الشرطة الأرمينية تعتقل عشرات المتظاهرين بعد غغلاقهم الطرقات للمطالبة برحيل نيكول باشينيان
الشرطة الأرمينية تعتقل عشرات المتظاهرين بعد إغلاقهم الطرقات للمطالبة برحيل نيكول باشينيان
شهدت أرمينيا في الآونة الأخيرة تصاعدًا ملحوظًا في الاحتجاجات الشعبية المطالبة برحيل رئيس الوزراء الحالي، نيكول باشينيان. وتأتي هذه الاحتجاجات على خلفية سلسلة من الأحداث والتطورات السياسية والاقتصادية التي أثارت استياءً واسعًا في الشارع الأرميني، وبلغت ذروتها في الاعتقالات التي قامت بها الشرطة لعشرات المتظاهرين بعد إغلاقهم للطرقات في العاصمة يريفان ومدن أخرى. هذا المقال يهدف إلى تحليل أسباب هذه الاحتجاجات، وتقييم تأثيرها على المشهد السياسي الأرميني، واستشراف مستقبل البلاد في ظل هذه التطورات المتسارعة.
خلفية الأزمة السياسية في أرمينيا
تعود جذور الأزمة السياسية الحالية في أرمينيا إلى عدة عوامل متداخلة، أبرزها:
- الهزيمة في حرب ناغورنو كاراباخ عام 2020: تُعتبر الهزيمة في الحرب مع أذربيجان حول إقليم ناغورنو كاراباخ بمثابة نقطة تحول رئيسية في المشهد السياسي الأرميني. فقد أدت الخسائر الفادحة في الأرواح والممتلكات، بالإضافة إلى فقدان السيطرة على أجزاء كبيرة من الإقليم المتنازع عليه، إلى تقويض الثقة في الحكومة الحالية وزعزعة استقرار البلاد.
- الوضع الاقتصادي المتدهور: تعاني أرمينيا من مشاكل اقتصادية مزمنة، تفاقمت بسبب تداعيات الحرب وجائحة كوفيد-19. وقد أدت البطالة وارتفاع الأسعار وتدهور مستوى المعيشة إلى زيادة الغضب الشعبي وتأجيج الاحتجاجات.
- الاستياء من سياسات باشينيان: يرى الكثير من الأرمن أن سياسات باشينيان، وخاصة تلك المتعلقة بإدارة الصراع مع أذربيجان والعلاقات مع روسيا، قد أضرت بالمصالح الوطنية الأرمينية. ويتهمه البعض بالضعف والتخاذل في مواجهة الضغوط الخارجية.
- الانقسامات السياسية العميقة: يعاني المجتمع الأرميني من انقسامات سياسية عميقة بين مؤيدي باشينيان ومعارضيه. وقد أدت هذه الانقسامات إلى تزايد التوتر والاحتقان في الشارع، وإلى صعوبة التوصل إلى حلول توافقية للأزمات التي تواجه البلاد.
أسباب الاحتجاجات المطالبة برحيل باشينيان
يمكن تلخيص الأسباب الرئيسية التي دفعت المتظاهرين إلى الخروج إلى الشوارع والمطالبة برحيل باشينيان في النقاط التالية:
- المطالبة بالمساءلة عن الهزيمة في حرب ناغورنو كاراباخ: يعتبر المتظاهرون أن باشينيان يتحمل المسؤولية الكاملة عن الهزيمة في الحرب، ويطالبون بمحاسبته ومحاكمة المسؤولين عن الإخفاقات التي أدت إلى هذه النتيجة الكارثية.
- الرفض للتنازلات الإقليمية: يرفض المتظاهرون أي تنازلات إقليمية لأذربيجان، ويعتبرون أن باشينيان يسعى إلى تقديم المزيد من التنازلات التي تهدد السيادة الوطنية الأرمينية.
- الاحتجاج على الوضع الاقتصادي المتدهور: يعبر المتظاهرون عن غضبهم من الوضع الاقتصادي المتدهور، ويطالبون الحكومة باتخاذ إجراءات عاجلة لتحسين مستوى المعيشة وتوفير فرص العمل.
- المطالبة بإجراء انتخابات مبكرة: يطالب المتظاهرون بإجراء انتخابات مبكرة، ويعتبرون أن باشينيان فقد الشرعية الشعبية ولا يمثل مصالح الشعب الأرميني.
اعتقال المتظاهرين وإغلاق الطرقات
تصاعدت وتيرة الاحتجاجات في الأيام الأخيرة، حيث قام المتظاهرون بإغلاق الطرقات الرئيسية في العاصمة يريفان ومدن أخرى، مما أدى إلى تعطيل حركة المرور والتأثير على الحياة اليومية للمواطنين. وقد ردت الشرطة الأرمينية على هذه الاحتجاجات باستخدام القوة، واعتقلت عشرات المتظاهرين بتهمة الإخلال بالنظام العام وتعطيل حركة المرور. وقد أثارت هذه الاعتقالات انتقادات واسعة من قبل منظمات حقوق الإنسان والمعارضة السياسية، التي اتهمت الحكومة بقمع الحريات وقمع الاحتجاجات السلمية.
تأثير الاحتجاجات على المشهد السياسي الأرميني
من المؤكد أن الاحتجاجات الحالية سيكون لها تأثير كبير على المشهد السياسي الأرميني، بغض النظر عن النتيجة النهائية. فمن جهة، أظهرت هذه الاحتجاجات أن هناك استياءً شعبيًا واسعًا من حكومة باشينيان، وأن هناك رغبة قوية في التغيير. ومن جهة أخرى، أظهرت هذه الاحتجاجات أيضًا أن هناك انقسامات عميقة في المجتمع الأرميني، وأن هناك صعوبة في التوصل إلى توافق وطني حول مستقبل البلاد.
إذا استمرت الاحتجاجات وتصاعدت وتيرتها، فقد تؤدي إلى استقالة باشينيان وإجراء انتخابات مبكرة. وفي هذه الحالة، سيكون هناك صراع كبير بين مختلف القوى السياسية على السلطة، وقد يؤدي ذلك إلى مزيد من عدم الاستقرار السياسي والاجتماعي. أما إذا تمكنت الحكومة من قمع الاحتجاجات والحفاظ على السلطة، فقد يؤدي ذلك إلى مزيد من التضييق على الحريات وقمع المعارضة، مما قد يؤدي إلى مزيد من الاحتقان والغضب الشعبي.
مستقبل أرمينيا في ظل هذه التطورات
إن مستقبل أرمينيا في ظل هذه التطورات المتسارعة يظل غير واضح. فالبلاد تواجه تحديات كبيرة على الصعيدين الداخلي والخارجي. فمن جهة، تعاني أرمينيا من مشاكل اقتصادية واجتماعية وسياسية عميقة، تحتاج إلى حلول جذرية. ومن جهة أخرى، تواجه أرمينيا تحديات أمنية كبيرة، خاصة في ظل استمرار التوتر مع أذربيجان وتصاعد النفوذ الإقليمي لتركيا.
لكي تتمكن أرمينيا من تجاوز هذه التحديات وبناء مستقبل أفضل، يجب عليها أن تحقق المصالحة الوطنية، وتوحيد الصفوف، والعمل بجد وإخلاص من أجل تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية. كما يجب عليها أن تعمل على تعزيز علاقاتها مع مختلف الدول، وأن تسعى إلى حل النزاعات الإقليمية بالطرق السلمية.
ويبقى الأمل معلقًا على قدرة الشعب الأرميني على تجاوز هذه الأزمة، وبناء مستقبل أكثر استقرارًا وازدهارًا لأجيال المستقبل.
رابط الفيديو: https://www.youtube.com/watch?v=ud1BEvqIt4w
مقالات مرتبطة