نتنياهو مهووس بالإبادة ولا سبيل للتطبيع مقابلة تركي الفيصل الكاملة مع كريستيان أمانبور
نتنياهو مهووس بالإبادة ولا سبيل للتطبيع: تحليل لمقابلة تركي الفيصل مع كريستيان أمانبور
المقابلة التي أجراها الأمير تركي الفيصل، رئيس الاستخبارات السعودية الأسبق والسفير السابق لدى الولايات المتحدة والمملكة المتحدة، مع كريستيان أمانبور على شبكة CNN، والمتاحة على يوتيوب (https://www.youtube.com/watch?v=1rPhajNZ8Hk)، تحمل أهمية استثنائية في فهم الموقف السعودي المتصلب تجاه إسرائيل، خاصة في ظل تصاعد وتيرة الأحداث في قطاع غزة والضفة الغربية. تصريحات الأمير تركي الفيصل، التي وصفت بالصريحة والقوية، لم تترك مجالاً للشك في أن التطبيع مع إسرائيل، في ظل القيادة الحالية لبنيامين نتنياهو وسياساته المتطرفة، أمر مستحيل وغير وارد.
التطبيع: رهينة بيد السياسات الإسرائيلية
أحد المحاور الرئيسية في المقابلة تمحور حول التطبيع بين السعودية وإسرائيل. الأمير تركي الفيصل كان واضحًا وحاسمًا في أن هذا الملف مرتبط ارتباطًا وثيقًا بحل القضية الفلسطينية. فالمملكة العربية السعودية، وعلى مدار عقود، تبنت مبادرة السلام العربية التي تضع حل الدولتين كشرط أساسي لأي علاقات طبيعية مع إسرائيل. هذا الموقف، بحسب الأمير تركي الفيصل، ليس تكتيكيًا أو مرحليًا، بل هو مبدأ راسخ يؤمن به الشعب السعودي وقيادته. وأكد أن التطبيع لا يمكن أن يكون على حساب الحقوق الفلسطينية، وأن أي تقارب مع إسرائيل يجب أن يسبقه حل عادل وشامل يضمن قيام دولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة على حدود عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.
الأمير تركي الفيصل انتقد بشدة سياسات حكومة نتنياهو، واصفًا إياها بأنها مهووسة بالإبادة ومستمرة في قمع الشعب الفلسطيني. هذه التصريحات القوية تعكس استياءً عميقًا من الممارسات الإسرائيلية في الأراضي المحتلة، بما في ذلك التوسع الاستيطاني المستمر، والاعتقالات التعسفية، وهدم المنازل، والاعتداءات المتكررة على المسجد الأقصى. وأشار إلى أن هذه السياسات، بالإضافة إلى الحصار المفروض على قطاع غزة، تجعل أي حديث عن التطبيع مجرد عبث وتضييع للوقت.
نقد لاذع لسياسات نتنياهو
لم يقتصر نقد الأمير تركي الفيصل على السياسات الإسرائيلية في الأراضي المحتلة، بل امتد ليشمل شخص بنيامين نتنياهو نفسه. فقد اتهمه بـ التهور وعدم المسؤولية والسعي لتحقيق مكاسب سياسية على حساب أرواح الفلسطينيين. واعتبر أن نتنياهو، من خلال تصعيد التوتر مع الفلسطينيين، يسعى إلى صرف الأنظار عن مشاكله الداخلية، بما في ذلك قضايا الفساد المتهم بها، والأزمات السياسية المتلاحقة التي تشهدها إسرائيل. وأكد أن وجود نتنياهو على رأس السلطة يشكل عقبة رئيسية أمام أي تقدم في عملية السلام، وأن أي مفاوضات معه ستكون محكومة بالفشل مسبقًا.
الأمير تركي الفيصل لم يتردد في مقارنة سياسات نتنياهو بسياسات الأنظمة العنصرية التي كانت سائدة في جنوب أفريقيا. واعتبر أن ما يحدث في الأراضي المحتلة هو شكل من أشكال الفصل العنصري (الأبارتايد)، وأن المجتمع الدولي يجب أن يتحمل مسؤولياته في الضغط على إسرائيل لإنهاء هذه الممارسات الظالمة. وأشار إلى أن الصمت الدولي على جرائم إسرائيل يشجعها على الاستمرار في انتهاكاتها، ويقوض جهود السلام والاستقرار في المنطقة.
الدور الأمريكي والضغط على إسرائيل
المقابلة لم تغفل الدور الأمريكي في المنطقة، والعلاقات الاستراتيجية بين الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية. الأمير تركي الفيصل أكد على أهمية الدور الأمريكي في تحقيق السلام والاستقرار في الشرق الأوسط، ولكنه انتقد في الوقت نفسه الدعم الأمريكي غير المشروط لإسرائيل. واعتبر أن هذا الدعم يعيق قدرة الولايات المتحدة على لعب دور الوسيط النزيه في عملية السلام، ويشجع إسرائيل على الاستمرار في سياساتها العدوانية. ودعا الإدارة الأمريكية إلى مراجعة سياساتها تجاه المنطقة، والضغط على إسرائيل للامتثال للقانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة.
الأمير تركي الفيصل حث الولايات المتحدة على استخدام نفوذها الاقتصادي والسياسي للضغط على إسرائيل لوقف التوسع الاستيطاني، ورفع الحصار عن قطاع غزة، والعودة إلى طاولة المفاوضات. وأكد أن تحقيق السلام العادل والشامل في المنطقة يخدم المصالح الأمريكية على المدى الطويل، وأن استمرار الصراع يهدد الأمن والاستقرار الإقليمي والدولي. وأشار إلى أن السعودية، بصفتها حليفًا استراتيجيًا للولايات المتحدة، مستعدة للعب دور بناء في تحقيق هذا الهدف، ولكن بشرط أن تكون الولايات المتحدة جادة في الضغط على إسرائيل لإنهاء احتلالها للأراضي الفلسطينية.
رسالة قوية إلى المجتمع الدولي
مقابلة الأمير تركي الفيصل مع كريستيان أمانبور ليست مجرد تصريحات عابرة، بل هي رسالة قوية إلى المجتمع الدولي بأسره. فهي تعكس الموقف السعودي الثابت والواضح تجاه القضية الفلسطينية، وتؤكد أن التطبيع مع إسرائيل لن يتم على حساب الحقوق الفلسطينية. كما أنها تدعو المجتمع الدولي إلى تحمل مسؤولياته في الضغط على إسرائيل لإنهاء احتلالها للأراضي الفلسطينية، والالتزام بالقانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة.
الأمير تركي الفيصل، من خلال هذه المقابلة، قدم تحليلًا شاملاً وواقعيًا للوضع في المنطقة، وحذر من مخاطر استمرار الوضع الراهن. وأكد أن السلام العادل والشامل هو المخرج الوحيد من هذه الأزمة، وأن هذا السلام لن يتحقق إلا بإنهاء الاحتلال الإسرائيلي، وإقامة دولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة على حدود عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.
بشكل عام، تعتبر مقابلة الأمير تركي الفيصل مع كريستيان أمانبور وثيقة هامة لفهم الموقف السعودي تجاه إسرائيل والقضية الفلسطينية، وتستحق الدراسة والتحليل المتعمقين من قبل الباحثين والسياسيين والإعلاميين على حد سواء.
مقالات مرتبطة
Youtube
مدة القراءة
Youtube
مدة القراءة