الحلال أصل الدين و كل شئ حلال الا ما حرم الله الحرام امور الهية محددة و معدودة اقل من الحلال بكثير
الحلال أصل الدين: تحليل لمضمون فيديو يوتيوب
يناقش فيديو اليوتيوب المنشور على الرابط https://www.youtube.com/watch?v=6gT3o2IUGaA فكرة محورية في الشريعة الإسلامية وهي أن الحلال أصل الدين، وكل شيء حلال إلا ما حرم الله. الحرام أمور إلهية محددة ومعدودة أقل من الحلال بكثير. هذه الفكرة، على بساطتها الظاهرية، تحمل في طياتها مضامين عميقة وتطبيقات واسعة تمس جوانب الحياة المختلفة. في هذا المقال، سنقوم بتحليل هذه الفكرة، واستكشاف دلالاتها، ومناقشة تطبيقاتها، مع الإشارة إلى النقاط التي أثارها الفيديو المذكور.
مفهوم الأصل في الأشياء الإباحة
إن القول بأن الحلال أصل الدين يعبر عن قاعدة أصولية وفقهية مهمة تُعرف بـالأصل في الأشياء الإباحة. هذه القاعدة تعني أن الأصل في جميع الأشياء والأفعال هو الحل والجواز، إلا إذا ورد نص شرعي صريح يحرمها أو يقيدها. بمعنى آخر، لا يجوز للمسلم أن يحرم على نفسه شيئًا لم يحرمه الله، ولا أن يضيق على نفسه في أمور وسّعها الله. هذه القاعدة تمثل جوهر اليسر والسماحة في الشريعة الإسلامية، وتفتح آفاقًا واسعة أمام المسلمين للابتكار والإبداع والتطور في مختلف المجالات.
تستند هذه القاعدة إلى العديد من الأدلة الشرعية، منها:
- قوله تعالى: هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُم مَّا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا (البقرة: 29). هذه الآية تدل على أن الله تعالى خلق كل ما في الأرض لخدمة الإنسان وتيسير حياته، وهذا يشمل الانتفاع به واستخدامه ما لم يرد دليل على التحريم.
- قوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا ۚ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ (المائدة: 87). هذه الآية تحذر من تحريم ما أحله الله، وتعتبر ذلك اعتداءً على حدود الله وتشريعه.
- قول النبي صلى الله عليه وسلم: الحلال بين والحرام بين، وبينهما أمور مشتبهات، لا يعلمهن كثير من الناس، فمن اتقى الشبهات استبرأ لدينه وعرضه، ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام، كالراعي يرعى حول الحمى يوشك أن يرتع فيه، ألا وإن لكل ملك حمى، ألا وإن حمى الله محارمه (متفق عليه). هذا الحديث يدل على أن الأصل في الأشياء هو الحل، وأن الحرام هو ما ورد فيه نص صريح بالتحريم، وأن هناك أمورًا مشتبهة يجب الابتعاد عنها تورعًا.
الحرام محدد ومعدود
يؤكد الفيديو على أن الحرام أمور إلهية محددة ومعدودة أقل من الحلال بكثير. هذه النقطة مهمة جدًا، حيث إن الشريعة الإسلامية لم تحرم إلا القليل من الأشياء، وتركت المجال واسعًا للإنسان ليختار ويتصرف بحرية في إطار الحلال. الأمور المحرمة غالبًا ما تكون واضحة ومحددة في النصوص الشرعية، مثل تحريم الزنا، والسرقة، وشرب الخمر، وأكل لحم الخنزير، والربا، والغش، وغيرها. هذه المحرمات تهدف إلى حماية المجتمع من الفساد والضرر، وتحقيق العدل والمساواة بين الناس.
في المقابل، فإن دائرة الحلال واسعة جدًا، وتشمل جميع الأشياء والأفعال التي لم يرد نص شرعي بتحريمها. هذا يعطي المسلم حرية كبيرة في اختيار أسلوب حياته، وعمله، وعلاقاته، واستمتاعه بالحياة، بشرط أن يلتزم بحدود الله ولا يتجاوزها.
التطبيقات العملية لقاعدة الأصل في الأشياء الإباحة
لقاعدة الأصل في الأشياء الإباحة تطبيقات عملية واسعة في مختلف مجالات الحياة، منها:
- في مجال العبادات: الأصل في العبادات التوقيف، بمعنى أنه لا يجوز للمسلم أن يبتدع عبادة جديدة لم يأذن بها الله، أو أن يزيد في عبادة موجودة أو ينقص منها. أما الأمور المتعلقة بوسائل العبادة، مثل استخدام مكبرات الصوت في المساجد، أو استخدام وسائل النقل الحديثة للوصول إلى الحج، فالأصل فيها الإباحة ما لم يرد دليل على التحريم.
- في مجال المعاملات: الأصل في المعاملات الإباحة، بمعنى أنه يجوز للمسلم أن يتعامل مع غيره من الناس بالبيع والشراء والإيجار والاستثمار وغيرها من المعاملات، ما لم تكن هذه المعاملات مخالفة للشريعة الإسلامية، مثل الربا والغش والاحتكار.
- في مجال الأطعمة والأشربة: الأصل في الأطعمة والأشربة الإباحة، بمعنى أنه يجوز للمسلم أن يأكل ويشرب كل ما هو طيب وحلال، ما لم يرد نص شرعي بتحريمه، مثل لحم الخنزير والخمر والميتة والدم.
- في مجال التقنية والتكنولوجيا: الأصل في التقنية والتكنولوجيا الإباحة، بمعنى أنه يجوز للمسلم أن يستخدم وسائل التقنية الحديثة في حياته، مثل الإنترنت والهواتف الذكية والحواسيب، ما لم تستخدم هذه الوسائل في أمور محرمة، مثل نشر الفساد والإشاعات والأخبار الكاذبة.
التحذير من التشدد والتطرف
يحذر الفيديو بشكل غير مباشر من التشدد والتطرف في الدين، وذلك من خلال التأكيد على أن الحلال أصل الدين، وأن الحرام محدد ومعدود. التشدد والتطرف يؤديان إلى تضييق دائرة الحلال وتوسيع دائرة الحرام، وهذا يخالف روح الشريعة الإسلامية السمحة. المسلم يجب أن يكون وسطيًا ومعتدلاً في دينه، وأن يحرص على الالتزام بأوامر الله واجتناب نواهيه، دون أن يغلو أو يتجاوز الحدود.
إن التشدد والتطرف لهما آثار سلبية على الفرد والمجتمع، حيث يؤديان إلى:
- العزلة والانطواء: المتشدد يميل إلى العزلة عن المجتمع، ويرفض التعامل مع الآخرين، لأنه يرى أنهم غير ملتزمين بالدين مثله.
- التعصب والكراهية: المتشدد يتعصب لرأيه ويرفض آراء الآخرين، ويكره كل من يخالفه في الرأي.
- العنف والتطرف: التشدد قد يؤدي إلى العنف والتطرف، حيث يرى المتشدد أن استخدام العنف هو الوسيلة الوحيدة لتطبيق الدين وإصلاح المجتمع.
الخلاصة
إن فكرة الحلال أصل الدين، وكل شيء حلال إلا ما حرم الله. الحرام أمور إلهية محددة ومعدودة أقل من الحلال بكثير تمثل جوهر اليسر والسماحة في الشريعة الإسلامية. هذه الفكرة تدعو المسلم إلى أن يكون وسطيًا ومعتدلاً في دينه، وأن يحرص على الالتزام بأوامر الله واجتناب نواهيه، دون أن يغلو أو يتجاوز الحدود. كما تدعو إلى الابتعاد عن التشدد والتطرف، اللذين يؤديان إلى تضييق دائرة الحلال وتوسيع دائرة الحرام، ويخالفان روح الشريعة الإسلامية السمحة. الفيديو المذكور يسلط الضوء على هذه الفكرة الهامة، ويذكر المسلمين بضرورة التمسك بها وتطبيقها في حياتهم اليومية.
مقالات مرتبطة
Youtube
مدة القراءة