البابا تواضروس الثاني لـCNN قانون بناء الكنائس أحدث انفراجة وللمرأة دور كبير في الكنيسة

تحليل لمقابلة البابا تواضروس الثاني مع CNN: قانون بناء الكنائس ودور المرأة في الكنيسة

أجرى البابا تواضروس الثاني، بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، مقابلة هامة مع شبكة CNN الإخبارية، تناولت فيها قضايا محورية تتعلق بالكنيسة القبطية الأرثوذكسية في مصر. وقد سلطت المقابلة، التي يمكن مشاهدتها على الرابط https://www.youtube.com/watch?v=YKOaBeCCyl0، الضوء على موضوعين رئيسيين: قانون بناء الكنائس الجديد ودور المرأة في الكنيسة. سنقوم في هذا المقال بتحليل تفصيلي لهذه المقابلة، مع التركيز على أهم النقاط التي أثارها البابا تواضروس، وأبعادها المختلفة، وتأثيرها المحتمل على المجتمع المصري والكنيسة القبطية.

قانون بناء الكنائس: انفراجة تاريخية

أكد البابا تواضروس خلال المقابلة على أن قانون بناء الكنائس الجديد يمثل انفراجة تاريخية بالنسبة للأقباط في مصر. فقد عانى الأقباط لعقود طويلة من صعوبات جمة في الحصول على تراخيص لبناء أو ترميم الكنائس، وهو ما كان يشكل مصدرًا دائمًا للتوتر والاحتقان الطائفي. قبل صدور القانون، كانت عمليات البناء والترميم تخضع لإجراءات معقدة وبيروقراطية طويلة، وغالبًا ما كانت تنتهي بالرفض لأسباب غير موضوعية. أدى هذا الوضع إلى وجود العديد من الكنائس غير المرخصة، والتي كانت عرضة للإغلاق أو الهدم، بالإضافة إلى تفاقم الشعور بالتهميش والإقصاء لدى الأقباط.

القانون الجديد، الذي صدر في عام 2016، يهدف إلى تيسير إجراءات بناء الكنائس وترميمها، وتقنين أوضاع الكنائس القائمة غير المرخصة. ينص القانون على إنشاء لجنة في كل محافظة تتولى فحص طلبات البناء والترميم، وإصدار التراخيص اللازمة. كما يحدد القانون مدة زمنية محددة لإصدار التراخيص، ويلزم الجهات الحكومية بالرد على الطلبات خلال هذه المدة. يهدف القانون أيضًا إلى معالجة مشكلة الكنائس غير المرخصة، من خلال تقنين أوضاعها وتوفيقها مع الاشتراطات القانونية.

أوضح البابا تواضروس في المقابلة أن القانون الجديد قد ساهم بشكل كبير في تخفيف حدة التوتر الطائفي، وتحسين العلاقات بين المسلمين والمسيحيين في مصر. كما أشار إلى أن القانون قد سمح ببناء وترميم العديد من الكنائس في مختلف أنحاء البلاد، وهو ما ساهم في تلبية احتياجات الأقباط الدينية. ومع ذلك، لم ينكر البابا وجود بعض التحديات والصعوبات في تطبيق القانون، مؤكدًا على ضرورة تذليل هذه العقبات وتفعيل القانون بشكل كامل لضمان حصول جميع الأقباط على حقهم في ممارسة شعائرهم الدينية بحرية.

من المهم الإشارة إلى أن قانون بناء الكنائس لم يكن وليد اللحظة، بل جاء نتيجة جهود مضنية ومفاوضات طويلة بين الكنيسة القبطية والحكومة المصرية. لقد بذل البابا تواضروس جهودًا كبيرة لإقناع المسؤولين بأهمية إصدار هذا القانون، وضرورة تلبية مطالب الأقباط المشروعة في بناء دور عبادتهم. وقد أثمرت هذه الجهود في النهاية عن صدور القانون، الذي يمثل خطوة هامة نحو تحقيق المساواة والعدالة بين جميع المواطنين المصريين.

دور المرأة في الكنيسة: تقدير متزايد

الموضوع الثاني الذي تم تناوله في المقابلة هو دور المرأة في الكنيسة القبطية. أكد البابا تواضروس على أن المرأة تلعب دورًا كبيرًا وهامًا في الكنيسة، وأنها تساهم بشكل فعال في مختلف مجالات الخدمة. أشار البابا إلى أن المرأة تعمل في مجالات التعليم والتربية والخدمة الاجتماعية والرعاية الصحية، وأنها تقوم بدور حيوي في دعم المجتمع القبطي والحفاظ على قيمه وتقاليده.

تقليديًا، كان دور المرأة في الكنيسة القبطية محدودًا إلى حد ما، حيث كانت تقتصر مشاركتها على بعض الأعمال الخدمية البسيطة. ومع ذلك، في السنوات الأخيرة، شهد دور المرأة في الكنيسة تطورًا ملحوظًا، حيث بدأت المرأة تشارك في المزيد من الأنشطة والمسؤوليات. يعود هذا التطور إلى عدة عوامل، من بينها ارتفاع مستوى التعليم لدى المرأة القبطية، وزيادة وعيها بحقوقها، وتشجيع الكنيسة لها على المشاركة الفعالة في الحياة الكنسية.

أكد البابا تواضروس على أن الكنيسة تسعى إلى تمكين المرأة وتعزيز دورها في مختلف المجالات. أشار البابا إلى أن الكنيسة تقوم بتدريب وتأهيل المرأة للقيام بدور قيادي في الكنيسة، وأنها تتيح لها الفرصة للمشاركة في اتخاذ القرارات الهامة. كما أشار إلى أن الكنيسة تدعم المرأة في الحصول على التعليم والتدريب اللازمين لتطوير مهاراتها وقدراتها، وتمكينها من خدمة المجتمع بشكل أفضل.

على الرغم من التطورات الإيجابية في دور المرأة في الكنيسة، لا تزال هناك بعض القيود والتحديات التي تواجهها المرأة القبطية. على سبيل المثال، لا يسمح للمرأة بتولي المناصب الكهنوتية في الكنيسة القبطية، وهو الأمر الذي يثير جدلاً واسعًا بين الأقباط. ومع ذلك، أكد البابا تواضروس على أن الكنيسة تدرس هذه القضية بعناية، وأنها تسعى إلى إيجاد حلول مناسبة تراعي التقاليد الكنسية وتحقق العدالة والمساواة بين الجنسين.

إن تقدير دور المرأة في الكنيسة ليس مجرد مسألة عدالة اجتماعية، بل هو أيضًا ضرورة حتمية لمواجهة التحديات التي تواجه الكنيسة والمجتمع. فالمرأة تمثل نصف المجتمع، ولا يمكن تحقيق التقدم والازدهار إلا من خلال تمكينها وإتاحة الفرصة لها للمشاركة الفعالة في جميع المجالات. إن الكنيسة التي تقدر دور المرأة وتدعمها هي الكنيسة القادرة على مواجهة التحديات وتحقيق النجاح.

خلاصة

تعكس مقابلة البابا تواضروس الثاني مع CNN رؤية مستنيرة وشاملة للكنيسة القبطية في مصر. أظهرت المقابلة أن الكنيسة تسعى جاهدة إلى تحقيق المساواة والعدالة بين جميع المواطنين، وتعزيز دور المرأة في المجتمع. كما أظهرت المقابلة أن الكنيسة تعمل بجد لمواجهة التحديات التي تواجهها، والسعي إلى تحقيق التقدم والازدهار للمجتمع المصري بأكمله.

إن قانون بناء الكنائس يمثل خطوة هامة نحو تحقيق المساواة الدينية، وتمكين الأقباط من ممارسة شعائرهم الدينية بحرية. كما أن تقدير دور المرأة في الكنيسة يمثل خطوة هامة نحو تحقيق العدالة الاجتماعية، وتمكين المرأة من المشاركة الفعالة في بناء المجتمع. إن الكنيسة التي تعمل على تحقيق هذه الأهداف هي الكنيسة القادرة على مواجهة التحديات وتحقيق النجاح، والمساهمة في بناء مستقبل أفضل لمصر.

إن مقابلة البابا تواضروس مع CNN هي بمثابة رسالة أمل وتفاؤل للمسيحيين في مصر والعالم، وتؤكد على أن الكنيسة القبطية تسير بخطى ثابتة نحو تحقيق أهدافها النبيلة في خدمة المجتمع والإنسانية.