عماد الدين أديب لهذا السبب نتنياهو يسعى لرسم خارطة جديدة للمنطقة

عماد الدين أديب: لماذا يسعى نتنياهو لرسم خارطة جديدة للمنطقة؟ - تحليل معمق

يشكل فيديو عماد الدين أديب المعنون لهذا السبب نتنياهو يسعى لرسم خارطة جديدة للمنطقة ( https://www.youtube.com/watch?v=hkM2N-GT8A0 ) مادة ثرية تستحق التحليل المعمق، فهو يتناول قضية محورية في السياسة الإقليمية والدولية، ألا وهي طموحات إسرائيل، بقيادة بنيامين نتنياهو، في إعادة تشكيل منطقة الشرق الأوسط بما يخدم مصالحها الاستراتيجية. يطرح أديب في الفيديو مجموعة من الأسباب والدوافع التي تقف وراء هذا المسعى، والتي يمكن تلخيصها في عدة نقاط رئيسية، مع الأخذ في الاعتبار السياق التاريخي والجيوسياسي للمنطقة.

الدوافع الرئيسية وراء السعي الإسرائيلي لرسم خارطة جديدة

1. الأمن القومي الإسرائيلي: يظل هذا الدافع هو المحرك الأساسي للسياسة الخارجية الإسرائيلية. ترى إسرائيل في المنطقة المحيطة بها تهديدًا وجوديًا، مدفوعًا بعوامل عدة، أبرزها: وجود حركات مقاومة فلسطينية مسلحة، ودعم بعض الدول العربية لهذه الحركات، والبرنامج النووي الإيراني، وتنامي نفوذ الجماعات المتطرفة. لذا، فإن سعي نتنياهو لرسم خارطة جديدة يهدف إلى إضعاف هذه التهديدات أو القضاء عليها بشكل كامل، وذلك من خلال عدة آليات:

• احتواء إيران: تعتبر إسرائيل إيران التهديد الاستراتيجي الأكبر لها في المنطقة، وتسعى جاهدة لتقويض نفوذها في كل من سوريا ولبنان واليمن والعراق. يتجلى هذا الاحتواء في الدعم الإسرائيلي العلني والخفي للجماعات المعارضة لإيران، والتعاون الاستخباراتي والعسكري مع دول عربية تعتبر إيران أيضًا تهديدًا لها.
• إضعاف حركات المقاومة: تسعى إسرائيل إلى تجفيف منابع الدعم المالي والعسكري لحركات المقاومة الفلسطينية وحزب الله في لبنان، وذلك من خلال الضغط على الدول الداعمة لها، وتعزيز التعاون الأمني مع الدول المجاورة.
• تعزيز التفوق العسكري: تحافظ إسرائيل على تفوقها العسكري النوعي في المنطقة من خلال تحديث ترسانتها باستمرار، والحصول على أحدث التقنيات العسكرية من الولايات المتحدة، وتطوير قدراتها الدفاعية والهجومية.

2. التطبيع مع الدول العربية: يمثل التطبيع هدفًا استراتيجيًا رئيسيًا لإسرائيل، فهو يهدف إلى كسر العزلة الإقليمية التي تعاني منها، وتحسين صورتها في العالم العربي، وتعزيز التعاون الاقتصادي والأمني مع الدول المطبعة. يرى نتنياهو في التطبيع فرصة لتشكيل تحالف إقليمي ضد إيران، ولإيجاد حل للقضية الفلسطينية يتجاوز المطالب الفلسطينية الأساسية. يمكن القول أن اتفاقيات أبراهام، التي تم توقيعها في عهد ترامب، تمثل تتويجًا لجهود إسرائيلية طويلة الأمد في هذا المجال.

3. السيطرة على الموارد الطبيعية: تلعب الموارد الطبيعية، وخاصة الغاز والنفط، دورًا هامًا في السياسة الإقليمية. تسعى إسرائيل إلى تأمين مصادر الطاقة الخاصة بها، والاستفادة من احتياطيات الغاز الموجودة في شرق البحر المتوسط. يتجلى ذلك في اتفاقيات ترسيم الحدود البحرية مع بعض الدول المجاورة، وفي تطوير حقول الغاز، وفي التعاون مع دول أخرى لتصدير الغاز إلى أوروبا.

4. تغيير الوضع الديموغرافي: تسعى إسرائيل، من خلال سياسات استيطانية في الضفة الغربية، إلى تغيير الوضع الديموغرافي لصالحها، وتقويض فرص إقامة دولة فلسطينية قابلة للحياة. تعتبر المستوطنات عقبة رئيسية أمام السلام، وتثير غضب المجتمع الدولي، إلا أن إسرائيل تواصل توسيعها رغم كل الانتقادات.

5. استغلال التحولات الجيوسياسية: تشهد المنطقة تحولات جيوسياسية كبيرة، مثل تراجع الدور الأمريكي، وتصاعد النفوذ الروسي والصيني، وتزايد حدة الصراعات الداخلية في بعض الدول العربية. تسعى إسرائيل إلى استغلال هذه التحولات لصالحها، وذلك من خلال بناء علاقات قوية مع القوى الدولية الصاعدة، والتدخل في الصراعات الداخلية في الدول العربية لخدمة مصالحها.

التحديات التي تواجه المسعى الإسرائيلي

على الرغم من الجهود الإسرائيلية المكثفة، فإن تحقيق طموحاتها في رسم خارطة جديدة للمنطقة يواجه العديد من التحديات:

• المقاومة الفلسطينية: لا تزال المقاومة الفلسطينية، رغم كل الصعوبات، تمثل عقبة رئيسية أمام تحقيق الأهداف الإسرائيلية. تظهر المقاومة الفلسطينية بأشكال مختلفة، من المقاومة المسلحة إلى المقاومة الشعبية، وتلقى دعمًا واسعًا من الشعب الفلسطيني.
• الرأي العام العربي: لا يزال الرأي العام العربي يعارض التطبيع مع إسرائيل، ويعتبر القضية الفلسطينية قضية مركزية. يمكن أن يشكل هذا الرفض الشعبي ضغطًا على الحكومات العربية المطبعة، ويحد من قدرتها على التعاون مع إسرائيل في بعض المجالات.
• الخلافات الداخلية في إسرائيل: تشهد إسرائيل انقسامات سياسية واجتماعية عميقة، يمكن أن تؤثر على قدرتها على اتخاذ قرارات استراتيجية موحدة. أزمة الإصلاح القضائي الأخيرة خير دليل على ذلك.
• الموقف الدولي: على الرغم من الدعم الأمريكي القوي لإسرائيل، فإن هناك انتقادات دولية متزايدة لسياساتها تجاه الفلسطينيين، وتجاه المستوطنات، وتجاه حقوق الإنسان. يمكن أن يؤدي هذا الضغط الدولي إلى فرض عقوبات على إسرائيل، أو إلى الحد من قدرتها على التحرك بحرية في الساحة الدولية.
• صعود قوى إقليمية: تسعى بعض القوى الإقليمية، مثل تركيا وإيران، إلى لعب دور أكبر في المنطقة، وقد تتعارض مصالحها مع المصالح الإسرائيلية. يمكن أن يؤدي هذا التنافس الإقليمي إلى صراعات جديدة في المنطقة.

خلاصة

في الختام، يمكن القول إن سعي نتنياهو لرسم خارطة جديدة للمنطقة هو مسعى معقد ومتشعب، مدفوع بمجموعة من الدوافع الأمنية والاقتصادية والسياسية. تواجه هذا المسعى العديد من التحديات، إلا أن إسرائيل تواصل جهودها لتحقيق أهدافها، مستغلة التحولات الجيوسياسية التي تشهدها المنطقة. يبقى السؤال المطروح: هل ستنجح إسرائيل في تحقيق طموحاتها، أم أن التحديات ستعيق مسعاها؟ الإجابة على هذا السؤال تتوقف على عوامل عدة، أهمها: تطورات القضية الفلسطينية، ومستقبل العلاقات العربية الإسرائيلية، وتوازن القوى الإقليمي والدولي.

يقدم فيديو عماد الدين أديب تحليلًا قيمًا لهذه القضية المعقدة، ويثير تساؤلات هامة حول مستقبل المنطقة. من خلال فهم الدوافع الإسرائيلية والتحديات التي تواجهها، يمكننا أن نفهم بشكل أفضل الديناميكيات السياسية في الشرق الأوسط، وأن نتوقع التطورات المستقبلية.