Now

حتى مباني البلدية لم تسلم من استهدافات الاحتلال في غزة

حتى مباني البلدية لم تسلم من استهدافات الاحتلال في غزة: تحليل وتداعيات

إنَّ مشاهد الدمار التي تطل علينا من قطاع غزة المحاصر، تكشف عن حجم المعاناة الإنسانية التي يعيشها السكان في ظل تصاعد وتيرة الاعتداءات الإسرائيلية. الفيديو المنشور على اليوتيوب تحت عنوان حتى مباني البلدية لم تسلم من استهدافات الاحتلال في غزة (رابط الفيديو: https://www.youtube.com/watch?v=CmlcTy3PVQI) يقدم شهادة بصرية قوية على هذا الواقع المرير، ويثير تساؤلات عميقة حول طبيعة الأهداف العسكرية المزعومة التي يسوقها الاحتلال، ومدى احترام القانون الدولي الإنساني في العمليات العسكرية.

إن استهداف مباني البلدية، التي تمثل شريان الحياة للمواطنين وتؤدي وظائف حيوية في تسيير الأمور اليومية، ليس مجرد تدمير للمباني، بل هو استهداف ممنهج للبنية التحتية المدنية، وتقويض للقدرة على توفير الخدمات الأساسية للسكان. هذه الخدمات تشمل جمع النفايات، وتوفير المياه النظيفة، وإدارة شبكات الصرف الصحي، وصيانة الطرق، وتنظيم الأسواق، والإشراف على المدارس والمستشفيات، وغيرها من المهام التي لا غنى عنها لاستمرار الحياة الطبيعية.

الفيديو يوثق آثار القصف على مباني البلدية، ويظهر حجم الدمار الذي لحق بها. غالبًا ما تُظهر هذه المشاهد مباني مدمرة جزئيًا أو كليًا، ومعدات معطلة، وأرشيفات مفقودة، وموظفين مصدومين يحاولون جمع شتات ما تبقى من عملهم. هذا التدمير لا يؤثر فقط على قدرة البلدية على تقديم الخدمات الحالية، بل يعيق أيضًا خططها المستقبلية للتنمية والتطوير، ويزيد من صعوبة إعادة الإعمار في حال توقف العدوان.

لماذا يتم استهداف مباني البلدية؟

يُثير استهداف مباني البلدية تساؤلات حول الدوافع الحقيقية وراء هذه الاعتداءات. غالبًا ما يدعي الاحتلال الإسرائيلي أن هذه المباني تستخدم لأغراض عسكرية، أو أنها تأوي عناصر تابعة لفصائل المقاومة الفلسطينية. ومع ذلك، غالبًا ما تكون هذه الادعاءات محل شك، حيث لا تقدم أدلة قاطعة تدعمها، وتبدو في كثير من الأحيان بمثابة تبرير لسياسة التدمير الممنهج للبنية التحتية المدنية. إن استهداف مبنى بلدية يتطلب دليلًا قاطعًا على استخدامه لأغراض عسكرية، وليس مجرد افتراضات أو ادعاءات غير مدعومة.

من المحتمل أن يكون أحد الأهداف الرئيسية للاستهداف هو إضعاف السلطة المحلية وتقويض قدرتها على إدارة شؤون السكان. من خلال تدمير مباني البلدية وتعطيل خدماتها، يسعى الاحتلال إلى خلق حالة من الفوضى وعدم الاستقرار، وزيادة الاعتماد على المساعدات الخارجية، وبالتالي تعزيز سيطرته على القطاع. بالإضافة إلى ذلك، قد يكون الهدف هو ترهيب الموظفين الحكوميين وثنيهم عن القيام بواجباتهم، وبالتالي شل الحياة المدنية في غزة.

التداعيات الإنسانية والقانونية

إن استهداف مباني البلدية له تداعيات إنسانية خطيرة على سكان غزة. فمع تعطيل الخدمات الأساسية، يواجه السكان صعوبات جمة في الحصول على المياه النظيفة، والتخلص من النفايات، والحفاظ على الصحة العامة. هذا الأمر يزيد من خطر انتشار الأمراض والأوبئة، خاصة في ظل الظروف الصحية المتردية التي يعيشها القطاع بسبب الحصار المستمر.

كما أن استهداف مباني البلدية يمثل انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي الإنساني، الذي يحظر استهداف الأعيان المدنية بشكل مباشر. تنص اتفاقية جنيف الرابعة والبروتوكول الإضافي الأول الملحق بها على ضرورة حماية الأعيان المدنية، بما في ذلك المباني الحكومية التي لا تستخدم لأغراض عسكرية. كما أن القانون الدولي الإنساني يلزم أطراف النزاع باتخاذ جميع الاحتياطات اللازمة لتجنب إلحاق الضرر بالمدنيين والأعيان المدنية، حتى في حالة وجود أهداف عسكرية مشروعة.

إن تدمير البنية التحتية المدنية، بما في ذلك مباني البلدية، قد يرقى إلى جريمة حرب بموجب نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية. فالمادة الثامنة من النظام تنص على أن تعمد توجيه هجمات ضد أعيان مدنية، أي أعيان ليست أهدافاً عسكرية، يشكل جريمة حرب. كما أن تدمير أو الاستيلاء على ممتلكات العدو على نطاق واسع، دون أن تكون هناك ضرورة عسكرية تبرر ذلك، يعتبر أيضًا جريمة حرب.

دور المجتمع الدولي

إن ما يحدث في غزة يتطلب تحركًا عاجلًا من المجتمع الدولي لوقف الاعتداءات الإسرائيلية على المدنيين والأعيان المدنية. يجب على الدول والمنظمات الدولية أن تضغط على إسرائيل للامتثال للقانون الدولي الإنساني، وأن تحاسبها على انتهاكاتها. كما يجب على المجتمع الدولي أن يقدم المساعدة الإنسانية اللازمة لسكان غزة، وأن يدعم جهود إعادة الإعمار وتأهيل البنية التحتية المدمرة.

من الضروري أيضًا تفعيل آليات المساءلة الدولية لضمان عدم إفلات مرتكبي جرائم الحرب من العقاب. يجب على المحكمة الجنائية الدولية أن تفتح تحقيقًا شاملاً في الجرائم التي ارتكبت في غزة، وأن تحاكم المسؤولين عنها. كما يجب على الدول أن تمارس ولايتها القضائية العالمية لمحاكمة المتهمين بارتكاب جرائم حرب على أراضيها.

بالإضافة إلى ذلك، يجب على المجتمع الدولي أن يعمل على إنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية، وإيجاد حل عادل ودائم للقضية الفلسطينية، يضمن حقوق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير والعيش بكرامة وأمان.

خلاصة

إن استهداف مباني البلدية في غزة، كما يظهر في الفيديو المذكور، يمثل جزءًا من سياسة إسرائيلية ممنهجة لتدمير البنية التحتية المدنية وتقويض الحياة المدنية في القطاع. هذه الاعتداءات لها تداعيات إنسانية خطيرة على السكان، وتمثل انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي الإنساني. يجب على المجتمع الدولي أن يتحمل مسؤولياته في حماية المدنيين الفلسطينيين، ومحاسبة إسرائيل على انتهاكاتها، والعمل على إنهاء الاحتلال وإيجاد حل عادل للقضية الفلسطينية. إن صمت المجتمع الدولي على هذه الجرائم يشجع إسرائيل على الاستمرار في ارتكابها، ويقوض مصداقية القانون الدولي والنظام الدولي القائم على القواعد.

مقالات مرتبطة

الجيش الإسرائيلي مقتل 4 ضباط أحدهم برتبة رائد و3 برتبة ملازم في رفح جنوبي قطاع غزة

كيف يُقرأ التصعيد الإسرائيلي الجديد على لبنان

مصدر قيادي بحزب الله للجزيرة الاعتداءات فرصة لتوحيد اللبنانيين ووقف العدوان أولوية قبل أي شيء آخر

إسرائيل تصعد في جنوب لبنان ما وراء الخبر يناقش رسائل التصعيد

مصادر عسكرية للجزيرة الدعم السريع يقصف بالمدفعية الثقيلة مراكز الإيواء وحيي أبو شوك ودرجة

المبعوث الأممي إلى سوريا للجزيرة ما تقوم به إسرائيل في سوريا مؤذ ومضر

الناطق العسكري باسم أنصار الله قصفنا هدفا عسكريا في يافا المحتلة بصاروخ باليستي فرط صوتي

عمليات بارزة على الحدود الأردنية الإسرائيلية من الدقامسة إلى معبر اللنبي تعرف إليها

وول ستريت جورنال عن مسؤولين ترمب أخبر مساعديه أن نتنياهو يُفضل استخدام القوة بدلا من التفاوض

في حفل موسيقي عالمي قائد أوركسترا إسرائيلي يهاجم حرب غزة

مسار الأحداثالاحتلال يواصل عملياته بمدينة غزة وعمليات متعددة ضد أهداف إسرائيلية

الخارجية الأردنية تدين إطلاق النار على جسر اللنبي وتفتح تحقيقا عاجلا