ما سر عدم وضوح إسرائيل بشأن مكان السنوار وهل القضاء على حماس هدف قابل للتحقيق
ما سر عدم وضوح إسرائيل بشأن مكان السنوار وهل القضاء على حماس هدف قابل للتحقيق
في خضم الحرب الدائرة في قطاع غزة، يبرز سؤال ملحّ ومثير للجدل: أين يختبئ يحيى السنوار، زعيم حركة حماس في القطاع؟ ولماذا لا تملك إسرائيل معلومات دقيقة وواضحة حول مكانه؟ وهل بالفعل، كما تدّعي إسرائيل، أن القضاء على حماس هو هدف قابل للتحقيق؟ هذه الأسئلة وغيرها تطرح نفسها بقوة، وتستدعي تحليلاً معمقاً وشاملاً، خاصة في ضوء التطورات الميدانية والسياسية المتسارعة.
يناقش هذا المقال، مستلهماً من التحليلات الواردة في فيديو اليوتيوب المعنون ما سر عدم وضوح إسرائيل بشأن مكان السنوار وهل القضاء على حماس هدف قابل للتحقيق (الرابط: https://www.youtube.com/watch?v=v2yC14ewbZs)، الأسباب الكامنة وراء هذا الغموض الإسرائيلي، ويستكشف مدى واقعية الهدف الإسرائيلي المعلن بالقضاء على حماس، مع الأخذ في الاعتبار التعقيدات السياسية والعسكرية والإنسانية المحيطة بالصراع.
غموض إسرائيلي مُحيّر: أين يختبئ السنوار؟
منذ بداية الحرب، أعلنت إسرائيل أن رأس أولوياتها هو الوصول إلى يحيى السنوار، ووصفته بأنه رأس الأفعى والمحرك الرئيسي لعمليات حماس. ومع ذلك، وبعد شهور من القصف والعمليات البرية المكثفة، لا يزال مصير السنوار مجهولاً، ولا تملك إسرائيل معلومات قاطعة حول مكانه. هذا الغموض يثير العديد من التساؤلات والتحليلات:
- التحصينات المعقدة: تشير التقديرات إلى أن السنوار يختبئ في شبكة أنفاق معقدة ومتشعبة تمتد تحت قطاع غزة. هذه الأنفاق، التي تمتد لعشرات الكيلومترات، توفر له ولغيره من قادة حماس ملاذاً آمناً من القصف الإسرائيلي. إن اختراق هذه الأنفاق والوصول إلى السنوار يمثل تحدياً عسكرياً كبيراً، نظراً لصعوبة التنقل فيها، ووجود الأفخاخ والمتفجرات، واحتمالية وقوع اشتباكات عنيفة مع مقاتلي حماس.
- الاستخبارات المحدودة: على الرغم من جهودها الاستخباراتية المكثفة، يبدو أن إسرائيل تعاني من نقص في المعلومات الدقيقة والموثوقة حول مكان وجود السنوار. قد يعزى ذلك إلى السرية الشديدة التي تحيط بتحركات قادة حماس، وقدرتهم على التمويه والتخفي، فضلاً عن صعوبة اختراق الشبكات الداخلية للحركة.
- حماية شعبية: قد يحظى السنوار بدعم وتعاطف من بعض السكان المحليين في غزة، الذين قد يقدمون له المساعدة والحماية، ويحجبون المعلومات عنه عن السلطات الإسرائيلية. هذا الدعم الشعبي، وإن كان محدوداً، يمكن أن يعيق جهود إسرائيل في تعقبه واعتقاله.
- اعتبارات استراتيجية: قد يكون عدم إعلان إسرائيل عن معلومات دقيقة حول مكان السنوار جزءاً من استراتيجية أوسع تهدف إلى الضغط على حماس للتفاوض، أو ربما تأخير اعتقاله إلى وقت لاحق لتحقيق مكاسب سياسية أو عسكرية أكبر.
القضاء على حماس: هدف قابل للتحقيق أم وهم استراتيجي؟
منذ بداية الحرب، أعلنت إسرائيل أن هدفها الرئيسي هو القضاء على حماس وتدمير قدراتها العسكرية والسياسية. هذا الهدف، الذي تبنته الحكومة الإسرائيلية وأيدته قطاعات واسعة من الجمهور، يثير تساؤلات حول مدى واقعيته وإمكانية تحقيقه.
إن القضاء على حركة مثل حماس، التي تتمتع بدعم شعبي واسع في غزة، ولديها شبكة علاقات إقليمية ودولية، يمثل تحدياً معقداً وصعباً للغاية. يمكن تحليل هذا الهدف من عدة زوايا:
- الطبيعة اللامركزية لحماس: حماس ليست مجرد تنظيم عسكري، بل هي حركة سياسية واجتماعية متجذرة في المجتمع الفلسطيني. لديها مؤسسات وأجهزة مختلفة، تعمل في مجالات متعددة، مثل التعليم والصحة والعمل الاجتماعي. حتى في حال تم تدمير قدراتها العسكرية، فإن أيديولوجيتها وبنيتها الاجتماعية ستظلان قائمتين، وقادرتين على إعادة التنظيم والظهور مرة أخرى.
- الدعم الشعبي: تحظى حماس بدعم شعبي كبير في قطاع غزة، ويعتبرها الكثيرون مقاومة للاحتلال الإسرائيلي. هذا الدعم الشعبي يوفر لها حاضنة اجتماعية وسياسية، ويساعدها على تجنيد عناصر جديدة، والحفاظ على قوتها ونفوذها. القضاء على حماس يتطلب تغيير هذا الواقع، وهو أمر يتطلب وقتاً طويلاً وجهوداً كبيرة في مجالات التنمية والتعليم والإصلاح السياسي.
- التدخلات الخارجية: تحظى حماس بدعم من بعض الدول الإقليمية، مثل إيران، التي تقدم لها الدعم المالي والعسكري والسياسي. هذه التدخلات الخارجية تعزز قدرات حماس، وتساعدها على مواجهة الضغوط الإسرائيلية. القضاء على حماس يتطلب قطع هذه الإمدادات الخارجية، وهو أمر يتطلب جهوداً دبلوماسية وأمنية مكثفة.
- النتائج العكسية: قد يؤدي التركيز على القضاء على حماس إلى نتائج عكسية، مثل زيادة التطرف والعنف، وتدهور الأوضاع الإنسانية في غزة، وتقويض فرص السلام والاستقرار في المنطقة. بدلاً من القضاء على حماس، قد يكون من الأفضل التركيز على احتواء نفوذها، وإضعاف قدراتها، وتشجيع الحوار والتفاوض معها، كجزء من حل سياسي شامل للصراع الفلسطيني الإسرائيلي.
بدائل استراتيجية: نحو حلول أكثر واقعية
في ضوء التحديات والصعوبات التي تواجه تحقيق هدف القضاء على حماس، قد يكون من الضروري البحث عن بدائل استراتيجية أكثر واقعية وفعالية. يمكن النظر في الخيارات التالية:
- احتواء نفوذ حماس: بدلاً من محاولة القضاء على حماس بشكل كامل، يمكن التركيز على احتواء نفوذها وإضعاف قدراتها. يمكن تحقيق ذلك من خلال تعزيز السلطة الفلسطينية، وتحسين الأوضاع الاقتصادية والمعيشية في غزة، وتعزيز التعاون الأمني مع الدول الإقليمية والدولية.
- الحوار والتفاوض: قد يكون من الضروري فتح قنوات للحوار والتفاوض مع حماس، كجزء من حل سياسي شامل للصراع الفلسطيني الإسرائيلي. يمكن أن يشمل هذا الحوار قضايا مثل وقف إطلاق النار، وتبادل الأسرى، ورفع الحصار عن غزة، وإعادة إعمار القطاع.
- الإصلاح السياسي: يمكن تشجيع الإصلاح السياسي في غزة، من خلال دعم المصالحة الوطنية الفلسطينية، وتعزيز الديمقراطية وحقوق الإنسان، وتمكين المجتمع المدني. هذا الإصلاح يمكن أن يساعد على تقويض نفوذ حماس، وخلق بدائل سياسية واجتماعية أكثر اعتدالاً.
- المساعدات الإنسانية: يجب زيادة المساعدات الإنسانية لغزة، من أجل تخفيف معاناة السكان، وتحسين الأوضاع المعيشية، وتعزيز الاستقرار. هذه المساعدات يمكن أن تساعد على تقليل الدعم الشعبي لحماس، وخلق بيئة أكثر مواتية للسلام والاستقرار.
الخلاصة
إن عدم وضوح إسرائيل بشأن مكان يحيى السنوار يعكس التحديات المعقدة التي تواجهها في قطاع غزة، وصعوبة اختراق شبكة الأنفاق المعقدة التي يعتمد عليها قادة حماس. أما بالنسبة لهدف القضاء على حماس، فهو يبدو هدفاً غير واقعي، نظراً للطبيعة اللامركزية للحركة، والدعم الشعبي الذي تحظى به، والتدخلات الخارجية التي تتلقاها. بدلاً من ذلك، قد يكون من الأفضل التركيز على بدائل استراتيجية أكثر واقعية، مثل احتواء نفوذ حماس، وتشجيع الحوار والتفاوض، وتعزيز الإصلاح السياسي، وزيادة المساعدات الإنسانية. إن تحقيق السلام والاستقرار في المنطقة يتطلب حلولاً مبتكرة وشاملة، تأخذ في الاعتبار جميع الأطراف المعنية، وتستند إلى مبادئ العدل والمساواة والاحترام المتبادل.
مقالات مرتبطة
Youtube
مدة القراءة
Youtube
مدة القراءة