مخاوف إسرائيلية من تغير موقف الرأي العام الأميركي من الحرب على غزة ودعوات جديدة لرحيل نتنياهو

مخاوف إسرائيلية من تغير موقف الرأي العام الأميركي من الحرب على غزة ودعوات جديدة لرحيل نتنياهو

الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، والتي بدأت عقب هجوم حركة حماس في السابع من أكتوبر 2023، أثارت جدلاً واسعاً على المستويات الإقليمية والدولية. وبينما تلقت إسرائيل في البداية دعماً قوياً من الولايات المتحدة، فإن هذا الدعم يبدو اليوم في طريقه إلى التآكل التدريجي، مدفوعاً بتصاعد الخسائر المدنية في غزة، وتصاعد الانتقادات الدولية لطريقة إدارة إسرائيل للحرب، وظهور أصوات داخل الولايات المتحدة تدعو إلى إعادة تقييم العلاقة مع إسرائيل. هذا المقال، مستوحى من الفيديو المنشور على يوتيوب والذي يحمل العنوان مخاوف إسرائيلية من تغير موقف الرأي العام الأميركي من الحرب على غزة ودعوات جديدة لرحيل نتنياهو (https://www.youtube.com/watch?v=ddXUZOxe9Ho)، يتناول هذه المخاوف الإسرائيلية، ويحلل الأسباب الكامنة وراء هذا التغير المحتمل في الرأي العام الأميركي، ويبحث في الدعوات المتزايدة لرحيل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.

تآكل الدعم الأميركي: مؤشرات مقلقة لإسرائيل

لطالما كانت الولايات المتحدة الحليف الاستراتيجي الأهم لإسرائيل، حيث تقدم لها دعماً عسكرياً واقتصادياً وسياسياً غير مشروط تقريباً. ومع ذلك، بدأت تظهر مؤشرات على أن هذا الدعم قد لا يكون مضموناً كما كان في السابق. تتجلى هذه المؤشرات في عدة جوانب:

• تصاعد الانتقادات من داخل الحزب الديمقراطي: لطالما كان الدعم لإسرائيل تقليدياً من الحزبين الرئيسيين في الولايات المتحدة، الجمهوري والديمقراطي. لكن الحرب على غزة أدت إلى تصدعات داخل الحزب الديمقراطي، حيث عبر العديد من أعضائه، بمن فيهم نواب في الكونغرس، عن قلقهم العميق إزاء الخسائر المدنية في غزة، وطالبوا بوقف إطلاق النار، ودعوا إلى محاسبة إسرائيل على انتهاكات حقوق الإنسان المحتملة.
• تغير الرأي العام الأميركي: تشير استطلاعات الرأي إلى أن الرأي العام الأميركي، وخاصة بين الشباب، يميل بشكل متزايد إلى التعاطف مع الفلسطينيين، وينتقد السياسات الإسرائيلية. هذا التغير في الرأي العام يضغط على السياسيين الأميركيين لاتخاذ مواقف أكثر انتقاداً لإسرائيل.
• ضغوط من الإدارة الأميركية: على الرغم من استمرار الإدارة الأميركية في تقديم الدعم لإسرائيل، إلا أنها بدأت تمارس ضغوطاً متزايدة عليها لتقليل الخسائر المدنية في غزة، والسماح بدخول المساعدات الإنسانية، والعمل على حل الدولتين. هذه الضغوط تشير إلى أن صبر الإدارة الأميركية قد بدأ ينفد.
• تزايد الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين: شهدت المدن الأميركية الكبرى احتجاجات واسعة النطاق مؤيدة للفلسطينيين، ومنددة بالحرب على غزة. هذه الاحتجاجات تساهم في رفع مستوى الوعي بالقضية الفلسطينية، وتضغط على السياسيين الأميركيين للاستماع إلى مطالب المتظاهرين.

أسباب تآكل الدعم الأميركي لإسرائيل

هناك عدة أسباب وراء هذا التغير المحتمل في الرأي العام الأميركي تجاه إسرائيل:

• الخسائر المدنية الهائلة في غزة: أدت الحرب على غزة إلى مقتل وإصابة عشرات الآلاف من المدنيين الفلسطينيين، بمن فيهم النساء والأطفال. هذه الخسائر المدنية الهائلة أثارت غضباً واستنكاراً واسعين على مستوى العالم، وأدت إلى تآكل الدعم لإسرائيل.
• التغطية الإعلامية للحرب: لعبت التغطية الإعلامية للحرب دوراً هاماً في تشكيل الرأي العام. الصور ومقاطع الفيديو التي تظهر الدمار والخراب في غزة، ومعاناة المدنيين الفلسطينيين، أثرت بشدة في المشاهدين في جميع أنحاء العالم، بما في ذلك الولايات المتحدة.
• صعود وسائل التواصل الاجتماعي: أتاحت وسائل التواصل الاجتماعي للفلسطينيين ومن يؤيدهم فرصة لنشر روايتهم عن الأحداث، والوصول إلى جمهور أوسع. هذه الرواية غالباً ما تتعارض مع الرواية الإسرائيلية، وتلقى صدى لدى الكثيرين.
• تغير التركيبة السكانية في الولايات المتحدة: تشهد الولايات المتحدة تغيرات ديموغرافية كبيرة، حيث يزداد عدد السكان من أصول لاتينية وأفريقية وآسيوية. هذه المجموعات غالباً ما تكون أكثر تعاطفاً مع الفلسطينيين، وأكثر انتقاداً لإسرائيل.
• تأثير جماعات الضغط المؤيدة للفلسطينيين: على الرغم من قوة جماعات الضغط المؤيدة لإسرائيل، إلا أن هناك جماعات ضغط مؤيدة للفلسطينيين بدأت تكتسب نفوذاً متزايداً في واشنطن. هذه الجماعات تعمل على التأثير في السياسة الأميركية تجاه إسرائيل، والدفاع عن حقوق الفلسطينيين.

الدعوات المتزايدة لرحيل نتنياهو

إلى جانب المخاوف من تآكل الدعم الأميركي، يواجه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ضغوطاً متزايدة من الداخل للمطالبة برحيله. هذه الدعوات تنبع من عدة عوامل:

• الفشل الاستخباراتي في السابع من أكتوبر: يُحمّل الكثيرون نتنياهو مسؤولية الفشل الاستخباراتي الذي أدى إلى هجوم حماس في السابع من أكتوبر. يرى هؤلاء أن نتنياهو فشل في حماية إسرائيل، ويجب أن يدفع ثمن هذا الفشل.
• إدارة الحرب على غزة: ينتقد الكثيرون طريقة إدارة نتنياهو للحرب على غزة، ويرون أنها أدت إلى خسائر مدنية هائلة، وإلى عزلة إسرائيل على المستوى الدولي.
• اتهامات الفساد: يواجه نتنياهو تهماً بالفساد في عدة قضايا، مما يزيد من الضغوط عليه للاستقالة.
• الخلافات داخل الائتلاف الحاكم: يعاني الائتلاف الحاكم الذي يقوده نتنياهو من خلافات داخلية عميقة، مما يهدد بانهياره.
• تراجع شعبيته: تشير استطلاعات الرأي إلى أن شعبية نتنياهو تراجعت بشكل كبير منذ بداية الحرب على غزة.

يواجه نتنياهو تحديات غير مسبوقة على المستويين الداخلي والخارجي. فبالإضافة إلى الضغوط الداخلية المتزايدة للمطالبة برحيله، يواجه أيضاً احتمال تآكل الدعم الأميركي لإسرائيل، وهو الأمر الذي قد يكون له تداعيات خطيرة على مستقبل إسرائيل. يبقى أن نرى كيف سيتعامل نتنياهو مع هذه التحديات، وما إذا كان سيتمكن من البقاء في السلطة.

خلاصة

الحرب الإسرائيلية على غزة تسببت في تغييرات كبيرة في المشهد السياسي والإعلامي، وخلقت تحديات جديدة لإسرائيل. إن تآكل الدعم الأميركي المحتمل، والدعوات المتزايدة لرحيل نتنياهو، يشكلان تهديداً حقيقياً لمستقبل إسرائيل. يجب على إسرائيل أن تتعامل مع هذه التحديات بحكمة وروية، وأن تسعى إلى تحقيق حل عادل ودائم للصراع الفلسطيني الإسرائيلي، وإلا فإنها ستواجه المزيد من العزلة والضعف.