هل يلتقي البرهان وحميدتي وجها لوجه في جيبوتي
هل يلتقي البرهان وحميدتي وجها لوجه في جيبوتي؟ تحليل وتوقعات
تتصدر الأزمة السودانية عناوين الأخبار العالمية منذ اندلاعها في أبريل 2023، مخلفة وراءها دمارًا هائلًا وخسائر بشرية فادحة، ومزيدًا من التعقيدات السياسية والاقتصادية. في قلب هذه الأزمة يقف رجلان: الفريق أول عبد الفتاح البرهان، رئيس مجلس السيادة وقائد الجيش السوداني، والفريق أول محمد حمدان دقلو حميدتي، قائد قوات الدعم السريع. الصراع بين الرجلين، الذي كان كامنًا لسنوات، انفجر ليحول السودان إلى ساحة حرب مفتوحة.
في خضم هذه الفوضى، برزت مبادرات إقليمية ودولية للوساطة، سعيًا لوقف إطلاق النار والعودة إلى طاولة المفاوضات. إحدى هذه المبادرات، والتي حظيت باهتمام خاص، هي مبادرة دولة جيبوتي، بقيادة الرئيس إسماعيل عمر جيله. وقد أثارت هذه المبادرة تساؤلات كثيرة حول إمكانية جمع البرهان وحميدتي وجهًا لوجه في جيبوتي، وهو ما يطرحه فيديو اليوتيوب المعنون هل يلتقي البرهان وحميدتي وجها لوجه في جيبوتي؟ المنشور على الرابط: https://www.youtube.com/watch?v=UkrUc4W2c2o
يهدف هذا المقال إلى تحليل احتمالية هذا اللقاء، وتقييم فرص نجاحه، واستعراض التحديات التي قد تعترض طريقه. سيعتمد التحليل على السياق السياسي والعسكري الراهن في السودان، بالإضافة إلى استقراء مواقف الطرفين المتصارعين والأطراف الإقليمية والدولية المعنية.
السياق السياسي والعسكري الراهن
منذ بداية الصراع، اتخذت المواقف حدة غير مسبوقة. الجيش السوداني وقوات الدعم السريع يتبادلان الاتهامات بالخيانة والتآمر، وكلاهما يصر على أنه يحارب من أجل حماية السودان والديمقراطية. على الأرض، يتواصل القتال العنيف في الخرطوم ومدن أخرى، مما أدى إلى نزوح ملايين السودانيين داخليًا وخارجيًا. البنية التحتية للبلاد تضررت بشكل كبير، والاقتصاد على وشك الانهيار التام.
سياسيًا، يشهد السودان حالة من الفراغ الدستوري والقانوني. المؤسسات الحكومية معطلة، والأحزاب السياسية منقسمة. الجهود المبذولة لتشكيل حكومة مدنية انتقالية تواجه عراقيل مستمرة بسبب استمرار الصراع.
إقليميًا ودوليًا، هناك قلق متزايد بشأن تداعيات الأزمة السودانية على المنطقة بأسرها. الدول المجاورة للسودان تواجه تدفقات كبيرة من اللاجئين، وهناك مخاوف من انتشار العنف والتطرف عبر الحدود. المجتمع الدولي منقسم بشأن كيفية التعامل مع الأزمة، مع وجود خلافات حول فرض عقوبات أو تقديم دعم مادي لأحد الطرفين.
فرص لقاء البرهان وحميدتي في جيبوتي
على الرغم من تعقيد الوضع، هناك بعض العوامل التي قد تدعم إمكانية لقاء البرهان وحميدتي في جيبوتي:
- الضغط الإقليمي والدولي: هناك إجماع إقليمي ودولي على ضرورة وقف إطلاق النار والعودة إلى المفاوضات. الدول الإقليمية، مثل جيبوتي ومصر والسعودية وإثيوبيا، تبذل جهودًا مكثفة للوساطة بين الطرفين. الدول الغربية، مثل الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، تمارس ضغوطًا دبلوماسية واقتصادية على الطرفين لحملهما على الجلوس إلى طاولة المفاوضات.
- الحاجة إلى حل سياسي: كلا الطرفين يدركان أن الحل العسكري للأزمة غير ممكن. القتال المستمر يؤدي إلى خسائر فادحة للطرفين، ويستنزف مواردهما. الحل السياسي هو الخيار الوحيد القابل للتطبيق لإنهاء الصراع واستعادة الاستقرار في السودان.
- دور جيبوتي المحايد: تتمتع جيبوتي بمكانة محايدة في المنطقة، وهي تحظى بثقة الطرفين المتصارعين. الرئيس إسماعيل عمر جيله يتمتع بعلاقات جيدة مع كل من البرهان وحميدتي، وهو قادر على لعب دور الوسيط النزيه.
التحديات التي تواجه اللقاء
على الرغم من وجود بعض الفرص، هناك العديد من التحديات التي قد تعترض طريق لقاء البرهان وحميدتي في جيبوتي:
- انعدام الثقة بين الطرفين: هناك انعدام تام للثقة بين البرهان وحميدتي. كل طرف يتهم الآخر بالخيانة والتآمر، وكلاهما يرفض تقديم تنازلات. من الصعب تصور لقاء بين الطرفين في ظل هذه الظروف.
- الشروط المسبقة: كلا الطرفين يضع شروطًا مسبقة للحوار. البرهان يصر على أن قوات الدعم السريع يجب أن تنسحب من المدن وتسلم أسلحتها قبل بدء المفاوضات. حميدتي يصر على أن البرهان يجب أن يتنحى عن السلطة ويسمح بتشكيل حكومة مدنية انتقالية.
- تدخلات أجنبية: هناك اتهامات بتدخلات أجنبية في الصراع السوداني. بعض الدول الإقليمية تدعم الجيش السوداني، في حين أن دولًا أخرى تدعم قوات الدعم السريع. هذه التدخلات تزيد من تعقيد الوضع وتقوض جهود الوساطة.
- استمرار القتال: استمرار القتال على الأرض يقوض أي فرصة للحوار. طالما أن الطرفين يتقاتلان، فمن الصعب تصور لقاء بينهما. وقف إطلاق النار هو شرط أساسي لأي حوار جاد.
توقعات مستقبلية
من الصعب التنبؤ بما سيحدث في السودان في المستقبل القريب. هناك العديد من السيناريوهات المحتملة، بما في ذلك:
- استمرار الصراع: هذا هو السيناريو الأكثر ترجيحًا في الوقت الحالي. استمرار القتال سيؤدي إلى مزيد من الدمار والخسائر البشرية، وقد يؤدي إلى تقسيم السودان.
- تسوية سياسية: هذا هو السيناريو الأكثر تفاؤلاً. إذا تمكن الطرفان من التوصل إلى تسوية سياسية، فقد يتمكن السودان من تجاوز الأزمة واستعادة الاستقرار.
- تدخل عسكري أجنبي: هذا السيناريو غير مرجح، ولكنه ليس مستحيلاً. إذا استمر الصراع لفترة طويلة، فقد تتدخل دول أجنبية عسكريًا لحماية مصالحها أو لمنع وقوع كارثة إنسانية.
فيما يتعلق بلقاء البرهان وحميدتي في جيبوتي، فإن الاحتمالات تبدو ضئيلة في الوقت الحالي. ومع ذلك، لا يمكن استبعاد هذا الاحتمال تمامًا. الضغوط الإقليمية والدولية قد تدفع الطرفين إلى الجلوس إلى طاولة المفاوضات في نهاية المطاف. ولكن حتى إذا حدث هذا اللقاء، فإن فرص نجاحه ستكون محدودة للغاية في ظل الظروف الحالية.
خلاصة
الأزمة السودانية معقدة ومتشعبة، ولا يوجد حل سهل لها. لقاء البرهان وحميدتي في جيبوتي قد يكون خطوة إيجابية نحو حل الأزمة، ولكنه ليس ضمانًا للنجاح. هناك العديد من التحديات التي يجب التغلب عليها قبل أن يتمكن السودان من تجاوز الأزمة واستعادة الاستقرار. المجتمع الدولي يجب أن يواصل ممارسة الضغوط على الطرفين لحملهما على وقف إطلاق النار والعودة إلى المفاوضات. مستقبل السودان يعتمد على قدرة السودانيين على التغلب على خلافاتهم والعمل معًا من أجل بناء مستقبل أفضل لبلادهم.
مقالات مرتبطة