مشاهد لدفن جثث شهداء تحت أنقاض منازلهم المدمرة بجباليا شمال قطاع غزة
مشاهد لدفن جثث شهداء تحت أنقاض منازلهم المدمرة بجباليا: شهادة من قلب الجحيم
إن مشاهدة مقطع فيديو يوثق دفن جثث شهداء تحت أنقاض منازلهم المدمرة في جباليا شمال قطاع غزة، كما هو الحال في الفيديو المشار إليه (https://www.youtube.com/watch?v=-4fWDyOuCWw)، ليس مجرد تجربة مشاهدة عابرة، بل هو غوص عميق في قاع الألم الإنساني، ومواجهة مباشرة مع واقع مرير وصادم. إنه صرخة مدوية ضد الظلم، وتذكير قاطع بتكلفة النزاعات المسلحة التي تدمر الأرواح والممتلكات، وتحيل الحياة إلى رماد.
عندما تتوقف الكلمات وتعجز عن التعبير، تأتي الصور لتروي القصة كاملة. الصور في هذا الفيديو تحديدًا، والتي تصور رجالًا منهكين يحفرون بأيديهم العارية بين الأنقاض بحثًا عن أحبائهم، ثم يوارونهم الثرى في قبور مؤقتة تحت ركام منازلهم، هي شهادة دامغة على حجم المأساة التي يعيشها سكان قطاع غزة. إنها شهادة على فقدان الكرامة الإنسانية، وعلى التجاهل الصارخ لحقوق الإنسان الأساسية، وعلى العجز المطلق أمام قوة التدمير.
جباليا، تلك المدينة التي شهدت الكثير من الويلات والحروب، تعود لتتصدر الأخبار مجددًا، ولكن هذه المرة ليس بأخبار عن صمود أهلها وعزيمتهم، بل بأخبار عن موتهم تحت الأنقاض، ودفنهم في مقابر جماعية مؤقتة. هذا الفيديو يضعنا أمام سؤال مؤرق: كيف يمكن للإنسان أن يتعايش مع هذا الكم الهائل من الفقدان؟ كيف يمكنه أن يلملم شتات نفسه بعد أن فقد كل شيء، بيته وعائلته وأحلامه؟ كيف يمكنه أن يدفن أحبابه بأيديه ثم يعود ليستأنف حياته، وكأن شيئًا لم يكن؟
إن مشهد دفن الجثث تحت الأنقاض هو مشهد مؤلم ومفجع، ولكنه في الوقت نفسه مشهد يجسد الكرامة الإنسانية في أبهى صورها. فرغم الألم والوجع، ورغم اليأس والقنوط، يصر هؤلاء الرجال على القيام بواجبهم تجاه موتاهم، وعلى تكريمهم ودفنهم وفقًا لتعاليم دينهم وعاداتهم. إنهم يرفضون أن تترك جثث أحبائهم عرضة للحيوانات الضالة أو للعوامل الجوية، ويفضلون أن يواروهم الثرى بأيديهم، حتى لو كان ذلك تحت الأنقاض وفي قبور مؤقتة.
إن هذا الفيديو ليس مجرد تسجيل لواقع مأساوي، بل هو دعوة للعمل، ودعوة للمساءلة، ودعوة لوضع حد لهذا العبث بالأرواح البشرية. إنه دعوة للمجتمع الدولي للتحرك العاجل لوقف العدوان على قطاع غزة، وحماية المدنيين، وضمان وصول المساعدات الإنسانية والإغاثية إلى المتضررين. إنه دعوة للمحاكم الدولية لمحاسبة المسؤولين عن هذه الجرائم البشعة، وتقديمهم للعدالة.
إن رؤية الأطفال وهم يوارون الثرى تحت الأنقاض هي أكثر ما يدمي القلب. هؤلاء الأطفال الذين لم يعرفوا من الحياة سوى الحرب والدمار، والذين حرموا من حقهم في الطفولة والأمن والسلام، يرحلون بصمت، تاركين وراءهم حزنًا عميقًا وأسئلة بلا إجابات. ما هو الذنب الذي ارتكبوه ليستحقوا هذا المصير؟ لماذا يدفعون ثمن صراعات لا ناقة لهم فيها ولا جمل؟
إن دفن الجثث تحت الأنقاض هو دليل قاطع على أن النظام الصحي في قطاع غزة قد انهار تمامًا. المستشفيات مكتظة بالجرحى والمرضى، ولا يوجد ما يكفي من الأدوية والمعدات الطبية لعلاجهم. سيارات الإسعاف غير قادرة على الوصول إلى المناطق المتضررة بسبب القصف المستمر، والفرق الطبية لا تستطيع القيام بواجبها على أكمل وجه. في ظل هذه الظروف المأساوية، يصبح دفن الجثث تحت الأنقاض هو الخيار الوحيد المتاح للعائلات المكلومة.
إن هذا الفيديو يذكرنا بواجبنا الإنساني تجاه إخواننا في قطاع غزة. يجب علينا أن نقف معهم في محنتهم، وأن نقدم لهم كل الدعم والمساعدة التي يحتاجونها. يجب علينا أن نرفع أصواتنا عالياً ضد الظلم والعدوان، وأن نطالب بوقف فوري لإطلاق النار، وبحماية المدنيين، وبإدخال المساعدات الإنسانية والإغاثية إلى القطاع. يجب علينا أن نضغط على حكوماتنا للتحرك العاجل لوقف هذه المجزرة، ولإيجاد حل عادل وشامل للقضية الفلسطينية.
إن مشاهدة هذا الفيديو ليس بالأمر السهل، ولكنه ضروري. يجب علينا أن نواجه الحقيقة المرة، وأن نرى بأعيننا حجم المأساة التي يعيشها سكان قطاع غزة. يجب علينا أن نتذكر دائمًا أن هؤلاء الشهداء ليسوا مجرد أرقام في الإحصائيات، بل هم بشر لهم أسماء وعائلات وأحلام. يجب علينا أن نحافظ على ذكراهم حية في قلوبنا، وأن نعمل جاهدين من أجل تحقيق العدالة والسلام لهم ولجميع ضحايا النزاعات المسلحة في العالم.
إن هذا الفيديو هو صرخة استغاثة من قلب الجحيم، فهل من مجيب؟ هل سيتحرك العالم لإنقاذ ما يمكن إنقاذه؟ هل ستتوقف هذه المجزرة التي ترتكب بحق الإنسانية؟ الأمل ضعيف، ولكن اليأس خيانة.
إن هذا الفيديو يجب أن يكون حافزًا لنا جميعًا للعمل بجد أكبر من أجل عالم أكثر عدلاً وإنسانية، عالم لا يموت فيه الأطفال تحت الأنقاض، ولا تدفن فيه الجثث في مقابر مؤقتة.
رحم الله الشهداء، وألهم ذويهم الصبر والسلوان.
مقالات مرتبطة
Youtube
مدة القراءة
Youtube
مدة القراءة