علومك ومعرفتك أكبر من السابقين ونعم نحن أعلم من السابقين الا الرسل وهذه سنة الله من كتاب الله

تحليل ومناقشة فيديو علومك ومعرفتك أكبر من السابقين ونعم نحن أعلم من السابقين الا الرسل وهذه سنة الله من كتاب الله

يثير فيديو اليوتيوب الذي يحمل عنوان علومك ومعرفتك أكبر من السابقين ونعم نحن أعلم من السابقين الا الرسل وهذه سنة الله من كتاب الله (رابط الفيديو: https://www.youtube.com/watch?v=TY4m-wlMMR8) جدلاً واسعاً حول طبيعة المعرفة الإنسانية وتراكميتها، والعلاقة بين الأجيال السابقة واللاحقة في هذا السياق. يتبنى الفيديو موقفاً جريئاً مفاده أن المعرفة والعلوم المتراكمة لدى الأجيال الحالية تتجاوز ما كان متاحاً للأجيال السابقة، باستثناء الرسل والأنبياء الذين حباهم الله بعلم خاص عن طريق الوحي. هذا الادعاء يستدعي تفكيراً نقدياً وتحليلاً معمقاً من منظورات مختلفة، سواء كانت دينية أو تاريخية أو فلسفية.

تراكمية المعرفة الإنسانية: حقيقة لا يمكن إنكارها

لا يمكن إنكار حقيقة أن المعرفة الإنسانية تتراكم عبر الأجيال. فكل جيل يبني على ما توصل إليه الجيل الذي سبقه، ويضيف إليه ويكتشف المزيد. هذا التراكم المعرفي هو المحرك الأساسي للتقدم العلمي والتكنولوجي والحضاري. فالاختراعات والاكتشافات العلمية الحديثة لم تكن لتتحقق لولا الجهود المتراكمة للعلماء والباحثين على مر العصور. فمثلاً، نظرية النسبية لأينشتاين لم تكن لتظهر لولا قوانين نيوتن للحركة والجاذبية، وقوانين نيوتن بدورها لم تكن لتظهر لولا جهود علماء الرياضيات والفلك الذين سبقوه.

في مجال الطب، نرى كيف أن المعرفة التشريحية والفيزيولوجية المتراكمة عبر القرون ساهمت في تطوير طرق التشخيص والعلاج، وأدت إلى اكتشاف الأدوية والأمصال التي تنقذ حياة الملايين. وفي مجال الهندسة، نرى كيف أن المعرفة الهندسية المتراكمة ساهمت في بناء الجسور والمباني الشاهقة والطرق الحديثة.

إذن، القول بأن معرفة وعلوم الأجيال الحالية تتجاوز ما كان متاحاً للأجيال السابقة هو قول صحيح ومنطقي، ولا يتعارض مع احترامنا وتقديرنا لجهود السابقين. فالسابقون هم الذين وضعوا اللبنات الأولى للمعرفة، ونحن نبني عليها ونضيف إليها.

الاستثناء: الرسل والأنبياء

يستثني الفيديو الرسل والأنبياء من هذا التراكم المعرفي، ويؤكد أنهم يتمتعون بعلم خاص من عند الله عن طريق الوحي، وهذا العلم لا يضاهيه علم البشر. هذا الاستثناء يستند إلى العقيدة الإسلامية التي تؤمن بأن الله تعالى اصطفى الرسل والأنبياء وأنزل عليهم الوحي ليكونوا هداة للبشرية. هذا الوحي يتضمن معرفة خاصة بالأمور الغيبية والأخلاقية والتشريعية، وهذه المعرفة ليست مكتسبة عن طريق التجربة أو البحث العلمي، بل هي هبة من الله تعالى.

إن العلم الذي أتى به الرسل والأنبياء هو علم إلهي شامل، يشمل الدنيا والآخرة، ويهدف إلى تحقيق سعادة الإنسان في الدارين. هذا العلم ليس مجرد مجموعة من الحقائق والمعلومات، بل هو منهج حياة كامل، يتضمن القيم والأخلاق والمبادئ التي يجب على الإنسان أن يلتزم بها في حياته.

إذن، المقارنة بين علم الرسل والأنبياء وعلم البشر هي مقارنة غير واردة، لأن علم الرسل والأنبياء هو علم إلهي، بينما علم البشر هو علم بشري محدود. ولا يمكن أن يتجاوز العلم البشري العلم الإلهي.

سنة الله في تراكم المعرفة

يشير الفيديو إلى أن تراكم المعرفة الإنسانية هو سنة الله في الكون. وهذا يعني أن الله تعالى قد قدر أن تتطور المعرفة الإنسانية وتتراكم عبر الأجيال، وأن هذا التطور هو جزء من خطته في الكون. وهذا يتفق مع الآيات القرآنية التي تحث على التفكر والتدبر في الكون، وعلى طلب العلم والمعرفة. فالله تعالى يقول في كتابه الكريم: أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَىٰ قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا (محمد: 24)، ويقول أيضاً: وَقُل رَّبِّ زِدْنِي عِلْمًا (طه: 114).

إن طلب العلم والمعرفة هو عبادة لله تعالى، وهو وسيلة للتقرب إليه. فكلما ازداد علم الإنسان ومعرفته، كلما ازداد إيمانه بالله تعالى وقدرته وعظمته. فالعلم يقود إلى الإيمان، والإيمان يقود إلى العمل الصالح.

إذن، تراكم المعرفة الإنسانية هو نعمة من الله تعالى، ويجب علينا أن نستغل هذه النعمة في خدمة البشرية وفي نشر الخير والسلام في العالم.

نقد بعض جوانب الطرح

على الرغم من أن الفكرة الأساسية في الفيديو صحيحة، إلا أن بعض جوانب الطرح قد تحتاج إلى بعض التوضيح والتعديل. فمثلاً، قد يفهم البعض من العنوان أن الفيديو يدعو إلى التكبر والتعالي على الأجيال السابقة، وهذا غير صحيح. فالاحترام والتقدير للأجيال السابقة هو أمر ضروري، لأنهم هم الذين وضعوا الأساس الذي نبني عليه.

كما أن الفيديو قد يوحي بأن العلم البشري هو كل شيء، وأن الإنسان قادر على حل جميع المشاكل والتحديات التي تواجهه. وهذا أيضاً غير صحيح. فالعلم البشري محدود، ولا يمكن أن يحل جميع المشاكل. هناك أمور غيبية لا يمكن للعلم أن يصل إليها، وهناك مشاكل اجتماعية وسياسية لا يمكن للعلم أن يحلها بمفرده.

إذن، يجب علينا أن نكون متواضعين ومنصفين في تقييمنا للمعرفة الإنسانية، وأن نعترف بحدودها وقصورها. ويجب علينا أيضاً أن نجمع بين العلم والإيمان، وأن نستخدم العلم في خدمة الإنسانية وفي نشر الخير والسلام في العالم.

خلاصة

إن الفيديو الذي يحمل عنوان علومك ومعرفتك أكبر من السابقين ونعم نحن أعلم من السابقين الا الرسل وهذه سنة الله من كتاب الله يثير قضية مهمة حول طبيعة المعرفة الإنسانية وتراكميتها. الفيديو يؤكد على أن المعرفة الإنسانية تتراكم عبر الأجيال، وأن الأجيال الحالية تمتلك معرفة وعلماً أكبر مما كان متاحاً للأجيال السابقة، باستثناء الرسل والأنبياء الذين حباهم الله بعلم خاص عن طريق الوحي. هذا الطرح صحيح ومنطقي، ويتفق مع الواقع الذي نعيشه. ولكن يجب علينا أن نكون متواضعين ومنصفين في تقييمنا للمعرفة الإنسانية، وأن نعترف بحدودها وقصورها. ويجب علينا أيضاً أن نجمع بين العلم والإيمان، وأن نستخدم العلم في خدمة الإنسانية وفي نشر الخير والسلام في العالم.