4 ضباط أحدهم برتبة رائد و3 برتبة ملازم في رفح جنوبي قطاع غزة

كيف يُقرأ التصعيد الإسرائيلي الجديد على لبنان

مصدر قيادي بحزب الله للجزيرة الاعتداءات فرصة لتوحيد اللبنانيين ووقف العدوان أولوية قبل أي شيء آخر

إسرائيل تصعد في جنوب لبنان ما وراء الخبر يناقش رسائل التصعيد

مصادر عسكرية للجزيرة الدعم السريع يقصف بالمدفعية الثقيلة مراكز الإيواء وحيي أبو شوك ودرجة

المبعوث الأممي إلى سوريا للجزيرة ما تقوم به إسرائيل في سوريا مؤذ ومضر

الناطق العسكري باسم أنصار الله قصفنا هدفا عسكريا في يافا المحتلة بصاروخ باليستي فرط صوتي

عمليات بارزة على الحدود الأردنية الإسرائيلية من الدقامسة إلى معبر اللنبي تعرف إليها

وول ستريت جورنال عن مسؤولين ترمب أخبر مساعديه أن نتنياهو يُفضل استخدام القوة بدلا من التفاوض

في حفل موسيقي عالمي قائد أوركسترا إسرائيلي يهاجم حرب غزة

مسار الأحداثالاحتلال يواصل عملياته بمدينة غزة وعمليات متعددة ضد أهداف إسرائيلية

الخارجية الأردنية تدين إطلاق النار على جسر اللنبي وتفتح تحقيقا عاجلا