كيف تُنقل حرب إسرائيل في غزة بشكل مختلف بين وسائل إعلام عربية وعبرية
كيف تُنقل حرب إسرائيل في غزة بشكل مختلف بين وسائل إعلام عربية وعبرية
الحروب، بطبيعتها، وقود للدعاية والتضليل. والصراع الإسرائيلي الفلسطيني، وخاصةً الحرب المستمرة في غزة، ليس استثناءً. فمن خلال تحليل الخطاب الإعلامي المصاحب لهذه الأحداث، يتضح لنا كيف يتم تشكيل الرأي العام وتوجيهه من خلال تقديم الحقائق بطرق مختلفة تمامًا، وأحيانًا متناقضة، بين وسائل الإعلام العربية والعبرية. الفيديو المعنون كيف تُنقل حرب إسرائيل في غزة بشكل مختلف بين وسائل إعلام عربية وعبرية (رابط: https://www.youtube.com/watch?v=TW0hq-fcHOE) يقدم تحليلًا هامًا لهذه الظاهرة، ويسلط الضوء على الاختلافات الجوهرية في التغطية الإعلامية التي تؤثر بشكل كبير على فهم الجمهور للأحداث.
أحد أبرز الاختلافات يكمن في اختيار المصطلحات المستخدمة لوصف الأحداث والشخصيات. ففي وسائل الإعلام العربية، غالبًا ما يتم استخدام مصطلحات مثل الاحتلال، العدوان، الشهداء، المقاومة، لوصف إسرائيل وأفعالها، والضحايا الفلسطينيين، والمجموعات المسلحة الفلسطينية على التوالي. هذه المصطلحات تحمل شحنة عاطفية قوية، وتعكس موقفًا مؤيدًا للقضية الفلسطينية. بينما في وسائل الإعلام العبرية، يتم تجنب هذه المصطلحات واستبدالها بمصطلحات أكثر حيادية أو تعكس وجهة نظر إسرائيلية. على سبيل المثال، يتم استخدام مصطلح عملية عسكرية بدلاً من عدوان، وإرهابيون بدلاً من مقاومون، وخسائر جانبية بدلاً من شهداء. هذا الاختلاف في اختيار المصطلحات ليس مجرد مسألة لغوية، بل هو يعكس اختلافًا جوهريًا في وجهات النظر والأيديولوجيات.
إلى جانب المصطلحات، تلعب زاوية التركيز دورًا حاسمًا في تشكيل الصورة التي يتلقاها الجمهور. فوسائل الإعلام العربية غالبًا ما تركز على معاناة المدنيين الفلسطينيين، والدمار الذي يلحق بغزة، والانتهاكات الإسرائيلية لحقوق الإنسان. يتم التركيز على القصص الإنسانية، وعرض صور الضحايا، خاصة الأطفال والنساء، لإثارة التعاطف والتضامن مع الفلسطينيين. بينما وسائل الإعلام العبرية غالبًا ما تركز على الهجمات الصاروخية التي تشنها الفصائل الفلسطينية على إسرائيل، والتهديد الذي تشكله هذه الهجمات على حياة الإسرائيليين. يتم التركيز على الأمن الإسرائيلي، وحق إسرائيل في الدفاع عن نفسها، وضرورة القضاء على الإرهاب. هذا التركيز المتباين يخلق صورتين مختلفتين تمامًا للواقع، ويؤثر على كيفية فهم الجمهور للأحداث.
كما أن اختيار الصور ومقاطع الفيديو يلعب دورًا حيويًا في تشكيل الرأي العام. فوسائل الإعلام العربية غالبًا ما تعرض صورًا ومقاطع فيديو مؤثرة للضحايا الفلسطينيين، والدمار الذي يلحق بالمنازل والمستشفيات والمدارس. هذه الصور تهدف إلى إثارة الغضب والاستياء من إسرائيل، وتعبئة الدعم للقضية الفلسطينية. بينما وسائل الإعلام العبرية غالبًا ما تعرض صورًا ومقاطع فيديو للأضرار التي تلحق بالممتلكات الإسرائيلية نتيجة الهجمات الصاروخية، والذعر الذي يصيب الإسرائيليين. هذه الصور تهدف إلى تبرير الرد الإسرائيلي، وحشد الدعم للحكومة الإسرائيلية. إن استخدام الصور ومقاطع الفيديو كوسيلة للتأثير على الرأي العام هو تكتيك شائع في الحروب والصراعات، والحرب في غزة ليست استثناءً.
بالإضافة إلى ذلك، تلعب مصادر المعلومات دورًا هامًا في تشكيل الرواية الإعلامية. فوسائل الإعلام العربية غالبًا ما تعتمد على مصادر فلسطينية، مثل المسؤولين الفلسطينيين، ووكالات الأنباء الفلسطينية، والشهود العيان الفلسطينيين. هذه المصادر غالبًا ما تقدم وجهة نظر فلسطينية للأحداث، وتركز على معاناة الفلسطينيين. بينما وسائل الإعلام العبرية غالبًا ما تعتمد على مصادر إسرائيلية، مثل المسؤولين الإسرائيليين، والمتحدثين باسم الجيش الإسرائيلي، ووكالات الأنباء الإسرائيلية. هذه المصادر غالبًا ما تقدم وجهة نظر إسرائيلية للأحداث، وتركز على الأمن الإسرائيلي. إن الاعتماد على مصادر مختلفة يؤدي إلى تقديم روايات مختلفة للأحداث، ويجعل من الصعب على الجمهور الحصول على صورة كاملة وموضوعية للواقع.
لا يمكن إغفال دور الملكية والتحيز السياسي لوسائل الإعلام في تشكيل التغطية الإعلامية. فوسائل الإعلام العربية غالبًا ما تكون مملوكة للحكومات أو مدعومة من قبلها، مما يؤثر على استقلاليتها وموضوعيتها. هذه الوسائل الإعلامية غالبًا ما تتبنى موقفًا مؤيدًا للقضية الفلسطينية، وتنتقد إسرائيل بشدة. بينما وسائل الإعلام العبرية غالبًا ما تكون مملوكة لرجال أعمال أو شركات خاصة، ولها تحيزات سياسية مختلفة. بعض هذه الوسائل الإعلامية تتبنى موقفًا يمينيًا متطرفًا، وتدعم الحكومة الإسرائيلية بشكل كامل، بينما البعض الآخر أكثر ليبرالية وانفتاحًا على وجهات النظر المختلفة. إن الملكية والتحيز السياسي يؤثران بشكل كبير على التغطية الإعلامية، ويجعلان من الصعب على الجمهور الحصول على معلومات دقيقة وموضوعية.
علاوة على ذلك، وسائل التواصل الاجتماعي تلعب دورًا متزايد الأهمية في تشكيل الرأي العام حول الحرب في غزة. فمن خلال منصات مثل تويتر وفيسبوك وإنستجرام، يمكن للأفراد والمجموعات مشاركة المعلومات والصور ومقاطع الفيديو بشكل مباشر، دون الحاجة إلى المرور عبر وسائل الإعلام التقليدية. هذا يسمح بانتشار وجهات نظر مختلفة، وتحدي الروايات الرسمية. ومع ذلك، فإن وسائل التواصل الاجتماعي أيضًا عرضة للتضليل والدعاية، حيث يمكن نشر المعلومات الكاذبة والشائعات بسرعة وسهولة. لذلك، من المهم أن يكون الجمهور حذرًا ومتحققًا من صحة المعلومات التي يتلقاها عبر وسائل التواصل الاجتماعي.
إن الاختلافات في التغطية الإعلامية للحرب في غزة بين وسائل الإعلام العربية والعبرية لها تأثيرات كبيرة على الرأي العام. فهي تؤثر على كيفية فهم الجمهور للأحداث، وكيفية تقييمهم للجهات الفاعلة المختلفة، وكيفية دعمهم للسياسات المختلفة. كما أنها تؤثر على العلاقات بين الشعوب، وتزيد من حدة الانقسامات والصراعات. لذلك، من المهم أن يكون الجمهور على دراية بهذه الاختلافات، وأن يسعى للحصول على معلومات من مصادر متنوعة، وأن يفكر بشكل نقدي في المعلومات التي يتلقاها.
في الختام، يمكن القول أن التغطية الإعلامية للحرب في غزة تعكس الصراع الأيديولوجي والسياسي العميق بين إسرائيل والفلسطينيين. فوسائل الإعلام العربية والعبرية تقدم روايات مختلفة تمامًا للأحداث، وتستخدم المصطلحات والزوايا والصور والمصادر التي تدعم وجهة نظرها. إن فهم هذه الاختلافات أمر ضروري لفهم الصراع بشكل أفضل، واتخاذ قرارات مستنيرة بشأن كيفية دعمه.
من المهم الإشارة إلى أن هذا التحليل لا يهدف إلى الحكم على أي من الطرفين، أو تبرير أي من أفعاله. بل يهدف إلى تسليط الضوء على التعقيدات الكامنة في التغطية الإعلامية للحروب والصراعات، وأهمية التفكير النقدي والتحقق من صحة المعلومات.
مقالات مرتبطة
Youtube
مدة القراءة
Youtube
مدة القراءة