Now

تغير في موقف موسكو هل انتهى الوجود الروسي في سوريا أم مرحلة جديدة تحت سيطرة المعارضة

تحليل حول تغير الموقف الروسي في سوريا: هل انتهى الوجود الروسي أم مرحلة جديدة تحت سيطرة المعارضة؟

يعتبر الملف السوري من أعقد الملفات الجيوسياسية في العصر الحديث، إذ تتداخل فيه مصالح دول إقليمية وعالمية، وتتشابك فيه خيوط الصراع بين قوى داخلية وخارجية. ومن بين أبرز هذه القوى، تبرز روسيا كلاعب أساسي ومؤثر في مسار الأحداث في سوريا منذ تدخلها العسكري المباشر في عام 2015. الفيديو المعنون بـ تغير في موقف موسكو هل انتهى الوجود الروسي في سوريا أم مرحلة جديدة تحت سيطرة المعارضة؟ والمتاح على الرابط https://www.youtube.com/watch?v=u5XOH6jPHNY، يطرح تساؤلات جوهرية حول مستقبل الدور الروسي في سوريا، وما إذا كان يشهد تحولاً جوهرياً يمهد لانسحاب أو تغيير في طبيعة هذا الوجود، مع الأخذ في الاعتبار تزايد نفوذ المعارضة السورية في بعض المناطق.

الوجود الروسي في سوريا: نظرة تاريخية

قبل الخوض في تحليل التغيرات المحتملة في الموقف الروسي، من الضروري إلقاء نظرة سريعة على تاريخ الوجود الروسي في سوريا وأهدافه. تاريخياً، كانت سوريا حليفاً وثيقاً للاتحاد السوفيتي، واستمر هذا التحالف بعد انهيار الاتحاد السوفيتي مع روسيا الاتحادية. حافظت روسيا على وجود عسكري محدود في سوريا، خاصة عبر قاعدة طرطوس البحرية، والتي تعتبر المنفذ الروسي الوحيد إلى البحر الأبيض المتوسط.

في عام 2015، تدخلت روسيا عسكرياً بشكل مباشر في سوريا لدعم نظام بشار الأسد في مواجهة فصائل المعارضة المسلحة وتنظيم داعش. كان التدخل الروسي حاسماً في تغيير ميزان القوى على الأرض، حيث تمكن النظام السوري، بدعم جوي وبري روسي، من استعادة السيطرة على مناطق واسعة كانت تحت سيطرة المعارضة. أعلنت روسيا مراراً أن تدخلها يهدف إلى مكافحة الإرهاب والحفاظ على الدولة السورية، ولكن منتقدين يرون أن الهدف الحقيقي هو الحفاظ على مصالح روسيا الجيوسياسية في المنطقة، بما في ذلك الحفاظ على قاعدة طرطوس ومنع سقوط نظام حليف.

علامات التغير في الموقف الروسي

في الآونة الأخيرة، ظهرت بعض المؤشرات التي قد تدل على تغير في الموقف الروسي تجاه سوريا. من بين هذه المؤشرات:

  • التقليل من الوجود العسكري: تشير بعض التقارير إلى أن روسيا بدأت في تقليص وجودها العسكري في سوريا، خاصة بعد استعادة السيطرة على معظم المناطق الرئيسية. الانسحابات المعلنة لبعض القوات والمعدات العسكرية، وإن كانت محدودة، قد تكون دلالة على تخفيف العبء العسكري والاقتصادي على روسيا.
  • التركيز على الحل السياسي: بدأت روسيا في التركيز بشكل أكبر على الحل السياسي للأزمة السورية، عبر دعم مسار أستانا والمشاركة في مفاوضات جنيف. هذا التحول قد يعكس رغبة روسيا في إنهاء الصراع بطريقة تحفظ مصالحها، ولكن دون الحاجة إلى تدخل عسكري مباشر ومستمر.
  • التعامل مع المعارضة: تشير بعض التقارير إلى أن روسيا بدأت في فتح قنوات اتصال مع بعض فصائل المعارضة السورية، خاصة في المناطق التي تشهد تواجداً روسياً. هذا التواصل قد يكون محاولة لضمان استقرار هذه المناطق ومنع تصاعد التوتر، أو ربما تمهيداً لمرحلة جديدة من التعاون السياسي.
  • الضغوط الاقتصادية: تواجه روسيا ضغوطاً اقتصادية متزايدة، بسبب العقوبات الغربية وتراجع أسعار النفط. هذه الضغوط قد تجعل من الصعب على روسيا الاستمرار في تحمل التكاليف الباهظة للتدخل العسكري في سوريا، مما يدفعها إلى البحث عن حلول بديلة وأقل تكلفة.

المعارضة السورية: تزايد النفوذ أم وهم التغيير؟

يشير عنوان الفيديو إلى احتمال تزايد نفوذ المعارضة السورية، وهو ما يستدعي التدقيق والتحليل. بعد سنوات من الصراع والهزائم المتتالية، تبدو المعارضة السورية في حالة ضعف وتشتت. ومع ذلك، هناك بعض العوامل التي قد تساهم في إعادة تفعيل دورها:

  • الدعم الخارجي: لا تزال بعض فصائل المعارضة تتلقى دعماً من دول إقليمية وغربية، وإن كان هذا الدعم أقل مما كان عليه في السابق. هذا الدعم يمكن أن يساعد المعارضة على الحفاظ على وجودها وقدرتها على المقاومة.
  • الاستياء الشعبي: لا يزال هناك استياء شعبي واسع النطاق في سوريا من نظام الأسد، بسبب الفساد والقمع والتدهور الاقتصادي. هذا الاستياء يمكن أن يوفر بيئة حاضنة للمعارضة ويساعدها على استعادة شعبيتها.
  • التغيرات الإقليمية: قد تؤدي التغيرات الإقليمية، مثل التوترات بين إيران وإسرائيل، أو التطورات في العلاقات بين تركيا والدول العربية، إلى تغيير في موازين القوى في سوريا، مما قد يتيح للمعارضة فرصة جديدة.

ومع ذلك، يجب التأكيد على أن المعارضة السورية تواجه تحديات كبيرة. فهي تعاني من الانقسامات الداخلية والتنافس بين الفصائل المختلفة، كما أنها تفتقر إلى القيادة الموحدة والرؤية الاستراتيجية الواضحة. بالإضافة إلى ذلك، فإن الدعم الشعبي للمعارضة قد تراجع بسبب طول أمد الصراع وتصاعد التطرف والعنف.

تحليل السيناريوهات المحتملة

في ضوء المؤشرات المذكورة أعلاه، يمكن تصور عدة سيناريوهات محتملة لمستقبل الوجود الروسي في سوريا ومستقبل المعارضة السورية:

  1. السيناريو الأول: الانسحاب التدريجي مع الحفاظ على المصالح: في هذا السيناريو، تستمر روسيا في تقليص وجودها العسكري في سوريا، مع الحفاظ على قاعدة طرطوس وضمان مصالحها الجيوسياسية والاقتصادية. قد تدعم روسيا حلاً سياسياً يحافظ على نظام الأسد في السلطة، ولكن مع بعض الإصلاحات والتنازلات. في هذا السيناريو، قد تلعب المعارضة دوراً محدوداً في الحكومة أو في المناطق التي تسيطر عليها، ولكنها لن تتمكن من الإطاحة بالنظام أو السيطرة على السلطة.
  2. السيناريو الثاني: التغيير الجزئي مع دور أكبر للمعارضة: في هذا السيناريو، قد تضغط روسيا على نظام الأسد لتقديم تنازلات أكبر للمعارضة، بهدف تحقيق حل سياسي مستدام. قد يتضمن هذا التنازلات مشاركة المعارضة في الحكومة أو في صياغة الدستور الجديد، أو حتى إجراء انتخابات حرة ونزيهة. في هذا السيناريو، قد تضطر روسيا إلى التعامل مع المعارضة كشريك في السلطة، وهو ما قد يتطلب منها تغيير استراتيجيتها وتكتيكاتها.
  3. السيناريو الثالث: التصعيد والصراع المفتوح: في هذا السيناريو، قد تتدهور الأوضاع في سوريا وتتصاعد التوترات بين الأطراف المختلفة، مما قد يؤدي إلى تجدد الصراع العسكري. قد يحدث هذا التصعيد بسبب التدخلات الخارجية أو بسبب فشل الحل السياسي أو بسبب تصاعد التطرف والعنف. في هذا السيناريو، قد تضطر روسيا إلى زيادة وجودها العسكري في سوريا من جديد، وقد تجد نفسها في مواجهة مباشرة مع فصائل المعارضة أو مع قوى إقليمية أخرى.
  4. السيناريو الرابع: الفوضى والتقسيم: في هذا السيناريو، قد تتدهور الأوضاع في سوريا بشكل كبير، مما قد يؤدي إلى انهيار الدولة وتقسيم البلاد إلى مناطق نفوذ متنافسة. قد يحدث هذا الانهيار بسبب فشل جميع الحلول السياسية والعسكرية، أو بسبب التدخلات الخارجية أو بسبب تفاقم الأزمات الاقتصادية والاجتماعية. في هذا السيناريو، قد تفقد روسيا سيطرتها على الأوضاع في سوريا، وقد تجد نفسها مضطرة إلى الانسحاب أو إلى الاكتفاء بحماية مصالحها في مناطق محدودة.

الخلاصة

من الصعب التكهن بدقة بمستقبل الوجود الروسي في سوريا ومستقبل المعارضة السورية. فالأوضاع في سوريا معقدة ومتغيرة باستمرار، وتتأثر بعوامل داخلية وخارجية عديدة. ومع ذلك، يمكن القول أن هناك مؤشرات على أن الموقف الروسي يشهد تحولاً، وأن المعارضة السورية قد تجد فرصة جديدة لاستعادة دورها. يبقى السؤال هو: هل ستتمكن روسيا من إدارة هذا التحول بطريقة تحفظ مصالحها وتحقق الاستقرار في سوريا؟ وهل ستتمكن المعارضة السورية من استغلال هذه الفرصة بطريقة بناءة ومسؤولة؟ الإجابة على هذه الأسئلة ستحدد مستقبل سوريا والمنطقة.

مقالات مرتبطة

الجيش الإسرائيلي مقتل 4 ضباط أحدهم برتبة رائد و3 برتبة ملازم في رفح جنوبي قطاع غزة

كيف يُقرأ التصعيد الإسرائيلي الجديد على لبنان

مصدر قيادي بحزب الله للجزيرة الاعتداءات فرصة لتوحيد اللبنانيين ووقف العدوان أولوية قبل أي شيء آخر

إسرائيل تصعد في جنوب لبنان ما وراء الخبر يناقش رسائل التصعيد

مصادر عسكرية للجزيرة الدعم السريع يقصف بالمدفعية الثقيلة مراكز الإيواء وحيي أبو شوك ودرجة

المبعوث الأممي إلى سوريا للجزيرة ما تقوم به إسرائيل في سوريا مؤذ ومضر

الناطق العسكري باسم أنصار الله قصفنا هدفا عسكريا في يافا المحتلة بصاروخ باليستي فرط صوتي

عمليات بارزة على الحدود الأردنية الإسرائيلية من الدقامسة إلى معبر اللنبي تعرف إليها

وول ستريت جورنال عن مسؤولين ترمب أخبر مساعديه أن نتنياهو يُفضل استخدام القوة بدلا من التفاوض

في حفل موسيقي عالمي قائد أوركسترا إسرائيلي يهاجم حرب غزة

مسار الأحداثالاحتلال يواصل عملياته بمدينة غزة وعمليات متعددة ضد أهداف إسرائيلية

الخارجية الأردنية تدين إطلاق النار على جسر اللنبي وتفتح تحقيقا عاجلا