Now

الرئيس الأميركي يعيد أفغانسان إلى صدارة الجدل السياسي والعسكري بمطالبته باستعادة قاعدة باغرام الجوية

الرئيس الأميركي يعيد أفغانستان إلى صدارة الجدل السياسي والعسكري بمطالبته باستعادة قاعدة باغرام الجوية

الانسحاب الأميركي الكارثي من أفغانستان في صيف عام 2021، والذي أسفر عن سقوط البلاد في قبضة حركة طالبان بسرعة مذهلة، لا يزال يلقي بظلاله الثقيلة على السياسة الداخلية والخارجية للولايات المتحدة. فبعد مرور ما يقرب من ثلاث سنوات على ذلك الحدث المفصلي، عاد الملف الأفغاني ليحتل صدارة الجدل السياسي والعسكري، وذلك على خلفية تصريحات نسبت إلى الرئيس الأميركي الحالي، مفادها أنه يدرس إعادة النظر في الوجود العسكري الأميركي في أفغانستان، مع التركيز بشكل خاص على استعادة السيطرة على قاعدة باغرام الجوية الاستراتيجية.

هذه التصريحات، التي أوردها الفيديو المنشور على اليوتيوب بعنوان الرئيس الأميركي يعيد أفغانستان إلى صدارة الجدل السياسي والعسكري بمطالبته باستعادة قاعدة باغرام الجوية، أثارت موجة من التساؤلات والتحليلات حول الدوافع الكامنة وراء هذا التحول المفاجئ في الموقف الأميركي، وحول التداعيات المحتملة لهذا القرار على الأمن الإقليمي والدولي. فهل يشير هذا إلى ندم أميركي متأخر على الانسحاب المتعجل؟ وهل تمثل هذه الخطوة اعترافاً ضمنياً بالفشل الذريع للاستراتيجية الأميركية السابقة في أفغانستان؟ وما هي الخيارات المتاحة أمام الولايات المتحدة لتحقيق هذا الهدف الطموح، في ظل الظروف الأمنية والسياسية المعقدة التي تشهدها البلاد؟

قاعدة باغرام الجوية: موقع استراتيجي ذو أهمية قصوى

تعتبر قاعدة باغرام الجوية، الواقعة على بعد حوالي 60 كيلومتراً شمال العاصمة الأفغانية كابول، من أهم القواعد العسكرية في منطقة آسيا الوسطى. فقد لعبت هذه القاعدة دوراً حيوياً في العمليات العسكرية الأميركية في أفغانستان والعراق، حيث كانت بمثابة نقطة انطلاق رئيسية للقوات الجوية الأميركية وقوات التحالف، ومستودعاً ضخماً للمعدات والذخائر. كما كانت تستخدم القاعدة كمركز للتدريب والاستخبارات، وموقع احتجاز للمشتبه بهم في قضايا الإرهاب.

بعد الانسحاب الأميركي من أفغانستان، سيطرت حركة طالبان على قاعدة باغرام الجوية، وأصبحت رمزاً لانتصارها على القوات الأجنبية. ورغم أن طالبان تعهدت بعدم استخدام القاعدة في أغراض عدائية، إلا أن مخاوف عديدة تثار بشأن احتمال استغلالها من قبل الجماعات المتطرفة الأخرى، أو تحويلها إلى مركز لتهديد المصالح الأميركية والإقليمية.

الدوافع المحتملة لإعادة النظر في الوجود العسكري الأميركي

هناك عدة عوامل قد تكون دفعت الرئيس الأميركي إلى إعادة النظر في الوجود العسكري الأميركي في أفغانستان، والسعي لاستعادة السيطرة على قاعدة باغرام الجوية، ومن بين هذه العوامل:

  • تزايد التهديدات الإرهابية: على الرغم من إعلان طالبان عن محاربة الإرهاب، إلا أن تنظيمات مثل تنظيم القاعدة وتنظيم الدولة الإسلامية (داعش) لا تزال تنشط في أفغانستان، وقد تستغل هذه التنظيمات الفراغ الأمني الناتج عن الانسحاب الأميركي لتوسيع نفوذها وشن هجمات على مصالح أميركية وحليفة.
  • المخاوف بشأن الاستقرار الإقليمي: قد يؤدي تدهور الأوضاع الأمنية في أفغانستان إلى زعزعة الاستقرار في المنطقة، وتهديد مصالح دول الجوار، مثل باكستان وإيران ودول آسيا الوسطى. وقد تسعى الولايات المتحدة إلى منع حدوث ذلك من خلال إعادة بناء وجود عسكري قوي في أفغانستان.
  • الرغبة في استعادة النفوذ الأميركي: يرى البعض أن الانسحاب الأميركي من أفغانستان كان خطأً استراتيجياً فادحاً، أضعف النفوذ الأميركي في المنطقة، وسمح للصين وروسيا بتوسيع نفوذهما. وقد تسعى الولايات المتحدة إلى استعادة نفوذها المفقود من خلال إعادة بناء وجود عسكري قوي في أفغانستان.
  • الضغوط الداخلية: يواجه الرئيس الأميركي ضغوطاً متزايدة من الكونغرس والرأي العام الأميركي لإيجاد حل للأزمة الأفغانية، ولمنع تحول أفغانستان إلى ملاذ آمن للإرهابيين. وقد يكون إعادة النظر في الوجود العسكري الأميركي استجابة لهذه الضغوط.

الخيارات المتاحة أمام الولايات المتحدة

إذا كانت الولايات المتحدة جادة في استعادة السيطرة على قاعدة باغرام الجوية، فإنها تواجه عدة خيارات، لكل منها مزاياه وعيوبه:

  • الخيار العسكري المباشر: يتمثل هذا الخيار في شن عملية عسكرية واسعة النطاق لاستعادة السيطرة على القاعدة، وإعادة نشر القوات الأميركية في أفغانستان. هذا الخيار هو الأكثر تكلفة والأكثر خطورة، وقد يؤدي إلى اندلاع حرب جديدة في أفغانستان.
  • الخيار الدبلوماسي: يتمثل هذا الخيار في التفاوض مع حركة طالبان للتوصل إلى اتفاق يسمح للولايات المتحدة بإعادة نشر قواتها في قاعدة باغرام الجوية. هذا الخيار هو الأقل تكلفة والأكثر سلمية، ولكنه يعتمد على استعداد طالبان للتعاون مع الولايات المتحدة.
  • الخيار البديل: يتمثل هذا الخيار في البحث عن قواعد عسكرية بديلة في دول الجوار، مثل باكستان أو دول آسيا الوسطى، لاستخدامها كبديل لقاعدة باغرام الجوية. هذا الخيار هو أقل تكلفة وأقل خطورة من الخيار العسكري المباشر، ولكنه قد لا يكون فعالاً بنفس القدر.

التداعيات المحتملة

بغض النظر عن الخيار الذي ستختاره الولايات المتحدة، فإن إعادة النظر في الوجود العسكري الأميركي في أفغانستان ستكون لها تداعيات كبيرة على الأمن الإقليمي والدولي. فإذا تمكنت الولايات المتحدة من استعادة السيطرة على قاعدة باغرام الجوية، فإن ذلك قد يساعدها على مكافحة الإرهاب، وحماية مصالحها الإقليمية، واستعادة نفوذها المفقود. ولكن إذا فشلت الولايات المتحدة في تحقيق هذا الهدف، فإن ذلك قد يؤدي إلى تدهور الأوضاع الأمنية في أفغانستان، وزعزعة الاستقرار في المنطقة، وتقويض مصداقية الولايات المتحدة كقوة عظمى.

خلاصة القول

إن إعادة النظر في الوجود العسكري الأميركي في أفغانستان، والسعي لاستعادة السيطرة على قاعدة باغرام الجوية، يمثل تحولاً كبيراً في الاستراتيجية الأميركية تجاه هذا البلد المضطرب. هذا التحول يأتي في ظل ظروف أمنية وسياسية معقدة، ويتطلب من الولايات المتحدة اتخاذ قرارات صعبة وحاسمة. فالخيارات المتاحة أمام الولايات المتحدة تحمل في طياتها مخاطر وفرصاً على حد سواء، والتداعيات المحتملة لأي قرار ستتخذه ستكون بعيدة المدى، وستؤثر على مستقبل أفغانستان والمنطقة بأكملها.

يبقى السؤال المطروح: هل ستنجح الولايات المتحدة في استعادة السيطرة على قاعدة باغرام الجوية، وتحويل أفغانستان إلى دولة مستقرة ومزدهرة؟ أم أن التاريخ سيعيد نفسه، وستغرق الولايات المتحدة في مستنقع أفغاني جديد؟ الإجابة على هذا السؤال ستتضح في الأشهر والسنوات القادمة، وستحدد مسار الأحداث في هذه المنطقة الحيوية من العالم.

مقالات مرتبطة

الجيش الإسرائيلي مقتل 4 ضباط أحدهم برتبة رائد و3 برتبة ملازم في رفح جنوبي قطاع غزة

كيف يُقرأ التصعيد الإسرائيلي الجديد على لبنان

مصدر قيادي بحزب الله للجزيرة الاعتداءات فرصة لتوحيد اللبنانيين ووقف العدوان أولوية قبل أي شيء آخر

إسرائيل تصعد في جنوب لبنان ما وراء الخبر يناقش رسائل التصعيد

مصادر عسكرية للجزيرة الدعم السريع يقصف بالمدفعية الثقيلة مراكز الإيواء وحيي أبو شوك ودرجة

المبعوث الأممي إلى سوريا للجزيرة ما تقوم به إسرائيل في سوريا مؤذ ومضر

الناطق العسكري باسم أنصار الله قصفنا هدفا عسكريا في يافا المحتلة بصاروخ باليستي فرط صوتي

عمليات بارزة على الحدود الأردنية الإسرائيلية من الدقامسة إلى معبر اللنبي تعرف إليها

وول ستريت جورنال عن مسؤولين ترمب أخبر مساعديه أن نتنياهو يُفضل استخدام القوة بدلا من التفاوض

في حفل موسيقي عالمي قائد أوركسترا إسرائيلي يهاجم حرب غزة

مسار الأحداثالاحتلال يواصل عملياته بمدينة غزة وعمليات متعددة ضد أهداف إسرائيلية

الخارجية الأردنية تدين إطلاق النار على جسر اللنبي وتفتح تحقيقا عاجلا