Now

إنما يخشى الله من عباده العلماء

إنما يخشى الله من عباده العلماء: تأملات في العلم والخوف من الله

في عصرنا الحديث، الذي يشهد طفرات هائلة في مجالات العلم والمعرفة، يظل السؤال عن علاقة العلم بالإيمان، والعقل بالروح، مطروحًا بقوة. هل العلم يقود بالضرورة إلى الإلحاد؟ أم أنه يمكن أن يكون طريقًا إلى تعميق الإيمان بالله والخوف منه؟ هذا السؤال المحوري يتجلى بوضوح في الآية الكريمة: إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ ۗ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ (فاطر: 28). هذه الآية، وكما يتم تناولها في العديد من الدروس والمحاضرات، ومنها الفيديو المعروض على اليوتيوب بعنوان إنما يخشى الله من عباده العلماء، تحمل في طياتها معاني عميقة تستحق التأمل والتفكر.

فهم الآية: بين الحصر والتخصيص

تحمل الآية الكريمة تركيبًا لغويًا دقيقًا يثير العديد من التساؤلات. استخدام أداة الحصر إنما يوحي بأن الخشية من الله مقصورة على العلماء فقط. ولكن هل هذا الفهم صحيح؟ هل الآية تستثني بقية الناس من الخوف من الله؟ بالطبع لا. فالخشية من الله فريضة على كل مسلم، وكل مؤمن مطالب بأن يخاف الله ويتقيه في السر والعلن. إذن، كيف نفهم هذا الحصر الموجود في الآية؟

الإجابة تكمن في فهم المقصود بـ الخشية. الخشية ليست مجرد الخوف العادي الذي ينتاب الإنسان عند مواجهة خطر مادي أو تهديد مباشر. الخشية هي نوع أعمق وأرق من الخوف، وهي خوف مبني على المعرفة والإدراك لعظمة الله وجلاله وقدرته. إنها الخوف الذي ينبع من التفكر في آيات الله في الكون وفي الأنفس، ومن إدراك عظمة الخالق وعجز المخلوق. هذا النوع من الخشية هو الذي يميز العلماء الذين أوتوا نصيبًا من العلم والمعرفة.

إذن، الآية لا تحصر الخوف من الله في العلماء فقط، بل هي تبين أن العلماء هم أقدر الناس على الوصول إلى الخشية الحقيقية، لأنهم أكثر إدراكًا لعظمة الله وقدرته من خلال علمهم ومعرفتهم. العلم هنا ليس مجرد تراكم معلومات، بل هو طريق إلى فهم أعمق للكون والحياة، وبالتالي فهم أعمق للخالق.

العلم طريق إلى الخشية: كيف؟

كيف يمكن للعلم أن يقود إلى الخشية من الله؟ الإجابة تكمن في أن العلم يكشف لنا عن عظمة الخلق ودقة التصميم وروعة الإبداع. عندما يتأمل العالم في تعقيدات الخلية الحية، أو في اتساع الكون اللامتناهي، أو في قوانين الطبيعة التي تحكم كل شيء بدقة متناهية، فإنه لا يملك إلا أن يزداد إيمانًا بالله وقدرته وحكمته. العلم يزيل الغشاوة عن الأعين، ويكشف عن الآيات التي تدل على وجود الله وعظمته. العلم يصبح وسيلة للتأمل والتفكر في خلق الله، وهذا التأمل والتفكر يقود إلى الخشية.

لنأخذ مثالًا بسيطًا: عندما يدرس العالم علم الفلك، فإنه يدرك حجم الكون الهائل، وملايين المجرات والنجوم والكواكب التي تدور في فلك محدد بدقة متناهية. هذا الإدراك يجعله يشعر بالصغر والضعف أمام عظمة هذا الكون، ويدرك أن هناك قوة عظيمة تدير هذا الكون وتحافظ عليه. هذا الشعور بالصغر والضعف أمام عظمة الخالق هو جوهر الخشية.

وبالمثل، عندما يدرس العالم علم الأحياء، فإنه يدرك تعقيدات الحياة، والتفاعلات الكيميائية المعقدة التي تحدث داخل الخلية، والتنوع الهائل في الكائنات الحية. هذا الإدراك يجعله يشعر بالدهشة والإعجاب أمام هذا الإبداع العظيم، ويدرك أن هناك خالقًا حكيمًا صمم هذه الكائنات الحية بدقة متناهية. هذا الشعور بالدهشة والإعجاب هو أيضًا من مظاهر الخشية.

إذن، العلم ليس بالضرورة عدوًا للإيمان، بل يمكن أن يكون حليفًا له. العلم يمكن أن يكون طريقًا إلى تعميق الإيمان بالله والخوف منه. ولكن هذا يتطلب من العالم أن يكون متواضعًا، وأن يدرك أن العلم هو مجرد أداة لفهم الكون، وليس غاية في حد ذاته. العالم الحقيقي هو الذي يستخدم علمه للتفكر في خلق الله، ولزيادة إيمانه به وخشيته منه.

العلم بلا خشية: خطر محدق

على النقيض من ذلك، فإن العلم الذي لا يقود إلى الخشية من الله يمكن أن يكون خطرًا محدقًا. العلم الذي يستخدم في تدمير الحياة، أو في استغلال الناس، أو في نشر الفساد، هو علم ضار ومضر. العلم الذي يقود إلى الغرور والتكبر، وإلى الاعتقاد بأن الإنسان يمكن أن يستغني عن الله، هو علم مضلل. العلم الذي يفصل بين العقل والروح، وبين العلم والإيمان، هو علم ناقص.

إن العلم الذي لا يقود إلى الخشية من الله يمكن أن يجعل الإنسان مغرورًا ومتكبرًا، يعتقد أنه قادر على فعل أي شيء، وأنه لا يحتاج إلى أي قوة عليا توجهه وترشده. هذا الغرور والتكبر يمكن أن يقود إلى الكوارث، وإلى تدمير البيئة، وإلى استغلال الناس، وإلى نشر الظلم والفساد. لذلك، فإن العلم الحقيقي هو العلم الذي يقود إلى التواضع والخشية من الله، وإلى استخدام العلم في الخير والصلاح.

دور العلماء في نشر الخشية

العلماء الذين يخشون الله لهم دور كبير في نشر العلم النافع، وفي توجيه الناس إلى الخير والصلاح. العلماء هم القدوة الحسنة للشباب، وهم الذين يمكنهم أن يبينوا للناس كيف يمكن للعلم أن يكون طريقًا إلى الإيمان والخشية. العلماء هم الذين يمكنهم أن يشرحوا للناس آيات الله في الكون، وأن يبينوا لهم عظمة الخلق وروعة الإبداع. العلماء هم الذين يمكنهم أن يحذروا الناس من مخاطر العلم الضار، وأن يدعوهم إلى استخدام العلم في الخير والصلاح.

العلماء الذين يخشون الله هم الذين يتحملون مسؤولية كبيرة أمام الله وأمام الناس. يجب عليهم أن يكونوا قدوة حسنة في علمهم وعملهم وأخلاقهم. يجب عليهم أن يسعوا إلى نشر العلم النافع، وأن يوجهوا الناس إلى الخير والصلاح، وأن يحذروا من مخاطر العلم الضار. يجب عليهم أن يكونوا متواضعين ومخلصين في عملهم، وأن يبتغوا بعلمهم وجه الله ورضاه.

خاتمة

في الختام، يمكننا القول أن الآية الكريمة إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ تحمل في طياتها معاني عميقة تستحق التأمل والتفكر. العلم يمكن أن يكون طريقًا إلى تعميق الإيمان بالله والخوف منه، إذا استخدم في الخير والصلاح، وإذا قاد إلى التواضع والخشية. ولكن العلم الذي لا يقود إلى الخشية من الله يمكن أن يكون خطرًا محدقًا، إذا استخدم في تدمير الحياة أو في نشر الفساد. لذلك، يجب على العلماء أن يكونوا قدوة حسنة في علمهم وعملهم وأخلاقهم، وأن يسعوا إلى نشر العلم النافع، وأن يوجهوا الناس إلى الخير والصلاح. نسأل الله أن يجعلنا من العلماء الذين يخشونه، وأن يوفقنا إلى استخدام علمنا في الخير والصلاح، وأن يجنبنا شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا.

مقالات مرتبطة

Youtube

مدة القراءة

  • متابعة الخبر

  • القراءة لاحقاً

  • متابعة الصفحي

Youtube

مدة القراءة

  • متابعة الخبر

  • القراءة لاحقاً

  • متابعة الصفحي

Youtube

مدة القراءة

  • متابعة الخبر

  • القراءة لاحقاً

  • متابعة الصفحي

Youtube

مدة القراءة

  • متابعة الخبر

  • القراءة لاحقاً

  • متابعة الصفحي

Youtube

مدة القراءة

  • متابعة الخبر

  • القراءة لاحقاً

  • متابعة الصفحي

آية تفتح الرزق و أعمال تجلب الفقر و سلوك قد يقلب حال الفقير الى غني

هام و صادم القمر يعرض خريطة الأرض مع اطلانطس و الجزائر الكبير و ما وراء الجدار الجليدي صنع الله

القصة التي لم تسمعها و الخريطة الحقيقية لرحلة ذو القرنين الى أرض يأجوج و مأجوج و الجدار الجليدي

استعدو سر يكشف لأول مرة عن مثلث برمودا في بحر الظلمات الأطلسي اكبر بحار الارض الذي اخفو جزء كبير منه

فأصابها إعصار فيه نار فاحترقت سر البيت الناجي من الكارثة

رحلة الى أنتاركتيكا إنتهت بفضيحة الشمس المزيفة تظهر من جديد

اكتشاف علمي مذهل يثبت أن مكة وسط الأرض في الموقع صفر الذي سرقته بريطانيا

العين حق و الامريكان يتدربون عليها سريا و ميكانيكا الكم تفك شفرتها و تفسر القدرات النفسية

آيات كأنك اول مرة تقرأها الإنسان له نفس واحدة و لكن قد يملك أكثر من روح

لما نعيش فتبات موبيلات وننسى الذات والزيتون

حبه ملح مش كتير الله ولا قليله

محاكمة الماحى إيهاب حريرى وكل من ورائه إن كنتم مؤمنين بالله