هل الله معك إعرف إن الله مع من لم أجد المصلين او الصائمين
هل الله معك؟ نظرة في معية الله المطلقة وما وراء العبادات الظاهرية
يثير فيديو اليوتيوب المعنون بـ هل الله معك؟ إعرف إن الله مع من لم أجد المصلين او الصائمين (الرابط: https://www.youtube.com/watch?v=11eJ-I_8Ga0) تساؤلات جوهرية حول مفهوم معية الله، وكيفية إدراكها، وما إذا كانت العبادات الظاهرية هي المؤشر الوحيد على تحققها. يتجاوز الفيديو النظرة السطحية إلى الدين ويركز على البعد الروحي العميق الذي يربط الإنسان بخالقه.
العبادات الظاهرية من صلاة وصيام وزكاة وغيرها، هي أركان أساسية في الإسلام، وهي تعبر عن امتثال العبد لأوامر ربه، وتذكره بوجوده وقدرته. لكن هل هذه العبادات تكفي وحدها لضمان معية الله؟ وهل من الممكن أن يكون شخص ملتزماً بالعبادات الظاهرية ولكنه في الحقيقة بعيد عن الله؟ وهل يمكن لشخص غير ملتزم بالعبادات الظاهرية أن يكون أقرب إلى الله من غيره؟
معية الله: مفهوم واسع ومتعدد الأوجه
معية الله ليست مجرد شعور ديني عابر، بل هي حقيقة إيمانية راسخة. وهي ليست حكراً على فئة معينة من الناس، بل هي متاحة لكل من يسعى إليها بصدق وإخلاص. لكن فهم هذه المعية يتطلب تجاوز النظرة الضيقة إلى الدين، والتعمق في معاني الإيمان الحقيقية.
يمكن النظر إلى معية الله من زوايا متعددة:
- المعية العامة: وهي إحاطة الله بكل خلقه، وعلمه بهم، وقدرته عليهم. قال تعالى: وهو معكم أين ما كنتم والله بما تعملون بصير (الحديد: 4). هذه المعية تشمل المؤمن والكافر، والصالح والطالح، فهي معية علم وإحاطة وقدرة.
- المعية الخاصة: وهي معية النصر والتأييد والتوفيق والهداية. وهي خاصة بالمؤمنين المتقين الذين يسعون إلى رضوان الله. قال تعالى: إن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون (النحل: 128). هذه المعية تتطلب من العبد بذل الجهد والاجتهاد في طاعة الله، والابتعاد عن معصيته، والتحلي بالأخلاق الفاضلة.
الفيديو المشار إليه يركز على المعية الخاصة، ويسلط الضوء على أن هذه المعية ليست مرتبطة بشكل حصري بالعبادات الظاهرية، بل هي مرتبطة بالصفات الداخلية التي يتمتع بها الإنسان، مثل الإخلاص والصدق والرحمة والإحسان.
ما وراء العبادات الظاهرية: القلب السليم والعمل الصالح
العبادات الظاهرية هي وسائل وليست غايات. الغاية هي الوصول إلى القلب السليم الذي يخشى الله ويحبه، والذي يدفعه إلى العمل الصالح الذي ينفع الناس. فكم من شخص يصلي ويصوم ولكنه قلبه مريض بالحقد والكبر والرياء؟ وكم من شخص لا يصلي ولا يصوم ولكنه قلبه سليم مليء بالرحمة والإحسان؟
الإسلام لا يركز فقط على العبادات الشكلية، بل يركز أيضاً على الأخلاق والقيم الإنسانية. فالأخلاق هي جوهر الدين، وهي التي تميز المسلم الحقيقي عن غيره. قال صلى الله عليه وسلم: إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق.
الشخص الذي يتمتع بقلب سليم وأخلاق فاضلة، هو أقرب إلى الله حتى لو كان مقصراً في بعض العبادات الظاهرية. فالإخلاص والصدق والرحمة والإحسان هي صفات تجذب رحمة الله وتوفيقه. أما الشخص الذي يتمسك بالعبادات الظاهرية ولكنه قلبه مريض وأخلاقه سيئة، فهو بعيد عن الله حتى لو كان يصلي ويصوم طوال حياته.
لا يعني هذا التقليل من أهمية العبادات الظاهرية، بل يعني أن هذه العبادات يجب أن تكون نابعة من القلب، وأن تكون مصحوبة بالأخلاق الفاضلة. فالعبادة التي لا تغير في سلوك الإنسان ولا تحسن من أخلاقه، هي عبادة ناقصة لا تحقق الغاية المرجوة منها.
هل يمكن أن يكون الله مع من لم أجد المصلين أو الصائمين؟
السؤال المطروح في عنوان الفيديو هو سؤال استفهامي إنكاري. الهدف منه ليس نفي أهمية الصلاة والصيام، بل هو لفت الانتباه إلى أن معية الله ليست مرتبطة بشكل حصري بالعبادات الظاهرية، وأن هناك عوامل أخرى تلعب دوراً هاماً في تحقيق هذه المعية.
قد يكون الله مع شخص لا يصلي ولا يصوم ولكنه يتمتع بصفات إنسانية نبيلة تجعله قريباً من الله. وقد يكون هذا الشخص أكثر إخلاصاً وصدقاً من شخص يصلي ويصوم ولكنه يفعل ذلك رياءً أو خوفاً من الناس. الله يعلم السرائر وما تخفي الصدور، وهو الذي يحكم بين عباده بالعدل.
لكن هذا لا يعني تبرير ترك الصلاة والصيام أو الاستهانة بهما. فالصلاة هي عمود الدين، والصيام هو ركن من أركان الإسلام. من ترك الصلاة والصيام تهاوناً فقد ارتكب ذنباً عظيماً. ولكن يجب أن نتذكر أن الصلاة والصيام ليسا مجرد حركات وأقوال، بل هما وسيلتان لتطهير القلب وتقوية الإيمان.
الشخص الذي يسعى إلى معية الله يجب أن يحرص على أداء العبادات الظاهرية بإخلاص وخشوع، وأن يحرص أيضاً على التحلي بالأخلاق الفاضلة والصفات الإنسانية النبيلة. يجب أن يكون صادقاً في تعامله مع الله ومع الناس، وأن يكون رحيماً وعطوفاً على الفقراء والمساكين، وأن يكون عادلاً ومنصفاً في أحكامه. هذه هي الصفات التي تجذب رحمة الله وتوفيقه، وهي التي تحقق معية الله الحقيقية.
الخلاصة
معية الله هي هدف سامي يسعى إليه كل مسلم. وهي ليست حكراً على فئة معينة من الناس، بل هي متاحة لكل من يسعى إليها بصدق وإخلاص. العبادات الظاهرية هي وسائل وليست غايات، والغاية هي الوصول إلى القلب السليم الذي يخشى الله ويحبه، والذي يدفعه إلى العمل الصالح الذي ينفع الناس. يجب أن نحرص على أداء العبادات الظاهرية بإخلاص وخشوع، وأن نحرص أيضاً على التحلي بالأخلاق الفاضلة والصفات الإنسانية النبيلة. هذه هي الصفات التي تجذب رحمة الله وتوفيقه، وهي التي تحقق معية الله الحقيقية.
الفيديو المشار إليه يذكرنا بأهمية تجاوز النظرة السطحية إلى الدين، والتعمق في معاني الإيمان الحقيقية. يجب أن نسعى إلى فهم مقاصد الشريعة الإسلامية، وأن نعمل على تطبيقها في حياتنا اليومية. يجب أن نكون قدوة حسنة للناس، وأن ندعو إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة. هذا هو الطريق إلى الفلاح في الدنيا والآخرة.
مقالات مرتبطة
Youtube
مدة القراءة