المصلين الذين يقيمون الصلاة و يأتون الزكاة وصفهم و افعالهم من الكتاب كيف نكون من المصلين
المصلين الذين يقيمون الصلاة و يأتون الزكاة: وصفهم وأفعالهم وكيف نكون منهم
قال تعالى في كتابه العزيز: إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ (المائدة: 55). هذه الآية الكريمة، والتي تشكل محورًا هامًا في فهمنا للإسلام وعلاقة المؤمن بربه ومجتمعه، تصف فئة مميزة من المؤمنين: أولئك الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون. هذا المقال، مستلهمًا من مضمون الفيديو المعنون المصلين الذين يقيمون الصلاة ويأتون الزكاة وصفهم و افعالهم من الكتاب كيف نكون من المصلين (الرابط: https://www.youtube.com/watch?v=k038hjIUhBE)، يسعى إلى استكشاف عمق هذه الصفات، وتوضيح أفعال هؤلاء المؤمنين، وتقديم إرشادات عملية لكيفية الانضمام إلى ركبهم.
مفهوم إقامة الصلاة: ما وراء الحركات
الصلاة في الإسلام ليست مجرد حركات جسدية وأقوال لسانية تُؤدى في أوقات محددة. إنها عمود الدين، وهي الصلة المباشرة بين العبد وربه. ولكن، ما معنى إقامة الصلاة؟ إنها تتجاوز مجرد أدائها الشكلي. إقامة الصلاة تعني:
- الخشوع والتدبر: أن تكون الصلاة حاضرة في القلب والعقل. أن يفهم المصلي معاني الكلمات التي يتلوها، وأن يتدبر في عظمة الله وجلاله. أن يشعر المصلي بالرهبة والخشوع أمام خالقه.
- المحافظة على أوقاتها: أن يحرص المصلي على أداء الصلاة في وقتها المحدد، دون تأخير أو إهمال. أن يعتبر الصلاة أولوية في حياته، وأن لا يشغله عنها أي شيء.
- إتمام أركانها وشروطها: أن يتقن المصلي أركان الصلاة وشروطها، وأن يؤديها على الوجه الصحيح. أن يحرص على الطهارة والوضوء، وأن يستقبل القبلة.
- تأثيرها في السلوك والأخلاق: أن تنعكس الصلاة على سلوك المصلي وأخلاقه في الحياة اليومية. أن تنهى الصلاة عن الفحشاء والمنكر، وأن تدفعه إلى فعل الخير والبر. قال تعالى: إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ (العنكبوت: 45).
إن إقامة الصلاة بهذا المعنى الشامل، تجعلها قوة دافعة نحو الخير، ومصدرًا للراحة والطمأنينة، ووسيلة للتقرب إلى الله تعالى.
الزكاة: تطهير المال والنفس
الزكاة هي الركن الثالث من أركان الإسلام، وهي فريضة مالية تهدف إلى تطهير المال وتنمية المجتمع. الزكاة ليست مجرد ضريبة أو رسم، بل هي عبادة وقربة إلى الله تعالى. إيتاء الزكاة يعني:
- تطهير المال: أن يعتقد المزكي أن الزكاة تطهر ماله من الشوائب والأدران. أن يعتقد أن المال لله، وأنه مستخلف فيه، وأن عليه أن يؤدي حقه فيه.
- تنمية المجتمع: أن يساهم المزكي في تنمية المجتمع، من خلال مساعدة الفقراء والمحتاجين، ودعم المشاريع الخيرية والتنموية. أن يساهم في تحقيق العدالة الاجتماعية والتكافل بين أفراد المجتمع.
- تزكية النفس: أن تزكي الزكاة نفس المزكي، وتطهره من البخل والشح. أن تعلمه الكرم والجود والإيثار. أن تجعله يشعر بالمسؤولية تجاه الآخرين.
- الامتثال لأمر الله: أن يمتثل المزكي لأمر الله تعالى، وأن يؤدي الزكاة طاعة له ورغبة في رضوانه. أن يعتقد أن الزكاة سبب للبركة والزيادة في الرزق.
إن إيتاء الزكاة بهذا المعنى الشامل، يجعلها وسيلة لتحقيق التوازن في المجتمع، وتخفيف معاناة الفقراء، ونشر المحبة والتآخي بين الناس.
وهم راكعون: دلالات العمق والتذلل
جاءت عبارة وهم راكعون في الآية الكريمة لتضيف بعدًا آخر إلى وصف هؤلاء المؤمنين. الركوع هو وضع من أوضاع الصلاة، وهو تعبير عن التذلل والخضوع لله تعالى. ولكن، لماذا تم التركيز على الركوع بالذات في هذه الآية؟
- الإشارة إلى التواضع: الركوع هو علامة على التواضع والتذلل لله تعالى. المؤمن الذي يقيم الصلاة ويؤتي الزكاة، هو إنسان متواضع، لا يتكبر على الله ولا على عباده.
- التأكيد على الإخلاص: الركوع هو تعبير عن الإخلاص في العبادة. المؤمن الذي يركع لله، يركع بقلبه وجسده، لا رياء ولا سمعة.
- الاستمرار في الطاعة: الركوع هو جزء من الصلاة، والصلاة هي عبادة مستمرة. المؤمن الذي يقيم الصلاة ويؤتي الزكاة، هو مستمر في طاعة الله، لا ينقطع عنها.
- الدلالة على السرعة في الاستجابة: ذهب بعض المفسرين إلى أن هذه الآية نزلت في رجل تصدق وهو راكع، ففي ذلك دلالة على سرعة استجابته لنداء العطاء، وعدم تردده في فعل الخير.
إن عبارة وهم راكعون تصف حالة من الخضوع والتذلل الكامل لله تعالى، وهي حالة ينبغي أن يسعى إليها كل مؤمن.
كيف نكون من المصلين الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة؟
بعد أن تعرفنا على صفات المصلين الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة، وكيف أنهم يجمعون بين العبادة الروحية والعمل الاجتماعي، يبقى السؤال: كيف يمكننا أن نكون منهم؟ الجواب يكمن في اتباع الخطوات التالية:
- فهم حقيقة الصلاة والزكاة: يجب علينا أن نفهم حقيقة الصلاة والزكاة، وأن نعلم أنهما ليستا مجرد واجبات شكلية، بل هما عبادات روحية واجتماعية تهدفان إلى تطهير النفس وتنمية المجتمع.
- التعلم والتفقه في الدين: يجب علينا أن نتعلم ونتفقه في الدين، وأن نتعرف على أحكام الصلاة والزكاة، وأن نسأل أهل العلم عما أشكل علينا.
- الاجتهاد في إقامة الصلاة: يجب علينا أن نجتهد في إقامة الصلاة، وأن نحافظ على أوقاتها، وأن نؤديها بخشوع وتدبر. أن نسعى إلى فهم معاني الكلمات التي نتلوها، وأن ندعو الله بقلب حاضر.
- المبادرة إلى إيتاء الزكاة: يجب علينا أن نبادر إلى إيتاء الزكاة، وأن نحسب أموالنا ونخرج زكاتها في وقتها المحدد. أن نتصدق على الفقراء والمحتاجين، وأن ندعم المشاريع الخيرية والتنموية.
- التواضع والتذلل لله: يجب علينا أن نتواضع ونتذلل لله تعالى، وأن نبتعد عن الكبر والغرور. أن نعترف بذنوبنا وتقصيرنا، وأن نستغفر الله ونتوب إليه.
- الاستعانة بالله والدعاء: يجب علينا أن نستعين بالله تعالى وندعوه أن يعيننا على إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة. أن نطلب منه الهداية والتوفيق والسداد.
- الصحبة الصالحة: يجب علينا أن نصاحب الصالحين، وأن نجالس أهل الخير، وأن نستفيد من علمهم وخبرتهم.
- الاستمرار والمداومة: يجب علينا أن نستمر ونداوم على فعل الخير، وأن لا نمل ولا نيأس. أن نتذكر أن الله يحب من عبده أن يداوم على الطاعة، وإن قلت.
إن السعي إلى إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة، هو سعي إلى تحقيق كمال الإيمان، والتقرب إلى الله تعالى، والفوز برضوانه وجنته. إنه طريق النجاة والفلاح في الدنيا والآخرة.
خاتمة
إن المصلين الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة، هم قدوة حسنة للمؤمنين. هم يمثلون نموذجًا للإنسان المسلم الذي يجمع بين العبادة الروحية والعمل الاجتماعي. إنهم يسعون إلى تطهير أنفسهم وتنمية مجتمعهم. فلنسعَ جميعًا إلى الاقتداء بهم، وأن نكون منهم، لعلنا نفوز برضا الله وجنته. ونسأل الله تعالى أن يجعلنا من المصلين الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون.
مقالات مرتبطة
Youtube
مدة القراءة