غالانت حماس لن تعود للسيطرة في غزة ومن المقرر أن تديرها هيئات فلسطينية
غالانت: حماس لن تعود للسيطرة في غزة ومن المقرر أن تديرها هيئات فلسطينية - تحليل وتعليق
يشكل تصريح وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت بشأن مستقبل قطاع غزة بعد انتهاء العمليات العسكرية الإسرائيلية تطورًا بالغ الأهمية يستدعي تحليلاً معمقًا. الفيديو المنشور على يوتيوب تحت عنوان غالانت: حماس لن تعود للسيطرة في غزة ومن المقرر أن تديرها هيئات فلسطينية (https://www.youtube.com/watch?v=O3SCEjEkglA) يقدم لنا نافذة على التصورات الإسرائيلية للمرحلة القادمة، وكيف تنوي إسرائيل التعامل مع هذا الملف الشائك الذي يحمل في طياته الكثير من التعقيدات والتحديات.
جوهر تصريح غالانت يرتكز على نقطتين أساسيتين: أولاً، استبعاد عودة حركة حماس للسيطرة على قطاع غزة. وثانيًا، التوجه نحو تمكين هيئات فلسطينية أخرى من إدارة القطاع. هاتان النقطتان تثيران العديد من التساؤلات حول طبيعة هذه الهيئات، ومدى قدرتها على تولي المسؤولية، وكيف سيتم ضمان الاستقرار والأمن في القطاع في ظل غياب سلطة مركزية قوية.
تحليل النقطة الأولى: استبعاد حماس
إن استبعاد حماس من أي دور مستقبلي في إدارة غزة يمثل هدفًا استراتيجيًا رئيسيًا لإسرائيل، وربما الهدف الأسمى من العملية العسكرية الحالية. ترى إسرائيل في حماس تهديدًا وجوديًا، وتتهمها بالمسؤولية عن إطلاق الصواريخ وتنفيذ العمليات المسلحة التي تستهدف المدنيين الإسرائيليين. لذلك، فإن أي سيناريو يسمح ببقاء حماس في السلطة أو حتى مشاركتها في السلطة يعتبر مرفوضًا من قبل القيادة الإسرائيلية.
لكن تحقيق هذا الهدف ليس بالأمر الهين. حماس حركة متجذرة في المجتمع الفلسطيني، ولها قاعدة شعبية واسعة في قطاع غزة. كما أنها تمتلك شبكة واسعة من المؤسسات الاجتماعية والخيرية التي تقدم خدمات أساسية للسكان. القضاء على حماس بشكل كامل يتطلب جهدًا عسكريًا وسياسيًا واجتماعيًا ضخمًا، وقد يستغرق وقتًا طويلاً. حتى في حال تم تدمير البنية العسكرية لحماس، فإن أفكارها وتأثيرها سيظلان موجودين، وقد يظهران في شكل حركات وتنظيمات أخرى.
تحليل النقطة الثانية: هيئات فلسطينية بديلة
إن الحديث عن هيئات فلسطينية بديلة لإدارة غزة يطرح تساؤلات جوهرية حول طبيعة هذه الهيئات، وكيف سيتم اختيارها أو تشكيلها، وما هي صلاحياتها ومسؤولياتها. هل ستكون هذه الهيئات مستقلة أم أنها ستكون تابعة للسلطة الفلسطينية في رام الله؟ وهل ستكون مقبولة من قبل المجتمع الفلسطيني في غزة؟
هناك عدة سيناريوهات محتملة: أحدها هو أن يتم تشكيل حكومة وحدة وطنية تشارك فيها جميع الفصائل الفلسطينية، بما في ذلك حماس (وهو ما يبدو مستبعدًا في ظل الموقف الإسرائيلي الرافض لأي دور لحماس). سيناريو آخر هو أن تتولى السلطة الفلسطينية في رام الله إدارة غزة بشكل مباشر، ولكن هذا السيناريو يواجه تحديات كبيرة، بما في ذلك ضعف شرعية السلطة في نظر الكثير من الفلسطينيين، وصعوبة فرض سيطرتها على القطاع في ظل وجود فصائل مسلحة أخرى.
سيناريو ثالث هو أن يتم تشكيل هيئات محلية من شخصيات مستقلة ووجهاء عشائر وناشطين مدنيين، ولكن هذا السيناريو قد يواجه صعوبة في الحصول على الدعم الشعبي والمالي اللازمين لتسيير شؤون القطاع، وقد يكون عرضة للاختراق والتأثير من قبل الفصائل المسلحة المختلفة.
التحديات والعقبات
بغض النظر عن السيناريو الذي سيتم اعتماده، فإن إدارة غزة بعد انتهاء العمليات العسكرية ستواجه تحديات جمة. أول هذه التحديات هو الوضع الإنساني الكارثي في القطاع، حيث يعاني السكان من نقص حاد في الغذاء والماء والدواء والكهرباء، وتضررت البنية التحتية بشكل كبير. إعادة إعمار غزة وتوفير الخدمات الأساسية للسكان يتطلب استثمارات ضخمة وجهودًا دولية مكثفة.
التحدي الثاني هو التحدي الأمني، حيث تنتشر الأسلحة بشكل كبير في القطاع، وتوجد فصائل مسلحة متعددة تتنافس على النفوذ. تحقيق الاستقرار والأمن في غزة يتطلب نزع سلاح الفصائل المسلحة وتشكيل قوة أمنية قوية وموثوقة قادرة على فرض القانون والنظام وحماية الحدود.
التحدي الثالث هو التحدي السياسي، حيث يوجد انقسام عميق بين الفصائل الفلسطينية المختلفة، وتوجد خلافات جوهرية حول رؤية المستقبل السياسي للقضية الفلسطينية. تحقيق المصالحة الوطنية وتوحيد الصف الفلسطيني يمثل شرطًا أساسيًا لنجاح أي جهود لإدارة غزة وتحقيق الاستقرار فيها.
التعليق الختامي
إن تصريح غالانت بشأن مستقبل غزة يمثل خطوة أولى نحو وضع تصور للمرحلة القادمة، ولكنه لا يقدم حلولًا واضحة للتحديات المعقدة التي تواجه القطاع. نجاح أي خطة لإدارة غزة يتطلب توافقًا فلسطينيًا ودعمًا إقليميًا ودوليًا، ويتطلب أيضًا معالجة الأسباب الجذرية للصراع الفلسطيني الإسرائيلي، بما في ذلك إنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية وإقامة دولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة.
يبقى السؤال الأهم: هل ستكون الأطراف المعنية قادرة على تجاوز الخلافات والعمل معًا من أجل تحقيق السلام والاستقرار في المنطقة؟ أم أننا سنشهد جولة أخرى من العنف والمعاناة؟ الإجابة على هذا السؤال ستحدد مستقبل قطاع غزة ومستقبل القضية الفلسطينية بأكملها.
مقالات مرتبطة
Youtube
مدة القراءة