حوارات دمشق جولة الشرع الإقليمية تحوّل في موقع دمشق الإقليمي أم مجرد محاولة لكسر العزلة
حوارات دمشق: جولة الشرع الإقليمية - تحوّل في موقع دمشق الإقليمي أم مجرد محاولة لكسر العزلة؟
يمثل الفيديو المعنون حوارات دمشق: جولة الشرع الإقليمية - تحوّل في موقع دمشق الإقليمي أم مجرد محاولة لكسر العزلة؟ والذي يمكن الوصول إليه عبر الرابط https://www.youtube.com/watch?v=dDVHi_OAD6g، نافذة هامة لفهم التغيرات الإقليمية المتسارعة وتأثيرها على سوريا وموقعها في هذه المنظومة. يسلط الفيديو الضوء على جولة قام بها السيد فاروق الشرع، نائب الرئيس السوري الأسبق، ووزير الخارجية السوري لفترة طويلة، والتي يُنظر إليها كحلقة وصل بين الماضي والحاضر، ومحاولة لفهم مستقبل سوريا في ضوء المتغيرات الحالية.
للإجابة على السؤال المحوري الذي يطرحه عنوان الفيديو، هل تمثل جولة الشرع الإقليمية تحولًا حقيقيًا في موقع دمشق الإقليمي أم مجرد محاولة لكسر العزلة، يجب أولًا فهم السياق التاريخي والسياسي الذي أحاط بسوريا خلال العقد الماضي. فقد شهدت سوريا حربًا أهلية مدمرة أدت إلى تدهور اقتصادي واجتماعي هائل، وتسببت في عزلة دولية واسعة النطاق. هذه العزلة لم تقتصر على الدول الغربية، بل امتدت لتشمل بعض الدول العربية التي اتخذت مواقف متباينة تجاه النظام السوري.
في هذا السياق، تكتسب أي مبادرة أو تحرك دبلوماسي أهمية خاصة، خاصة إذا كان هذا التحرك يتم من قبل شخصية تتمتع بثقل تاريخي وخبرة دبلوماسية واسعة مثل فاروق الشرع. فالشرع، بحكم منصبه السابق كوزير للخارجية، يمتلك شبكة علاقات واسعة مع قادة ومسؤولين في دول المنطقة، مما يجعله قادرًا على فتح قنوات حوار كانت مغلقة في السابق.
لكن السؤال الأهم هو: ما هي أهداف هذه الجولة؟ وما الذي يمكن أن تحققه؟ هل تهدف الجولة إلى إعادة سوريا إلى مكانتها الطبيعية في المنطقة، كدولة محورية لها دور هام في استقرار المنطقة وأمنها؟ أم أنها تهدف فقط إلى كسر العزلة المفروضة عليها، وإعادة دمجها في المجتمع الدولي والعربي؟
الإجابة على هذا السؤال ليست سهلة، وتتطلب تحليلًا دقيقًا للظروف الإقليمية والدولية المحيطة بسوريا. فمن ناحية، هناك رغبة متزايدة لدى بعض الدول العربية في إعادة العلاقات مع سوريا، إدراكًا منها بأن استمرار العزلة ليس في مصلحة المنطقة، وأن سوريا تلعب دورًا هامًا في مكافحة الإرهاب والتصدي للتحديات الأمنية المشتركة. هذه الدول ترى أن الحوار مع النظام السوري هو الطريق الأمثل لتحقيق الاستقرار في سوريا ومنع تفاقم الأوضاع الإنسانية.
من ناحية أخرى، هناك معارضة شديدة من قبل بعض الدول الغربية والعربية لإعادة العلاقات مع النظام السوري، وتصر هذه الدول على ضرورة تحقيق تقدم ملموس في العملية السياسية، وإجراء إصلاحات ديمقراطية حقيقية، وضمان حقوق الإنسان قبل إعادة دمج سوريا في المجتمع الدولي. هذه الدول ترى أن إعادة العلاقات مع النظام السوري دون تحقيق هذه الشروط هو بمثابة مكافأة له على جرائمه، وتشجيع له على الاستمرار في انتهاك حقوق الإنسان.
بالنظر إلى هذا التباين في المواقف، يبدو أن جولة الشرع الإقليمية تواجه تحديات كبيرة. فمن ناحية، يجب أن تكون هذه الجولة قادرة على إقناع الدول العربية التي ترغب في إعادة العلاقات مع سوريا بأن النظام السوري جاد في تحقيق الإصلاحات السياسية والاقتصادية المطلوبة، وأن هذه العلاقات لن تكون على حساب مصالح الشعب السوري. ومن ناحية أخرى، يجب أن تكون هذه الجولة قادرة على إقناع الدول الغربية والعربية المعارضة بأن الحوار مع النظام السوري هو الطريق الأمثل لتحقيق الاستقرار في سوريا، وأن استمرار العزلة ليس في مصلحة أحد.
إضافة إلى ذلك، يجب أن تأخذ هذه الجولة في الاعتبار التغيرات التي طرأت على سوريا خلال العقد الماضي. فالحرب الأهلية أدت إلى تغييرات ديموغرافية واجتماعية هائلة، وخلقت انقسامات عميقة بين مختلف مكونات المجتمع السوري. لذلك، يجب أن يكون أي حل سياسي للأزمة السورية قائمًا على المصالحة الوطنية، وضمان حقوق جميع السوريين، بغض النظر عن انتماءاتهم السياسية أو الدينية أو العرقية.
وبالنظر إلى شخصية فاروق الشرع، فإنه يمثل رمزًا للجيل القديم من الدبلوماسيين السوريين الذين يتمتعون بالخبرة والحكمة والقدرة على الحوار. لكن هل يكفي ذلك لتحقيق تحول حقيقي في موقع دمشق الإقليمي؟ الإجابة على هذا السؤال تتوقف على قدرة الشرع على استغلال علاقاته وخبرته في بناء جسور الثقة بين سوريا والدول الأخرى، وعلى قدرته على إقناع النظام السوري بضرورة تحقيق الإصلاحات السياسية والاقتصادية المطلوبة.
في الختام، يمكن القول أن جولة الشرع الإقليمية تمثل فرصة هامة لكسر العزلة المفروضة على سوريا، وإعادة دمجها في المجتمع الدولي والعربي. لكن تحقيق هذا الهدف يتطلب جهودًا كبيرة، وتنسيقًا وثيقًا بين جميع الأطراف المعنية. فسوريا اليوم ليست سوريا الأمس، والتحديات التي تواجهها أكبر من أي وقت مضى. لذلك، يجب أن يكون أي حل للأزمة السورية قائمًا على الواقعية والمرونة، وأن يأخذ في الاعتبار مصالح جميع السوريين، ومصالح المنطقة بأسرها.
يبقى السؤال معلقًا: هل ستنجح هذه الجولة في تحقيق أهدافها؟ أم أنها ستكون مجرد محاولة أخرى لكسر العزلة دون تحقيق تحول حقيقي في موقع دمشق الإقليمي؟ الإجابة على هذا السؤال ستتضح مع مرور الوقت، وستتوقف على قدرة سوريا على التكيف مع المتغيرات الإقليمية والدولية، وعلى قدرتها على تحقيق المصالحة الوطنية وبناء مستقبل أفضل لجميع السوريين.
مقالات مرتبطة