المصحف والخزنة لماذا تحتفظوا بالمصحف فى الخزنة وفى السيارة المصحف يشتكى منكم أنتم ظالمين للمصحف
المصحف والخزنة: نظرة في دلالات العلاقة بين المادة والروح
انتشر مؤخرًا على منصة يوتيوب فيديو بعنوان المصحف والخزنة لماذا تحتفظوا بالمصحف فى الخزنة وفى السيارة المصحف يشتكى منكم أنتم ظالمين للمصحف، يثير هذا الفيديو تساؤلات مهمة حول علاقتنا بالمصحف الشريف، وكيف نتعامل معه في حياتنا اليومية. الرابط الخاص بالفيديو هو: https://www.youtube.com/watch?v=3iwB-JB65J8
الموضوع ليس مجرد انتقاد لوضع المصحف في الخزائن أو السيارات، بل هو أعمق من ذلك بكثير. إنه يتعلق بفهمنا الحقيقي للإسلام، وكيف نترجم تعاليمه إلى سلوكيات عملية. هل المصحف مجرد كتاب مقدس يُحفظ في مكان آمن، أم أنه دستور حياة يجب اتباعه وتطبيقه؟ هل تقديس المصحف يقتصر على حفظه من التلف، أم أنه يتعدى ذلك إلى فهم معانيه والعمل بها؟
المصحف بين الحفظ والتدبر
لا شك أن حفظ المصحف الشريف واجب على المسلمين، فهو كلام الله الذي أنزله على نبيه محمد صلى الله عليه وسلم. وقد حث الإسلام على حفظ القرآن وتعليمه، وجعل ذلك من أفضل الأعمال التي يتقرب بها العبد إلى ربه. قال صلى الله عليه وسلم: خيركم من تعلم القرآن وعلمه.
ولكن الحفظ وحده لا يكفي. فالله تعالى لم ينزل القرآن الكريم ليُحفظ في الصدور فقط، بل أنزله ليكون هدى للناس، ونورًا يستضيئون به في ظلمات الحياة. قال تعالى: كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ (إبراهيم: 1). فالمقصود من نزول القرآن هو إخراج الناس من الظلمات إلى النور، وهذا لا يتحقق إلا بالتدبر في آياته، وفهم معانيها، والعمل بها.
إن وضع المصحف في الخزنة أو السيارة دون قراءته أو العمل بتعاليمه، قد يكون دليلًا على أننا نتعامل معه كأثر تاريخي أو قطعة فنية، وليس ككتاب هداية وإرشاد. قد يكون هذا نابعًا من خوفنا عليه من التلف أو الضياع، وهذا شعور مشروع، ولكن يجب ألا يكون هذا الخوف مبررًا لإهماله وعدم الاستفادة منه.
المصحف في الحياة اليومية
يجب أن يكون المصحف حاضرًا في حياتنا اليومية، ليس فقط في المناسبات الدينية أو الأوقات العصيبة، بل في كل لحظة. يجب أن يكون رفيقنا الدائم، الذي نرجع إليه كلما احتجنا إلى نصيحة أو توجيه. يجب أن يكون مصدر إلهام لنا في أعمالنا وأقوالنا، وأن يوجه سلوكنا وعلاقاتنا مع الآخرين.
يمكننا تحقيق ذلك من خلال تخصيص وقت يومي لقراءة القرآن وتدبر معانيه. يمكننا أيضًا الاستماع إلى تلاوات القرآن الكريم أثناء قيامنا بأعمالنا اليومية. يمكننا أيضًا مشاركة آيات القرآن الكريم مع أصدقائنا وعائلاتنا، ومناقشة معانيها وتطبيقاتها في حياتنا.
لا ينبغي أن نقتصر على قراءة القرآن باللغة العربية فقط، بل يجب أن نسعى إلى فهم معانيه بلغاتنا الأم. هناك العديد من التفاسير الموثوقة التي يمكننا الرجوع إليها لفهم معاني القرآن الكريم. يمكننا أيضًا الاستعانة بالعلماء والمختصين لفهم الآيات التي يصعب علينا فهمها.
المصحف والخزنة: رمزية العلاقة
إن وضع المصحف في الخزنة أو السيارة قد يكون رمزًا لعلاقتنا المتوترة بالدين. قد يكون هذا دليلًا على أننا نحافظ على الدين كجزء من هويتنا الثقافية، ولكننا لا نطبقه في حياتنا اليومية. قد يكون هذا دليلًا على أننا نخاف من التغيير الذي قد يحدثه الدين في حياتنا، فنفضّل الاحتفاظ به في مكان آمن، بعيدًا عن تأثيره المباشر.
ولكن الإسلام ليس مجرد هوية ثقافية، بل هو دين حياة. إنه نظام شامل يغطي جميع جوانب الحياة، من العبادات إلى المعاملات، ومن الأخلاق إلى السياسة. لا يمكننا أن نعتبر أنفسنا مسلمين حقًا إذا كنا نقتصر على ممارسة بعض الشعائر الدينية، ونهمل بقية تعاليم الإسلام.
يجب أن نسعى إلى فهم الإسلام بشكل شامل، وأن نطبقه في جميع جوانب حياتنا. يجب أن نكون صادقين مع أنفسنا، وأن نعترف بأخطائنا ونقائصنا، وأن نسعى إلى إصلاحها. يجب أن نكون قدوة حسنة للآخرين، وأن ندعو إلى الإسلام بأخلاقنا وسلوكنا.
المسؤولية الفردية والجماعية
إن مسؤولية التعامل الصحيح مع المصحف تقع على عاتق كل مسلم ومسلمة. يجب على كل واحد منا أن يسأل نفسه: كيف أتعامل مع المصحف في حياتي؟ هل أقرأه بانتظام؟ هل أتدبر معانيه؟ هل أعمل بتعاليمه؟ هل أدعو إلى الإسلام بأخلاقي وسلوكي؟
كما تقع المسؤولية على عاتق المجتمع ككل. يجب على المؤسسات الدينية والتعليمية أن تعمل على نشر الوعي بأهمية القرآن الكريم، وأن تشجع الناس على قراءته وتدبر معانيه والعمل به. يجب على وسائل الإعلام أن تساهم في نشر تعاليم الإسلام السمحة، وأن تقدم نماذج إيجابية للمسلمين الذين يطبقون الإسلام في حياتهم.
يجب أن نسعى جميعًا إلى بناء مجتمع مسلم حقيقي، يلتزم بتعاليم الإسلام، ويطبقها في جميع جوانب الحياة. مجتمع يقوم على العدل والمساواة والتسامح والتعاون. مجتمع يسعى إلى تحقيق الخير للجميع، ويساهم في بناء عالم أفضل.
خلاصة القول
إن الفيديو الذي يحمل عنوان المصحف والخزنة يطرح تساؤلات مهمة حول علاقتنا بالمصحف الشريف. يجب أن ندرك أن تقديس المصحف لا يقتصر على حفظه في مكان آمن، بل يتعدى ذلك إلى فهم معانيه والعمل بها. يجب أن يكون المصحف حاضرًا في حياتنا اليومية، وأن يوجه سلوكنا وعلاقاتنا مع الآخرين. يجب أن نسعى إلى فهم الإسلام بشكل شامل، وأن نطبقه في جميع جوانب حياتنا. يجب أن نكون قدوة حسنة للآخرين، وأن ندعو إلى الإسلام بأخلاقنا وسلوكنا. يجب أن نسعى جميعًا إلى بناء مجتمع مسلم حقيقي، يلتزم بتعاليم الإسلام، ويساهم في بناء عالم أفضل.
مقالات مرتبطة
Youtube
مدة القراءة