إن بطش ربك لشديد متى
إن بطش ربك لشديد متى: تأملات في العدل الإلهي والتوقيت الرباني
إنّ الآية الكريمة إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ (البروج: 12) تحمل في طياتها معاني عظيمة تتعلق بقدرة الله سبحانه وتعالى، وعظيم سلطانه، وعدله المطلق. هذه الآية، التي تتصدر عنوان فيديو اليوتيوب المعنون إن بطش ربك لشديد متى (https://www.youtube.com/watch?v=6JlqaYVtpX0)، تدعونا إلى التأمل والتفكر في طبيعة هذا البطش، وفي التوقيت الإلهي الذي يختاره الله لتنفيذ وعيده.
لفهم عمق هذه الآية، يجب أولاً استيعاب معنى كلمة بطش. البطش في اللغة العربية يدل على الأخذ بقوة وعنف، والقهر الشديد. وعندما يُنسب هذا البطش إلى الله عز وجل، فإنه يعني القدرة المطلقة على القهر والغلبة، والقدرة على إنزال العقاب الشديد بمن يستحقونه. إنه تأكيد على أن الله ليس بعاجز ولا غافل عما يفعله الظالمون والمفسدون في الأرض.
لكن، هل البطش الإلهي هو مجرد قهر وعقاب؟ أم أنه يحمل في طياته حكمة وعدلاً ورحمة؟ بالنظر إلى الآيات القرآنية الأخرى، نجد أن البطش الإلهي ليس عملاً عبثياً أو انتقامياً، بل هو جزء من نظام عدل إلهي متكامل. إنه وسيلة لتحقيق التوازن في الكون، وإعادة الحقوق إلى أصحابها، وتطهير الأرض من الظلم والفساد. وكثيراً ما يكون البطش الإلهي مصحوباً بالرحمة، حيث يكون الهدف منه هو تذكير الناس بخالقهم، ودعوتهم إلى التوبة والرجوع إليه قبل فوات الأوان. كما أن في البطش الإلهي عبرة للمؤمنين، وتثبيت لهم على طريق الحق، وتذكير بأن النصر النهائي سيكون حليفهم.
السؤال الأهم الذي تطرحه الآية، والذي يثيره أيضاً عنوان الفيديو، هو: متى؟ متى سيأتي البطش الإلهي؟ متى سينتقم الله من الظالمين؟ متى سيتحقق العدل؟ هذا السؤال يتردد في أذهان الكثيرين، خاصة في الأوقات التي يشتد فيها الظلم والاستبداد، وينتشر فيها الفساد والجور. والإجابة على هذا السؤال ليست سهلة ومباشرة، لأن التوقيت الإلهي هو أمر غيبي لا يعلمه إلا الله سبحانه وتعالى. ومع ذلك، يمكننا استنباط بعض المؤشرات والعلامات من القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة، ومن التأمل في أحوال الأمم والشعوب عبر التاريخ.
أولاً، يجب أن ندرك أن الله سبحانه وتعالى يمهل ولا يهمل. إنه يعطي الظالمين فرصة للتوبة والرجوع إليه، وإصلاح ما أفسدوه. وكثيراً ما يكون الإمهال الإلهي هو ابتلاء واختبار للمؤمنين، ليرى الله صبرهم وثباتهم على الحق. وقد يكون الإمهال أيضاً فرصة للظالمين لكي يزدادوا إثماً، وبالتالي يستحقوا أشد العذاب. قال تعالى: وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لِأَنْفُسِهِمْ إِنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدَادُوا إِثْمًا وَلَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ (آل عمران: 178).
ثانياً، هناك علامات وأمارات تدل على قرب البطش الإلهي. من هذه العلامات انتشار الظلم والفساد بشكل كبير، وتجاوز الظالمين الحدود، والاستهانة بحرمات الله. وكذلك، ضعف الإيمان في قلوب الناس، وتفشي المعاصي والذنوب، والتناحر والتقاتل بين المسلمين. هذه العلامات تدل على أن المجتمع قد وصل إلى درجة من الانحطاط الأخلاقي والروحي، تستوجب التدخل الإلهي لتطهيره وإصلاحه. قال تعالى: وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا (الإسراء: 16).
ثالثاً، يجب أن نؤمن بأن نصر الله قريب، وأن الفرج آت لا محالة. حتى وإن طال البلاء واشتد الكرب، فإن الله سبحانه وتعالى لا يترك عباده المؤمنين وحدهم. إنه يختبرهم، ويمحصهم، ثم ينصرهم في النهاية. قال تعالى: أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ (البقرة: 214).
إذن، الإجابة على سؤال متى ليست في معرفة التوقيت الزمني المحدد، بل في الاستعداد والتهيؤ لاستقبال هذا البطش، وفي العمل على تغيير الواقع الذي نعيشه. يجب علينا أن نعود إلى الله سبحانه وتعالى، وأن نصلح ما بيننا وبينه، وأن نلتزم بأوامره ونجتنب نواهيه. وكذلك، يجب علينا أن نعمل على تغيير الواقع الذي نعيشه، من خلال نشر العدل والقسط، ومحاربة الظلم والفساد، والدعوة إلى الإصلاح والتغيير. وعندما نفعل ذلك، فإننا نكون قد ساهمنا في تسريع قدوم نصر الله، وفي تحقيق العدل في الأرض.
إنّ التأمل في معنى الآية الكريمة إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ يدعونا إلى التفكير ملياً في علاقتنا بالله سبحانه وتعالى، وفي مسؤوليتنا تجاه أنفسنا ومجتمعنا. إنه تذكير بأن الله ليس بغافل عما يفعله الظالمون، وأن العدل سيتحقق في النهاية. ولكن، يجب علينا أن نكون جزءاً من هذا العدل، وأن نعمل على تحقيقه بأنفسنا، قبل أن يحل علينا البطش الإلهي.
إن مشاهدة فيديو اليوتيوب المعنون إن بطش ربك لشديد متى (https://www.youtube.com/watch?v=6JlqaYVtpX0) قد تكون نقطة انطلاق للتفكير والتأمل في هذه المعاني العظيمة، وفي كيفية تطبيقها في حياتنا اليومية. فلنجعل هذا الفيديو بداية لرحلة نحو الإصلاح والتغيير، ونحو تحقيق العدل والخير في الأرض.
مقالات مرتبطة
Youtube
مدة القراءة
Youtube
مدة القراءة
Youtube
مدة القراءة