تطرف التراثيين وخوفهم من الكفر: نظرة تحليلية في ضوء فيديو يوتيوب

يثير فيديو يوتيوب بعنوان تطرف التراثيين و خوفهم من الكفر و هل يخافوا من الشرك. المومن الحق كافر بالطاغوت. معنى الكفر و الشرك جملة من التساؤلات الهامة حول الفهم المعاصر لمفاهيم دينية أساسية كالكفر والشرك، وعلاقة ذلك بالتيارات التراثية المختلفة. يقدم الفيديو، كما يوحي العنوان، نقداً لبعض الممارسات والاتجاهات الفكرية التي يتبناها بعض المحسوبين على التيار التراثي، وتركيزهم المفرط على التحذير من الكفر، مع التساؤل عن مدى انتباههم وخشيتهم من الشرك.

إن الخوف من الكفر، في جوهره، أمر محمود، فهو يعكس حرص المسلم على التمسك بدينه وتجنب ما يخرجه منه. إلا أن الفيديو يطرح إشكالية التوازن، فهل يتحول هذا الخوف إلى وسواس قهري يدفع إلى تكفير الآخرين بغير حق؟ وهل يؤدي هذا التركيز على الكفر إلى إغفال جانب آخر لا يقل خطورة، وهو الشرك؟

تكمن أهمية هذا الطرح في كونه يسلط الضوء على ضرورة الفهم العميق والشامل لمعنى الكفر والشرك في القرآن والسنة. فالكفر ليس مجرد لفظ أو فعل معين، بل هو حالة قلبية تتجلى في إنكار الحق وجحوده. والشرك ليس فقط عبادة الأصنام، بل هو أيضاً إشراك غير الله في صفاته أو أفعاله، أو التعلق بغيره تعلقاً يجعله ندًا له.

ويشير الفيديو إلى مفهوم الكفر بالطاغوت كمكون أساسي للإيمان الحق. فالإيمان بالله يستلزم بالضرورة إنكار كل ما يعبد من دونه، وكل ما يُتخذ إلهاً أو نداً له. وهذا يتطلب فهماً دقيقاً لمعنى الطاغوت، ليشمل كل ما يجاوز به العبد حده من معبود أو متبوع أو مطاع.

إن الخشية من الشرك يجب أن تكون حاضرة في قلب كل مسلم، تماماً كالخشية من الكفر. فالشرك الخفي قد يتسرب إلى القلوب دون أن يشعر به الإنسان، وذلك من خلال التعلق بالأسباب ونسيان المسبب، أو من خلال طلب العون من غير الله في الأمور التي لا يقدر عليها إلا هو.

في الختام، يمثل الفيديو دعوة إلى التفكير النقدي في الموروث الثقافي والديني، وإلى التمييز بين جوهر الدين ومظاهره، وإلى الحرص على الفهم الصحيح لمفاهيم الكفر والشرك، حتى لا يتحول الخوف منهما إلى داء يعيق مسيرة المسلم نحو الكمال الإيماني.