إلى ماذا ترمي واشنطن بتقديم مقترح لن تقبل به حركة حماس الإجابة في حوار الباحث بلال الشوبكي
إلى ماذا ترمي واشنطن بتقديم مقترح لن تقبل به حركة حماس؟ تحليل معمق في ضوء حوار الباحث بلال الشوبكي
يشكل الفيديو المعنون إلى ماذا ترمي واشنطن بتقديم مقترح لن تقبل به حركة حماس الإجابة في حوار الباحث بلال الشوبكي (https://www.youtube.com/watch?v=N_x3SraG5ag) مادة ثرية لفهم التعقيدات المحيطة بالصراع الفلسطيني الإسرائيلي، وتحديدًا الدور الأمريكي فيه. يستند هذا المقال إلى الأفكار المطروحة في الحوار مع الباحث بلال الشوبكي، محاولًا تقديم تحليل معمق للمقترح الأمريكي المقدم لحركة حماس، مع التركيز على دوافع واشنطن المحتملة، واحتمالات الرفض من قبل الحركة، والمآلات المحتملة لهذه التطورات على الصعيد الإقليمي والدولي.
المقترح الأمريكي: ما هي ملامحه الأساسية؟
بغض النظر عن التفاصيل الدقيقة للمقترح الأمريكي، يمكننا استخلاص بعض الملامح العامة التي غالبًا ما تتضمنها مثل هذه المبادرات: هدنة مؤقتة، تبادل للأسرى (أو الأسرى والجثث)، تسهيل دخول المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة، وربما وعود بمفاوضات مستقبلية حول قضايا أكثر جوهرية. السؤال المحوري هنا ليس في تفاصيل المقترح، بل في الغاية الأبعد التي تسعى واشنطن لتحقيقها من خلاله. هل الهدف هو حقًا التوصل إلى حل عادل وشامل يضمن الحقوق الفلسطينية، أم أن هناك أهدافًا أخرى أكثر براغماتية تخدم مصالح الولايات المتحدة وحلفائها في المنطقة؟
دوافع واشنطن: بين المصالح الذاتية والضغوط الخارجية
من الضروري فهم دوافع واشنطن لتقديم مثل هذا المقترح. هل هي مدفوعة بوازع إنساني حقيقي لإنهاء معاناة الفلسطينيين في غزة؟ أم أن هناك اعتبارات أخرى تفرض عليها التحرك؟ من بين الدوافع المحتملة:
- احتواء التصعيد الإقليمي: قد تكون واشنطن قلقة من اتساع نطاق الصراع الفلسطيني الإسرائيلي ليشمل أطرافًا إقليمية أخرى، مثل حزب الله أو إيران. تقديم مقترح للتهدئة قد يساعد في تخفيف حدة التوتر ومنع اندلاع حرب إقليمية شاملة.
- تهدئة الرأي العام العالمي: يواجه الرئيس الأمريكي والإدارة الأمريكية ضغوطًا متزايدة من الرأي العام العالمي، ومنظمات حقوق الإنسان، وحتى من بعض الدوائر الداخلية في الولايات المتحدة، لوقف إطلاق النار في غزة وإنهاء معاناة الفلسطينيين. تقديم مقترح للتهدئة قد يساعد في تخفيف هذه الضغوط وتلميع صورة الولايات المتحدة كطرف وسيط يسعى للسلام.
- خدمة المصالح الإسرائيلية: قد يكون الهدف الحقيقي من المقترح هو منح إسرائيل فرصة لالتقاط الأنفاس وإعادة تنظيم صفوفها، بعد أن تلقت ضربات قوية في ساحة المعركة. قد يساعد المقترح أيضًا في إخراج إسرائيل من المأزق السياسي والدبلوماسي الذي تعيشه، نتيجة للانتقادات الدولية المتزايدة لسلوكها في غزة.
- إضعاف حركة حماس: قد تسعى واشنطن من خلال المقترح إلى إحداث انقسامات داخل حركة حماس، أو بين الحركة والفصائل الفلسطينية الأخرى، أو بين الحركة والشعب الفلسطيني في غزة. يمكن أن يؤدي رفض الحركة للمقترح إلى تصويرها على أنها الطرف المتعنت الذي يعرقل جهود السلام، مما قد يضعف شعبيتها ويزيد من عزلتها.
- الحفاظ على الاستقرار في المنطقة: تعتبر واشنطن نفسها ضامنًا للاستقرار في منطقة الشرق الأوسط. قد يكون تقديم المقترح محاولة للحفاظ على هذا الاستقرار، ومنع حدوث أي تغييرات جذرية في موازين القوى في المنطقة.
لماذا قد ترفض حماس المقترح الأمريكي؟
من المرجح أن ترفض حركة حماس المقترح الأمريكي، وذلك لعدة أسباب:
- عدم تلبية الحد الأدنى من المطالب الفلسطينية: غالبًا ما يركز المقترح الأمريكي على وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى، دون التطرق إلى القضايا الجوهرية مثل رفع الحصار عن غزة، وإنهاء الاحتلال، وحق عودة اللاجئين. بالنسبة لحركة حماس، هذه القضايا غير قابلة للتفاوض، ولا يمكن التوصل إلى سلام دائم إلا من خلال حل عادل لها.
- عدم الثقة في الضمانات الأمريكية: لطالما أثبتت الولايات المتحدة انحيازها الكامل لإسرائيل، وعدم قدرتها (أو عدم رغبتها) في الضغط عليها لتطبيق قرارات الشرعية الدولية. لذلك، لا تثق حركة حماس في الضمانات الأمريكية، وتعتبرها مجرد وعود فارغة لا يمكن الاعتماد عليها.
- إدراك أهداف واشنطن الخفية: تدرك حركة حماس أن واشنطن تسعى من خلال المقترح إلى تحقيق أهداف أخرى غير معلنة، مثل إضعاف الحركة وتقويض مشروع المقاومة. لذلك، فإن قبول المقترح قد يعني بالنسبة للحركة الوقوع في فخ أمريكي إسرائيلي.
- التمسك بخيار المقاومة: ترى حركة حماس أن المقاومة المسلحة هي الوسيلة الوحيدة لتحقيق الحقوق الفلسطينية، وإنهاء الاحتلال. لذلك، فإن القبول بمقترح للتهدئة قد يعني التخلي عن هذا الخيار، وهو أمر غير وارد بالنسبة للحركة.
- الحفاظ على صورتها أمام الشعب الفلسطيني: تدرك حركة حماس أن قبولها بمقترح لا يلبي الحد الأدنى من المطالب الفلسطينية قد يؤدي إلى فقدان شعبيتها وثقة الشعب الفلسطيني بها. لذلك، فإن رفض المقترح قد يكون خيارًا استراتيجيًا للحفاظ على صورتها كحركة مقاومة لا تتنازل عن حقوق الشعب الفلسطيني.
المآلات المحتملة: سيناريوهات ما بعد الرفض
في حال رفضت حركة حماس المقترح الأمريكي، فمن المرجح أن تتجه الأمور نحو أحد السيناريوهات التالية:
- تصعيد القتال: قد تستأنف إسرائيل عملياتها العسكرية في غزة بقوة أكبر، بهدف القضاء على حركة حماس أو إضعافها إلى أقصى حد. قد يؤدي ذلك إلى وقوع المزيد من الضحايا المدنيين، وتدهور الأوضاع الإنسانية في غزة بشكل كبير.
- استمرار الوضع الراهن: قد يستمر الوضع على ما هو عليه، مع استمرار المناوشات المتقطعة بين الفصائل الفلسطينية وإسرائيل. قد يؤدي ذلك إلى استنزاف الطرفين، وإلى تفاقم الأزمات الاقتصادية والاجتماعية في غزة.
- تدخل أطراف إقليمية: قد تتدخل أطراف إقليمية أخرى في الصراع بشكل مباشر أو غير مباشر، مما قد يؤدي إلى اتساع نطاقه وتحوله إلى حرب إقليمية شاملة.
- مبادرات سلام جديدة: قد تظهر مبادرات سلام جديدة من أطراف إقليمية أو دولية أخرى، بهدف التوصل إلى حل عادل وشامل للقضية الفلسطينية.
خلاصة
في الختام، يمكن القول إن المقترح الأمريكي المقدم لحركة حماس يمثل جزءًا من لعبة سياسية معقدة، تهدف إلى خدمة مصالح الولايات المتحدة وحلفائها في المنطقة، وليس بالضرورة إلى تحقيق السلام العادل والشامل. من المرجح أن ترفض حركة حماس هذا المقترح، وذلك لعدم تلبيته الحد الأدنى من المطالب الفلسطينية، ولعدم الثقة في الضمانات الأمريكية. في حال الرفض، فإن الأمور قد تتجه نحو التصعيد، أو استمرار الوضع الراهن، أو تدخل أطراف إقليمية أخرى، أو ظهور مبادرات سلام جديدة. يبقى الأمل معقودًا على ظهور قوى إقليمية ودولية قادرة على الضغط على إسرائيل لإنهاء الاحتلال، وتحقيق السلام العادل والشامل الذي يضمن الحقوق الفلسطينية المشروعة.
مقالات مرتبطة