بحثًا عن عزلها الاحتلال يركز المرحلة الحالية لعدوانه على مدينة خانيونس
بحثًا عن عزلها.. الاحتلال يركز المرحلة الحالية لعدوانه على مدينة خانيونس
تتواصل فصول العدوان الإسرائيلي الغاشم على قطاع غزة، تاركًا وراءه دمارًا هائلًا وخسائر فادحة في الأرواح والممتلكات. وبينما تتسع رقعة الحرب وتتفاقم الأزمة الإنسانية، يبرز تركيز ملحوظ من قبل قوات الاحتلال على مدينة خانيونس، ثاني أكبر مدن القطاع، كمحور أساسي للمرحلة الحالية من العدوان. هذا التركيز، الذي يوثقه الفيديو المعروض على يوتيوب بعنوان بحثًا عن عزلها.. الاحتلال يركز المرحلة الحالية لعدوانه على مدينة خانيونس، يثير تساؤلات مهمة حول الأهداف الاستراتيجية للاحتلال وراء استهداف هذه المدينة تحديدًا، وتأثير ذلك على مستقبل القطاع المحاصر.
يُظهر الفيديو حجم الدمار الهائل الذي لحق بخانيونس، والذي يشمل تدميرًا واسع النطاق للمنازل والمباني السكنية، والبنية التحتية الحيوية، والمرافق العامة. تتناثر الأنقاض في كل مكان، وتتصاعد أعمدة الدخان في السماء، بينما يواجه السكان المدنيون ظروفًا معيشية قاسية للغاية، في ظل نقص حاد في الغذاء والماء والدواء والكهرباء. ويشير الفيديو إلى أن هذا التدمير الممنهج ليس مجرد نتيجة جانبية للعمليات العسكرية، بل هو جزء من استراتيجية أوسع تهدف إلى ترويع السكان وتهجيرهم، وإضعاف قدرتهم على الصمود والمقاومة.
إذًا، لماذا تركز إسرائيل على خانيونس في هذه المرحلة بالذات؟ هناك عدة تفسيرات محتملة يمكن استخلاصها من تحليل الوضع الميداني والسياسي، ومن خلال متابعة التغطية الإعلامية المتواصلة. أحد هذه التفسيرات يتعلق بالموقع الاستراتيجي للمدينة. تقع خانيونس في الجزء الجنوبي من قطاع غزة، وتعتبر بوابة رئيسية للوصول إلى رفح، المدينة الحدودية مع مصر. وبالتالي، فإن السيطرة على خانيونس تمكن إسرائيل من التحكم في حركة الأشخاص والبضائع عبر الحدود، وتشديد الحصار المفروض على القطاع بشكل كامل. كما أن السيطرة على خانيونس تعزل فعليًا الجزء الجنوبي من القطاع عن شماله، ما يعيق حركة المقاومة ويقلل من قدرتها على المناورة.
تفسير آخر يرتبط بالاعتقاد الإسرائيلي بأن خانيونس تمثل معقلًا لحركة حماس، وأن العديد من قيادات وعناصر الحركة يتواجدون في المدينة. بناءً على هذه الفرضية، تسعى إسرائيل إلى تدمير البنية التحتية للحركة في خانيونس، والقضاء على قدراتها العسكرية، واعتقال أو قتل أكبر عدد ممكن من عناصرها. وعلى الرغم من أن إسرائيل لم تقدم حتى الآن أدلة قاطعة تدعم هذه الادعاءات، إلا أنها تستخدمها كمبرر لتبرير الهجمات العشوائية على الأحياء السكنية والمناطق المدنية في خانيونس.
بالإضافة إلى ذلك، يمكن فهم التركيز الإسرائيلي على خانيونس في سياق أوسع يتعلق بالرغبة في تغيير الواقع الديموغرافي في قطاع غزة. من خلال ترويع السكان وتهجيرهم، تسعى إسرائيل إلى إفراغ خانيونس من سكانها، وتحويلها إلى منطقة غير مأهولة. وهذا قد يمهد الطريق أمام إسرائيل لتوسيع سيطرتها على القطاع، وإنشاء مناطق عازلة، أو حتى ضم أجزاء منه إلى أراضيها. هذا السيناريو، على الرغم من أنه يبدو بعيد المنال في الوقت الحالي، إلا أنه يبقى احتمالًا واردًا في ظل غياب أي ضغوط دولية حقيقية على إسرائيل لوقف عدوانها.
أما عن تأثير هذا العدوان المتواصل على خانيونس، فهو كارثي بكل المقاييس. فقد تحولت المدينة إلى منطقة منكوبة، تعاني من نقص حاد في كل شيء، وتحتاج إلى مساعدات إنسانية عاجلة. آلاف العائلات فقدت منازلها وممتلكاتها، وأصبحت تعيش في العراء أو في مراكز الإيواء المكتظة. الأطفال والنساء وكبار السن هم الأكثر تضررًا من هذا الوضع، حيث يواجهون خطر الموت بسبب الجوع والمرض ونقص الرعاية الطبية.
علاوة على ذلك، فإن التدمير الممنهج للبنية التحتية في خانيونس سيترك آثارًا طويلة الأمد على مستقبل المدينة وسكانها. إعادة بناء المدينة ستتطلب سنوات من الجهد والمال، وستواجه العديد من التحديات، بما في ذلك الحصار الإسرائيلي المستمر، ونقص الموارد، والظروف الأمنية غير المستقرة. ومع ذلك، فإن سكان خانيونس أثبتوا على مر التاريخ قدرتهم على الصمود والتحدي، وعلى تجاوز كل الصعاب. ولا شك أنهم سيبذلون قصارى جهدهم لإعادة بناء مدينتهم، واستعادة حياتهم، واستعادة كرامتهم.
في الختام، يمكن القول إن التركيز الإسرائيلي على خانيونس في المرحلة الحالية من العدوان يمثل تصعيدًا خطيرًا، يستهدف عزل المدينة وتهجير سكانها وتدمير بنيتها التحتية. هذا العدوان يتطلب وقفة جادة من المجتمع الدولي، وممارسة ضغوط حقيقية على إسرائيل لوقف جرائمها، ورفع الحصار عن قطاع غزة، وتمكين الشعب الفلسطيني من ممارسة حقوقه المشروعة، بما في ذلك حقه في تقرير المصير وإقامة دولته المستقلة.
إن الفيديو المعروض على يوتيوب بعنوان بحثًا عن عزلها.. الاحتلال يركز المرحلة الحالية لعدوانه على مدينة خانيونس يقدم شهادة حية على حجم المعاناة التي يعيشها سكان خانيونس، ويدعو إلى التضامن معهم، والعمل على دعمهم في مواجهة هذا العدوان الغاشم. إنه تذكير بالمسؤولية الإنسانية والأخلاقية التي تقع على عاتقنا جميعًا، لإنهاء هذا الظلم التاريخي، وتحقيق السلام العادل والشامل في المنطقة.
مقالات مرتبطة