يوم البعث وكيف تطوى السماوات وتمد الارض

يوم البعث وكيف تطوى السماوات وتمد الأرض - تحليل وتأمل

الفيديو المعروض على يوتيوب بعنوان يوم البعث وكيف تطوى السماوات وتمد الأرض (رابط الفيديو: https://www.youtube.com/watch?v=f4bNmEucrBg) يتناول موضوعًا بالغ الأهمية في العقيدة الإسلامية، ألا وهو يوم القيامة وما يسبقه من أحداث جسام تتغير فيها معالم الكون وتتبدل فيها قوانين الطبيعة. يستند الفيديو في طرحه إلى الآيات القرآنية والأحاديث النبوية الشريفة التي تصف ذلك اليوم الرهيب، وتسعى إلى تقريب صورته إلى الأذهان وتذكير الناس بأهواله لعلهم يتذكرون ويعتبرون.

يوم القيامة: حقيقة لا مفر منها

الإيمان باليوم الآخر هو أحد أركان الإيمان الأساسية في الإسلام. هو اليوم الذي يبعث فيه الله تعالى الخلائق من قبورهم ليحاسبهم على أعمالهم في الدنيا، ويجازيهم عليها بالجنة أو النار. هذا اليوم ليس مجرد فكرة مجردة أو أسطورة خرافية، بل هو حقيقة مؤكدة وردت بها النصوص الشرعية الصريحة، وأخبر بها الأنبياء والمرسلون. الإيمان بهذا اليوم له أثر كبير في سلوك الإنسان وتوجهاته، فهو يجعله أكثر حرصًا على فعل الخير واجتناب الشر، وأكثر استعدادًا للقاء الله تعالى.

طي السماوات: مشهد من مشاهد الفناء

يتناول الفيديو قضية طي السماوات كأحد المشاهد المصاحبة ليوم القيامة. هذه العبارة، الواردة في القرآن الكريم في عدة مواضع، تشير إلى نهاية الكون الذي نعرفه، وتلاشي النجوم والكواكب، وزوال النظام الذي يسيره. فالسماء، هذا البناء العظيم الذي نراه فوقنا، سيطوى ويجمع كما يطوى السجل للكتاب، ثم يعاد خلقه من جديد. هذه الصورة تعكس قدرة الله تعالى المطلقة على الخلق والإفناء، وتذكر الإنسان بضعفه وهوانه أمام عظمة الخالق.

إن تصور طي السماوات يثير في النفس مشاعر الرهبة والخوف، ولكنه في الوقت نفسه يوقظ فيها الإحساس بقيمة الحياة الدنيا وأنها دار عمل واختبار، وأن الآخرة هي دار الجزاء والحساب. فمن زرع خيرًا في الدنيا حصد خيرًا في الآخرة، ومن زرع شرًا حصد شرًا.

مد الأرض: تبديل وتبديل

إلى جانب طي السماوات، يتحدث الفيديو عن مد الأرض، وهو تغيير آخر يطرأ على الكون في يوم القيامة. فالأرض التي نعيش عليها، والتي نعرف تضاريسها وجبالها وبحارها، ستمتد وتتسع وتصبح مستوية لا ترى فيها عوجًا ولا أمتًا. ويزول كل ما عليها من جبال وأشجار وبحار، وتتحول إلى أرض بيضاء نقية مستوية، لا شيء فيها يدل على ما كانت عليه في الدنيا.

هذا التغيير الكبير في معالم الأرض يدل على أن الدنيا ليست هي الغاية النهائية، وأن هناك حياة أخرى أبدية تنتظر الإنسان بعد الموت. فالأرض الجديدة المهيأة ليوم الحساب هي مكان الاجتماع الأخير للخلق، حيث يقفون أمام الله تعالى للحساب والجزاء.

الحكمة من تذكيرنا بأهوال يوم القيامة

قد يتساءل البعض عن الحكمة من تذكيرنا بأهوال يوم القيامة ووصفها بتلك التفاصيل المروعة. والإجابة هي أن هذا التذكير له فوائد جمة، منها:

• تذكير الإنسان بضعفه وعجزه: فمشاهد القيامة وأهوالها تذكر الإنسان بضعفه وعجزه أمام قوة الله تعالى وعظمته، وتجعله أكثر تواضعًا وخضوعًا لله.
• التحذير من مغبة المعاصي والذنوب: فتذكر العذاب الذي ينتظر العصاة في الآخرة يدفع الإنسان إلى تجنب المعاصي والذنوب والمسارعة إلى التوبة والاستغفار.
• تشجيع الإنسان على فعل الخيرات: فتذكر النعيم الذي ينتظر المؤمنين في الجنة يشجع الإنسان على فعل الخيرات والأعمال الصالحة والسعي إلى مرضاة الله تعالى.
• التزود بالصبر والثبات: فتذكر أهوال القيامة يجعل الإنسان أكثر صبرًا وثباتًا على الحق في الدنيا، وأكثر قدرة على تحمل المصائب والابتلاءات.
• تقوية الإيمان باليوم الآخر: فتذكر تفاصيل يوم القيامة وأحداثه يقوي الإيمان باليوم الآخر ويجعله أكثر رسوخًا في القلب، وبالتالي يؤثر في سلوك الإنسان وتوجهاته.

رسالة الفيديو: الاستعداد ليوم الحساب

إن الرسالة الأساسية التي يحملها الفيديو هي دعوة إلى الاستعداد ليوم الحساب والعمل الصالح الذي ينجي الإنسان من عذاب الله تعالى. فالدنيا دار ممر وليست دار مقر، والآخرة هي دار الخلود والبقاء. فمن عمل صالحًا فلينتظر جزاءه الحسن، ومن عمل سيئًا فلينتظر جزاءه العادل.

إن الاستعداد ليوم الحساب لا يقتصر على فعل العبادات الظاهرة كالصلة والصيام والزكاة والحج، بل يشمل أيضًا تطهير القلب من الحقد والكراهية والحسد، والتحلي بالأخلاق الفاضلة كالصبر والتسامح والعفو والرحمة. كما يشمل أيضًا الإحسان إلى الناس وقضاء حوائجهم ومساعدة المحتاجين.

فالإنسان العاقل هو الذي يعمل لآخرته كما لو كان يموت غدًا، ويعمل لدنياه كما لو كان يعيش أبدًا. هو الذي يوازن بين متطلبات الدنيا والآخرة، ولا يطغى جانب على جانب. هو الذي يجعل رضا الله تعالى هو غايته وهدفه في الحياة.

ختامًا

إن فيديو يوم البعث وكيف تطوى السماوات وتمد الأرض يقدم لنا تذكيرًا مؤثرًا بأهمية الإيمان باليوم الآخر والاستعداد له بالعمل الصالح. فنسأل الله تعالى أن يجعلنا من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وأن يوفقنا لما يحبه ويرضاه، وأن يجعلنا من أهل الجنة الذين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون.

اللهم اجعلنا ممن يستعدون للقائك بالعمل الصالح، ويحسنون الظن بك، ويتوكلون عليك في كل الأمور. اللهم اجعلنا ممن يفوزون برضاك وجنتك في الآخرة. آمين.