زيارة بلينكن المرتقبة لإسرائيل تصطدم باتساع دائرة الخلافات داخل حكومة الحرب
زيارة بلينكن المرتقبة لإسرائيل تصطدم باتساع دائرة الخلافات داخل حكومة الحرب
من المقرر أن يجري وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن زيارة مرتقبة لإسرائيل، تأتي في ظل ظروف سياسية داخلية معقدة للغاية تشهدها الحكومة الإسرائيلية، وتحديداً داخل ما يسمى حكومة الحرب المكلفة بإدارة العمليات العسكرية في قطاع غزة. هذه الزيارة تحمل أهمية خاصة في سياق الجهود الدبلوماسية المبذولة لتهدئة الأوضاع المتوترة في المنطقة، وإيجاد حلول مستدامة للصراع الفلسطيني الإسرائيلي، إلا أنها تصطدم بتحديات جمة، أبرزها اتساع دائرة الخلافات والانقسامات داخل حكومة الحرب نفسها، وهو ما يلقي بظلاله على قدرة إسرائيل على اتخاذ قرارات حاسمة وموحدة، وعلى فرص نجاح أي مبادرة سلام أو تهدئة.
الخلافات داخل حكومة الحرب ليست وليدة اللحظة، بل هي نتاج تراكمات من وجهات النظر المتباينة حول كيفية إدارة الحرب في غزة، والأهداف الاستراتيجية التي يجب تحقيقها، والخطوات اللاحقة التي يجب اتخاذها. هذه الخلافات تظهر بشكل خاص بين أقطاب رئيسية في الحكومة، مثل رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، ووزير الدفاع يوآف غالانت، وبيني غانتس، العضو في مجلس الحرب. كل طرف يحمل رؤيته الخاصة، ومصالحه السياسية المختلفة، وهو ما يجعل التوصل إلى توافق أمرًا صعبًا للغاية.
أحد أبرز نقاط الخلاف يتعلق بمسألة اليوم التالي للحرب في غزة. بينما يصر نتنياهو على ضرورة الحفاظ على السيطرة الأمنية الإسرائيلية على القطاع لفترة طويلة، يرى غالانت وغانتس ضرورة إيجاد حل سياسي يضمن عدم تكرار ما حدث في السابع من أكتوبر، ويسمح للسلطة الفلسطينية أو أي قوة أخرى معترف بها دوليًا بتولي إدارة القطاع، مع ضمانات أمنية دولية. هذا الخلاف الجوهري يعكس تباينًا في الرؤى حول مستقبل العلاقة بين إسرائيل والفلسطينيين، وحول الدور الذي يجب أن تلعبه إسرائيل في المنطقة.
كما تبرز خلافات أخرى تتعلق بآلية اتخاذ القرارات داخل حكومة الحرب. يتهم غالانت وغانتس نتنياهو بتهميشهما وتجاهل آرائهما، والاعتماد على دائرة ضيقة من المقربين في اتخاذ القرارات الحاسمة. هذا الأمر يثير استياءهما، ويؤدي إلى مزيد من التوتر والاحتقان داخل الحكومة. بالإضافة إلى ذلك، هناك خلافات حول الأولويات العسكرية، وتخصيص الموارد، وطريقة التعامل مع التهديدات المتزايدة من حزب الله في الشمال.
زيارة بلينكن تأتي في هذا السياق المضطرب، وهي تحمل رسائل واضحة من الإدارة الأمريكية حول ضرورة وقف التصعيد، والتركيز على الحلول الدبلوماسية، وتجنب توسيع نطاق الحرب. من المتوقع أن يضغط بلينكن على الحكومة الإسرائيلية للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في غزة، والسماح بدخول المساعدات الإنسانية بشكل كاف، والبدء في مفاوضات جادة حول حل الدولتين. إلا أن قدرة بلينكن على تحقيق هذه الأهداف تبقى محدودة، في ظل الانقسامات الداخلية العميقة في الحكومة الإسرائيلية، والتمسك الشديد لكل طرف بمواقفه.
الولايات المتحدة، كحليف استراتيجي لإسرائيل، تلعب دورًا حاسمًا في التأثير على قراراتها، إلا أن هذا التأثير ليس مطلقًا. نتنياهو، على وجه الخصوص، يتمتع بخبرة طويلة في التعامل مع الإدارات الأمريكية المختلفة، وغالبًا ما ينجح في المناورة وكسب الوقت، وتأخير اتخاذ القرارات الصعبة. كما أن الضغوط الداخلية التي يواجهها نتنياهو من اليمين المتطرف في حكومته تجعل من الصعب عليه تقديم تنازلات كبيرة للفلسطينيين أو للمجتمع الدولي.
اتساع دائرة الخلافات داخل حكومة الحرب لا يؤثر فقط على قدرة إسرائيل على اتخاذ قرارات حاسمة، بل يؤثر أيضًا على صورتها أمام العالم. هذه الخلافات تظهر إسرائيل كدولة غير موحدة، وغير قادرة على التوصل إلى رؤية مشتركة حول مستقبلها. هذا الأمر يضعف موقفها التفاوضي، ويقلل من فرص نجاح أي مبادرة سلام.
بالإضافة إلى ذلك، فإن الخلافات الداخلية تعزز حالة عدم اليقين والقلق لدى الجمهور الإسرائيلي، الذي يشعر بالإحباط من استمرار الحرب، وعدم وجود حلول واضحة في الأفق. هذا الأمر قد يؤدي إلى مزيد من الاحتجاجات والانتقادات للحكومة، ويزيد من الضغوط على نتنياهو لتقديم استقالته أو إجراء انتخابات مبكرة.
في الختام، زيارة بلينكن المرتقبة لإسرائيل تحمل أهمية كبيرة في سياق الجهود الدبلوماسية المبذولة لتهدئة الأوضاع في المنطقة، إلا أنها تصطدم بتحديات جمة، أبرزها اتساع دائرة الخلافات والانقسامات داخل حكومة الحرب الإسرائيلية. هذه الخلافات تعيق قدرة إسرائيل على اتخاذ قرارات حاسمة وموحدة، وتضعف فرص نجاح أي مبادرة سلام أو تهدئة. يبقى أن نرى ما إذا كان بلينكن سينجح في تذليل هذه العقبات، وإقناع الحكومة الإسرائيلية بضرورة التوصل إلى حل سياسي يضمن الأمن والاستقرار للجميع في المنطقة.
المصدر: يوتيوب
مقالات مرتبطة