بحماية شرطة الاحتلال مستوطنون يواصلون اقتحام الأقصى

بحماية شرطة الاحتلال.. مستوطنون يواصلون اقتحام الأقصى: تحليل وتداعيات

الفيديو المعنون بحماية شرطة الاحتلال مستوطنون يواصلون اقتحام الأقصى والمنشور على يوتيوب (https://www.youtube.com/watch?v=T2nwzgUOKFQ) يوثق واقعًا مؤلمًا ومستمرًا في مدينة القدس المحتلة، وهو الاقتحامات المتكررة التي يقوم بها المستوطنون للمسجد الأقصى المبارك، وتحت حماية قوات الاحتلال الإسرائيلي. هذا الفيديو، وغيره الكثير من المقاطع المشابهة، يمثلون شهادة حية على التوتر المتصاعد في المدينة المقدسة، ويستدعون تساؤلات حادة حول مستقبل المسجد الأقصى، وحقوق الفلسطينيين الدينية والوطنية، ودور المجتمع الدولي في حماية المقدسات.

خلفية تاريخية: المسجد الأقصى في قلب الصراع

المسجد الأقصى ليس مجرد مكان عبادة للمسلمين، بل هو جزء لا يتجزأ من تاريخهم وثقافتهم وهويتهم. يعتبر الأقصى أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين، ويحظى بمكانة خاصة في قلوب المسلمين حول العالم. منذ احتلال القدس الشرقية عام 1967، سعى الاحتلال الإسرائيلي بشتى الطرق لفرض سيطرته على المسجد الأقصى، وتقويض مكانته الإسلامية. بدأت هذه المحاولات بالتضييق على المصلين، ومنعهم من الوصول إلى المسجد، ثم تطورت إلى عمليات حفر أسفل المسجد، بحجة البحث عن آثار هيكل سليمان المزعوم، وهو ما أثار غضبًا واستنكارًا واسعًا في العالم الإسلامي.

الاقتحامات المتكررة: استفزاز ممنهج

تعتبر الاقتحامات التي يقوم بها المستوطنون للمسجد الأقصى، تحت حماية قوات الاحتلال، بمثابة استفزاز ممنهج لمشاعر المسلمين، وانتهاك صارخ لحرمة المسجد. هذه الاقتحامات لا تقتصر على مجرد الدخول إلى المسجد، بل تشمل أداء طقوس دينية استفزازية، وإطلاق شعارات عنصرية، ومحاولة تغيير الوضع القائم في المسجد. غالبًا ما تتسبب هذه الاقتحامات في اندلاع مواجهات بين المصلين الفلسطينيين وقوات الاحتلال، مما يسفر عن إصابات واعتقالات في صفوف الفلسطينيين.

حماية شرطة الاحتلال: تواطؤ واضح

الأمر الأكثر إثارة للقلق هو الدور الذي تلعبه قوات الاحتلال الإسرائيلي في حماية المستوطنين أثناء اقتحامهم للمسجد الأقصى. فبدلاً من منع هذه الاقتحامات، تقوم قوات الاحتلال بتوفير الحماية للمستوطنين، وتأمين دخولهم وخروجهم من المسجد، بل وتشارك أحيانًا في الاعتداء على المصلين الفلسطينيين الذين يحاولون التصدي للمستوطنين. هذا التواطؤ الواضح بين قوات الاحتلال والمستوطنين يؤكد أن الاقتحامات ليست مجرد تصرفات فردية، بل هي جزء من سياسة إسرائيلية ممنهجة لفرض سيطرتها على المسجد الأقصى، وتقويض مكانته الإسلامية.

أهداف الاقتحامات: تهويد القدس وتغيير الوضع القائم

تهدف الاقتحامات المتكررة للمسجد الأقصى إلى تحقيق عدة أهداف استراتيجية لإسرائيل، منها:

• تهويد القدس: تسعى إسرائيل إلى تغيير الطابع الديموغرافي للمدينة المقدسة، من خلال زيادة عدد المستوطنين اليهود، وتقليل عدد الفلسطينيين المسلمين والمسيحيين.
• تغيير الوضع القائم في المسجد الأقصى: تسعى إسرائيل إلى تغيير الوضع القائم في المسجد الأقصى، والذي يقتصر على السماح للمسلمين بالصلاة فيه، بينما يُسمح لغير المسلمين بزيارته في أوقات محددة. تريد إسرائيل السماح لليهود بالصلاة في المسجد الأقصى، وتقسيم المسجد بين المسلمين واليهود، على غرار ما حدث في الحرم الإبراهيمي في الخليل.
• إضعاف الوجود الفلسطيني في القدس: تهدف إسرائيل إلى إضعاف الوجود الفلسطيني في القدس، من خلال التضييق على الفلسطينيين في حياتهم اليومية، وهدم منازلهم، وسحب هوياتهم، ومنعهم من البناء والتوسع.
• إثارة الفتنة الدينية: تهدف إسرائيل إلى إثارة الفتنة الدينية بين المسلمين واليهود، من خلال الاستفزازات المتكررة في المسجد الأقصى، والتحريض على العنف والكراهية.

ردود الفعل الفلسطينية والعربية والإسلامية: غضب واستنكار

تثير الاقتحامات المتكررة للمسجد الأقصى ردود فعل غاضبة ومستنكرة في فلسطين والعالم العربي والإسلامي. يعتبر الفلسطينيون هذه الاقتحامات بمثابة اعتداء على مقدساتهم، وانتهاك لحقوقهم الدينية والوطنية. تدعو الفصائل الفلسطينية إلى التصدي للاقتحامات، وحماية المسجد الأقصى، وتؤكد أن القدس هي العاصمة الأبدية لفلسطين. كما تدعو الدول العربية والإسلامية إلى الضغط على إسرائيل لوقف الاقتحامات، واحترام حرمة المسجد الأقصى، والالتزام بالقانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة.

دور المجتمع الدولي: تقصير وتخاذل

يتسم دور المجتمع الدولي في حماية المسجد الأقصى بالتقصير والتخاذل. فبالرغم من إدانة بعض الدول والمنظمات الدولية للاقتحامات، إلا أن هذه الإدانات لا تترجم إلى إجراءات ملموسة لوقف الاقتحامات، ومحاسبة إسرائيل على انتهاكاتها. تحتاج القضية الفلسطينية بشكل عام، وقضية المسجد الأقصى بشكل خاص، إلى موقف دولي أكثر حزمًا وجدية، يضغط على إسرائيل لوقف انتهاكاتها، والالتزام بقرارات الشرعية الدولية، والعودة إلى طاولة المفاوضات لحل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي على أساس حل الدولتين.

تداعيات الاقتحامات: تصعيد التوتر وعدم الاستقرار

تؤدي الاقتحامات المتكررة للمسجد الأقصى إلى تصعيد التوتر وعدم الاستقرار في المنطقة. فالاقتحامات تزيد من الغضب والاحتقان لدى الفلسطينيين، وقد تؤدي إلى اندلاع انتفاضة جديدة. كما أن الاقتحامات تزيد من حدة الصراع الديني بين المسلمين واليهود، وقد تؤدي إلى انتشار العنف والكراهية في المنطقة. لذلك، فإن وقف الاقتحامات، واحترام حرمة المسجد الأقصى، هما أمران ضروريان لتهدئة الأوضاع، وتحقيق السلام والاستقرار في المنطقة.

خاتمة: حماية الأقصى مسؤولية الجميع

إن حماية المسجد الأقصى ليست مسؤولية الفلسطينيين وحدهم، بل هي مسؤولية جميع المسلمين في العالم. يجب على المسلمين أن يوحدوا جهودهم للدفاع عن المسجد الأقصى، وحمايته من الاعتداءات الإسرائيلية. يجب عليهم أن يدعموا صمود الفلسطينيين في القدس، وأن يضغطوا على حكوماتهم للتحرك الجاد لوقف الاقتحامات، وحماية المقدسات الإسلامية في فلسطين. كما يجب على المجتمع الدولي أن يتحمل مسؤولياته تجاه حماية المسجد الأقصى، وأن يضغط على إسرائيل لوقف انتهاكاتها، والالتزام بالقانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة. إن المسجد الأقصى أمانة في أعناقنا جميعًا، ويجب علينا أن نحافظ عليه، ونسلمه إلى الأجيال القادمة سالمًا معافى.