رحم الله أستاذنا د محمد شحرور يعنى إيه للذين أحسنوا الحسنة و زيادة سؤال من صديق الصفحة
رحم الله أستاذنا د. محمد شحرور: قراءة في للذين أحسنوا الحسنة وزيادة و تساؤلات حول فكره
يشكل رحيل المفكر السوري الدكتور محمد شحرور خسارة فادحة للفكر الإسلامي المعاصر. فقد أثار الرجل جدلاً واسعاً بآرائه الجريئة التي حاولت إعادة قراءة النص القرآني في ضوء معطيات العصر، ساعياً إلى تقديم فهم جديد للدين يتجاوز التفاسير التقليدية التي يرى أنها عتيقة وغير قادرة على مواكبة تحديات الحداثة. هذا المقال يتناول أحد الجوانب الهامة في فكر شحرور، مستلهماً من عنوان فيديو يوتيوب بعنوان رحم الله أستاذنا د. محمد شحرور يعنى إيه للذين أحسنوا الحسنة و زيادة سؤال من صديق الصفحة (الرابط: https://www.youtube.com/watch?v=PnAbUpqQ-X0) ويحاول استكشاف معنى الآية الكريمة للذين أحسنوا الحسنة وزيادة في ضوء تفسيرات شحرور، مع طرح بعض التساؤلات التي قد تنير جوانب أخرى من فكره.
للذين أحسنوا الحسنة وزيادة: تأويلات د. شحرور
تعتبر آية للذين أحسنوا الحسنة وزيادة (يونس: 26) من الآيات التي أثارت اهتمام المفسرين عبر العصور. التفسير التقليدي يربط الزيادة بالنظر إلى وجه الله الكريم في الجنة، أو بمضاعفة الثواب والأجر. إلا أن الدكتور شحرور، كما هو معروف عنه، يقدم تفسيراً مختلفاً، يسعى فيه إلى إخراج الآية من دائرة الغيبيات المحضة وإعطائها بعداً دنيوياً ملموساً. فهو يرى أن الحسنة هنا تشير إلى العمل الصالح الذي ينفع الناس ويسهم في بناء المجتمع، وأن الزيادة هي ما يحصل عليه المحسن من تقدير واحترام ومحبة في الدنيا قبل الآخرة. بمعنى آخر، الزيادة هي الثمرة الطبيعية للإحسان، وهي ليست مجرد مكافأة أخروية، بل هي أيضاً أثر إيجابي يتجسد في حياة المحسن في الدنيا.
يعتمد شحرور في تفسيره هذا على منهجه اللغوي الذي يولي اهتماماً كبيراً بدلالة الكلمات في اللغة العربية، ويرفض تحميلها بمعاني مستمدة من سياقات تاريخية أو ثقافية معينة. فهو يرى أن القرآن الكريم يخاطب الناس في كل زمان ومكان، وبالتالي يجب أن يكون قابلاً للفهم في ضوء معطيات العصر. وهذا ما دفعه إلى إعادة قراءة العديد من المفاهيم الدينية التقليدية، مثل مفهوم الجنة و النار، ومفهوم الحلال و الحرام، ساعياً إلى تقديم فهم أكثر عقلانية ومنطقية يتماشى مع متطلبات الحياة المعاصرة.
إن تفسير شحرور لآية للذين أحسنوا الحسنة وزيادة يركز على أهمية العمل الصالح في الدنيا، وضرورة أن يكون له أثر ملموس على حياة الناس. فهو يرى أن الإيمان الحقيقي يتجسد في العمل، وأن مجرد الاعتقاد القلبي لا يكفي لتحقيق السعادة في الدنيا والآخرة. وهذا ما يجعله قريباً من التيار الإصلاحي في الفكر الإسلامي الذي يؤكد على أهمية العمل والإنتاجية والإسهام في بناء المجتمع.
تساؤلات حول فكر د. شحرور
على الرغم من أن فكر الدكتور محمد شحرور قد أثار إعجاب الكثيرين، إلا أنه لم يسلم من النقد والمعارضة. فقد اتهمه البعض بالخروج عن الثوابت الدينية، وبالتأويل المتعسف للنص القرآني. ويرى هؤلاء أن تفسيراته قد تؤدي إلى تفكيك الشريعة الإسلامية وإضعاف سلطة العلماء. بينما يرى آخرون أن شحرور قد بالغ في التركيز على البعد الدنيوي للدين، وأهمل الجوانب الروحية والأخلاقية. كما أن منهجه اللغوي قد تعرض للانتقاد، حيث يرى البعض أنه يعتمد على قراءة انتقائية للنص القرآني، ويتجاهل السياقات التاريخية والثقافية التي نزلت فيها الآيات.
من بين التساؤلات التي تثار حول فكر شحرور: هل يمكن اعتبار تفسيره لآية للذين أحسنوا الحسنة وزيادة تفسيراً شاملاً وكافياً؟ ألا يوجد في الآية دلالات أخرى تتعلق بالجزاء الأخروي؟ وهل يمكن الفصل بين العمل الصالح ونتائجه الدنيوية والأخروية؟ وهل يمكن اعتبار الزيادة مجرد تقدير واحترام في الدنيا، أم أنها تشمل أيضاً جوانب أخرى مثل الشعور بالرضا والسعادة الداخلية؟
كما أن هناك تساؤلات أخرى تتعلق بمنهج شحرور بشكل عام: هل يمكن اعتبار منهجه اللغوي منهجاً علمياً وموضوعياً؟ ألا توجد في اللغة العربية معاني متعددة للكلمة الواحدة، وبالتالي هل يمكن حصر دلالة الكلمات في معنى واحد محدد؟ وهل يمكن تجاهل السياقات التاريخية والثقافية التي نزلت فيها الآيات، والاكتفاء بالقراءة اللغوية المجردة؟
إن هذه التساؤلات لا تهدف إلى التقليل من قيمة فكر الدكتور محمد شحرور، بل هي محاولة لفتح باب النقاش والحوار حول آرائه الجريئة والمثيرة للجدل. فالفكر لا ينمو إلا بالنقاش، ولا يزدهر إلا بالحوار. ومن خلال طرح هذه التساؤلات، نأمل في أن نساهم في فهم أعمق وأشمل لفكر شحرور، وفي تقييم نقدي لآرائه، وفي استخلاص الدروس والعبر التي يمكن أن تفيدنا في حياتنا المعاصرة.
خاتمة
رحم الله الدكتور محمد شحرور، الذي أثرى الفكر الإسلامي المعاصر بآرائه الجريئة والمثيرة للجدل. لقد ترك لنا إرثاً فكرياً غنياً يستحق الدراسة والتحليل والتقييم النقدي. إن تفسيره لآية للذين أحسنوا الحسنة وزيادة يذكرنا بأهمية العمل الصالح في الدنيا، وضرورة أن يكون له أثر ملموس على حياة الناس. ولكن في الوقت نفسه، يجب أن نتذكر أن للدين أبعاداً أخرى غير البعد الدنيوي، وأن الإيمان لا يقتصر على العمل، بل يشمل أيضاً جوانب روحية وأخلاقية. إن الحكمة تقتضي أن نجمع بين هذه الأبعاد كلها، وأن نسعى إلى تحقيق التوازن بين الدنيا والآخرة، وبين العمل والإيمان، وبين العقل والروح.
إن فكر الدكتور شحرور، على الرغم من اختلافنا معه في بعض الآراء، يبقى إضافة قيمة للفكر الإسلامي المعاصر، ويستحق أن يُدرس ويُنقد ويُحلل، لعلنا نصل إلى فهم أعمق وأشمل للدين، ونستطيع أن نواجه تحديات العصر بوعي وإدراك.
مقالات مرتبطة
Youtube
مدة القراءة