سورة الفاتحة إقرار و قسم علينا الإلتزام به ليست دعاء لفظ آمين ليس فى الدين الإسلامي
تحليل ونقد فيديو سورة الفاتحة إقرار وقسم علينا الالتزام به ليست دعاء لفظ آمين ليس فى الدين الإسلامي
يثير فيديو اليوتيوب المعنون بـ سورة الفاتحة إقرار وقسم علينا الالتزام به ليست دعاء لفظ آمين ليس فى الدين الإسلامي (رابط الفيديو: https://www.youtube.com/watch?v=0nlrj3AGdi4) مجموعة من الآراء المثيرة للجدل حول تفسير سورة الفاتحة ودورها في العبادة الإسلامية. يزعم الفيديو أن الفاتحة ليست مجرد دعاء، بل هي إقرار وقسم على الالتزام بمضامينها، كما ينكر وجود كلمة آمين في الدين الإسلامي. يهدف هذا المقال إلى تحليل هذه الادعاءات وتقييم مدى صحتها في ضوء النصوص الشرعية وتراث الأمة الإسلامية.
تحليل الادعاءات الرئيسية في الفيديو
يمكن تلخيص الادعاءات الرئيسية التي يطرحها الفيديو في النقاط التالية:
- سورة الفاتحة إقرار وقسم: يرى الفيديو أن الفاتحة ليست مجرد دعاء يُتلى أثناء الصلاة، بل هي بمثابة إقرار من العبد بالتزامه بمعانيها السامية وقسم على العمل بمقتضاها.
- الفاتحة ليست دعاء: ينفي الفيديو أن تكون الفاتحة دعاءً بالمعنى التقليدي، ويؤكد أنها تحمل بعدًا أعمق يتجاوز مجرد التضرع إلى الله.
- آمين ليست في الدين الإسلامي: يزعم الفيديو أن كلمة آمين ليست جزءًا من الدين الإسلامي وأنها إضافة دخيلة على الشريعة.
نقد الادعاءات في ضوء النصوص الشرعية والتراث الإسلامي
يتطلب تقييم هذه الادعاءات الرجوع إلى المصادر الأساسية للشريعة الإسلامية، وهي القرآن الكريم والسنة النبوية، بالإضافة إلى آراء علماء التفسير والفقه المعتبرين عبر التاريخ.
الادعاء الأول: سورة الفاتحة إقرار وقسم
لا شك أن سورة الفاتحة تحمل معاني عظيمة وتتضمن مبادئ أساسية في العقيدة والأخلاق الإسلامية. فهي تتضمن الثناء على الله والاعتراف بربوبيته وألوهيته، والتأكيد على الاستعانة به وحده وطلب الهداية إلى الصراط المستقيم. هذه المعاني تتطلب من المسلم أن يتدبرها ويعمل بمقتضاها. ولكن القول بأن الفاتحة هي قسم بالمعنى الاصطلاحي قد يكون فيه نظر. القسم له صيغة محددة وأركان معينة، ولا يوجد دليل شرعي على أن الفاتحة تُعتبر قسمًا بالمعنى الفقهي. ومع ذلك، لا يمنع هذا من التأكيد على أن الفاتحة تتطلب من المسلم الالتزام بمعانيها والعمل بمقتضاها في حياته.
الادعاء الثاني: الفاتحة ليست دعاء
هذا الادعاء يحتاج إلى تفصيل. إذا كان المقصود أن الفاتحة ليست مجرد كلمات جوفاء تُردد دون فهم أو تدبر، فهذا صحيح. ولكن القول بأنها ليست دعاءً على الإطلاق يخالف ما ورد في السنة النبوية وأقوال العلماء. فقد وردت أحاديث صحيحة تدل على أن الفاتحة هي أم الكتاب و الشفاء و الدعاء. فعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: بَيْنَا أَنَا فِي مَسِيرٍ إِذْ جَاءَتِ امْرَأَةٌ، فَقَالَتْ: إِنَّ ابْنِي لَدِيغٌ، فَهَلْ عِنْدَكَ شَيْءٌ يُنْفَعُهُ؟ فَقُلْتُ: نَعَمْ، وَلَكِنْ وَاللَّهِ مَا أُحْسِنُ أَرْقِي، وَلَكِنْ سَأَرْقِيهِ بِأُمِّ الْكِتَابِ. فَأَتَيْتُهُ فَقَرَأْتُ عَلَيْهِ فَجَعَلَ يَنْفُثُ وَيَنْفُثُ وَيَبْرَأُ، فَكَأَنَّمَا أَنْشِطَ مِنْ عِقَالٍ. فَأَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخْبَرْتُهُ، فَقَالَ: وَمَا عَلَّمَكَ أَنَّهَا رُقْيَةٌ؟. هذا الحديث يدل بوضوح على أن الفاتحة تستخدم للرقية، والرقية نوع من الدعاء. بالإضافة إلى ذلك، فإن طلب الهداية في الفاتحة (اهدِنَــــا الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ) هو دعاء صريح ومباشر.
إذن، يمكن القول أن الفاتحة تجمع بين الثناء على الله والدعاء وطلب الهداية. فهي ليست مجرد دعاء بالمعنى الضيق، ولكنها تتضمن الدعاء كجزء أساسي منها.
الادعاء الثالث: آمين ليست في الدين الإسلامي
هذا الادعاء هو الأكثر إثارة للجدل والأقل استنادًا إلى الأدلة الشرعية. كلمة آمين ليست جزءًا من القرآن الكريم، ولكنها وردت في السنة النبوية وأقوال الصحابة والتابعين واستقر عليها عمل المسلمين عبر العصور. فقد ورد في صحيح البخاري ومسلم وغيرهما من كتب الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول آمين بعد قراءة الفاتحة. فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إِذَا قَالَ الإِمَامُ: غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلاَ الضَّالِّينَ، فَقُولُوا: آمِينَ، فَإِنَّهُ مَنْ وَافَقَ قَوْلُهُ قَوْلَ الْمَلاَئِكَةِ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ. هذا الحديث يدل بوضوح على أن قول آمين سنة مؤكدة بعد قراءة الفاتحة. بالإضافة إلى ذلك، فإن العلماء من مختلف المذاهب الفقهية قد أجمعوا على استحباب قول آمين بعد قراءة الفاتحة، سواء في الصلاة أو خارجها. إنكار هذه السنة الثابتة يتعارض مع الأدلة الشرعية والإجماع الفقهي.
أما القول بأن كلمة آمين ليست عربية أو أنها مأخوذة من ديانات أخرى، فهذا لا يقدح في مشروعيتها إذا ثبتت بالسنة النبوية. فالشريعة الإسلامية لم تمنع الاستفادة من بعض الكلمات أو العادات الحسنة التي كانت موجودة في الحضارات الأخرى، طالما أنها لا تتعارض مع أصول الدين وتعاليمه.
خلاصة
في الختام، يمكن القول أن الفيديو المذكور يطرح آراءً مثيرة للجدل حول تفسير سورة الفاتحة ودورها في العبادة الإسلامية، ولكنه يفتقر إلى الدقة والموضوعية في تحليل الأدلة الشرعية. ففي حين أن التأكيد على أهمية فهم معاني الفاتحة والعمل بمقتضاها أمر محمود، فإن إنكار أن الفاتحة دعاء وإنكار مشروعية قول آمين بعد قراءتها يتعارض مع النصوص الشرعية والإجماع الفقهي. يجب على المسلم أن يتلقى العلم من مصادره الموثوقة وأن يحرص على فهم الدين فهمًا صحيحًا قائمًا على الأدلة والبراهين.
مقالات مرتبطة
Youtube
مدة القراءة