سوكوت حماس غير مستعدة لقبول بقاء القوات الإسرائيلية في محوري نيتساريم وفيلادلفيا

سوكوت حماس غير مستعدة لقبول بقاء القوات الإسرائيلية في محوري نيتساريم وفيلادلفيا - تحليل معمق

يشكل الفيديو المنشور على يوتيوب بعنوان سوكوت حماس غير مستعدة لقبول بقاء القوات الإسرائيلية في محوري نيتساريم وفيلادلفيا (رابط الفيديو: https://www.youtube.com/watch?v=lGumBgKrUwA) نقطة انطلاق هامة لفهم تعقيدات المشهد السياسي والعسكري في قطاع غزة. يتناول الفيديو موقف حركة حماس الرافض لوجود قوات إسرائيلية في منطقتي نيتساريم وفيلادلفيا، وهما منطقتان استراتيجيتان تحملان دلالات سياسية وأمنية عميقة. لفهم هذا الموقف بشكل كامل، يجب علينا أولاً استعراض الأهمية الجيوسياسية لهاتين المنطقتين، ثم تحليل دوافع حماس وراء هذا الرفض القاطع، وأخيراً استشراف السيناريوهات المحتملة وتأثيراتها على مستقبل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي.

الأهمية الجيوسياسية لمحوري نيتساريم وفيلادلفيا

محور نيتساريم: يقع محور نيتساريم في وسط قطاع غزة، وكان في السابق مستوطنة إسرائيلية تم إخلاؤها في عام 2005 كجزء من خطة فك الارتباط. على الرغم من إزالة المستوطنة، حافظت المنطقة على أهميتها الاستراتيجية لعدة أسباب. أولاً، يقطع محور نيتساريم قطاع غزة إلى قسمين، مما يمنح القوات التي تسيطر عليه القدرة على التحكم في حركة الأشخاص والبضائع بين شمال وجنوب القطاع. ثانياً، يوفر الموقع إطلالة استراتيجية على مناطق واسعة من القطاع، مما يجعله نقطة مراقبة قيمة. ثالثاً، يمكن استخدامه كقاعدة انطلاق لعمليات عسكرية في عمق القطاع. وبالتالي، فإن سيطرة إسرائيل على محور نيتساريم تعني فعلياً السيطرة على قلب غزة، وتقويض قدرة حماس على الحركة والتنظيم.

محور فيلادلفيا: يمتد محور فيلادلفيا على طول الحدود بين قطاع غزة ومصر. تاريخياً، كان الهدف الرئيسي لهذا المحور هو منع تهريب الأسلحة والبضائع غير المشروعة إلى القطاع. يعتبر هذا المحور شريان حياة لحماس، حيث يمثل منفذاً رئيسياً لإدخال الإمدادات والأسلحة، رغم الجهود الإسرائيلية والمصرية للحد من هذه الأنشطة. سيطرة إسرائيل على محور فيلادلفيا تعني إغلاق هذا المنفذ الحيوي، وتشديد الحصار على القطاع، وتقويض القدرة العسكرية لحماس بشكل كبير. بالإضافة إلى ذلك، فإن السيطرة على محور فيلادلفيا تمنح إسرائيل القدرة على مراقبة الحدود مع مصر، ومنع أي أنشطة قد تهدد أمنها.

دوافع حماس وراء الرفض القاطع

إن رفض حماس لوجود القوات الإسرائيلية في محوري نيتساريم وفيلادلفيا ليس مجرد موقف تكتيكي، بل هو انعكاس لرؤية استراتيجية عميقة. يمكن تلخيص دوافع حماس في النقاط التالية:

1. الحفاظ على السيادة الوطنية: تعتبر حماس وجود القوات الإسرائيلية في أي جزء من قطاع غزة انتهاكاً صارخاً للسيادة الفلسطينية. بالنسبة لحماس، الدفاع عن السيادة الوطنية هو مبدأ أساسي لا يمكن التنازل عنه. السماح لإسرائيل بالسيطرة على محوري نيتساريم وفيلادلفيا يعني الاعتراف بشرعية الاحتلال، وهو أمر ترفضه حماس بشدة.
2. الحفاظ على القدرة العسكرية: كما ذكرنا سابقاً، يمثل محور فيلادلفيا شريان حياة لحماس. من خلال هذا المحور، تتمكن الحركة من إدخال الإمدادات والأسلحة التي تحتاجها للحفاظ على قدرتها العسكرية. سيطرة إسرائيل على هذا المحور تعني تقويض هذه القدرة، وتحويل حماس إلى قوة ضعيفة وغير قادرة على الدفاع عن نفسها.
3. الحفاظ على الشرعية الشعبية: تعتمد حماس على دعم شعبي واسع في قطاع غزة. هذا الدعم يعتمد بشكل كبير على قدرة الحركة على توفير الخدمات الأساسية للمواطنين، والدفاع عن حقوقهم. السماح لإسرائيل بالسيطرة على محوري نيتساريم وفيلادلفيا سيؤدي إلى تفاقم الأوضاع الإنسانية في القطاع، وتقويض شرعية حماس في نظر الشعب.
4. منع التقسيم الديموغرافي لغزة: التحكم الإسرائيلي في محور نيتساريم يقسم القطاع إلى قسمين، ويجعل من الصعب على الفلسطينيين التنقل بين الشمال والجنوب. هذا التقسيم يؤدي إلى تدهور الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، ويخلق حالة من الفوضى وعدم الاستقرار. حماس تدرك أن هذا التقسيم يخدم المصالح الإسرائيلية، ويهدف إلى إضعاف الفلسطينيين وزيادة تبعيتهم لإسرائيل.
5. رفض أي شكل من أشكال الاحتلال: حماس حركة مقاومة تهدف إلى تحرير فلسطين من الاحتلال الإسرائيلي. أي وجود إسرائيلي في قطاع غزة، سواء كان في محوري نيتساريم وفيلادلفيا أو في أي مكان آخر، يمثل احتلالاً مرفوضاً. حماس لن تتخلى عن هذا المبدأ، وستواصل النضال حتى تحقيق التحرير الكامل.

السيناريوهات المحتملة وتأثيراتها

إن مستقبل الوضع في قطاع غزة، وخاصة فيما يتعلق بمحوري نيتساريم وفيلادلفيا، يعتمد على مجموعة متنوعة من العوامل، بما في ذلك التطورات السياسية والإقليمية والدولية. ومع ذلك، يمكننا استشراف بعض السيناريوهات المحتملة وتأثيراتها المحتملة:

1. السيناريو الأول: استمرار الوضع الراهن: في هذا السيناريو، تستمر إسرائيل في السيطرة على محوري نيتساريم وفيلادلفيا، مع استمرار المقاومة الفلسطينية. هذا السيناريو سيؤدي إلى استمرار حالة عدم الاستقرار في القطاع، وتصاعد التوترات بين إسرائيل وحماس. من المرجح أن يشهد القطاع موجات جديدة من العنف، وقد يتطور الأمر إلى حرب شاملة.
2. السيناريو الثاني: التوصل إلى اتفاق: في هذا السيناريو، تتوصل إسرائيل وحماس إلى اتفاق يسمح لإسرائيل بالانسحاب من محوري نيتساريم وفيلادلفيا، مقابل ضمانات أمنية. هذا الاتفاق قد يتضمن نشر قوات دولية على طول محور فيلادلفيا، لمنع تهريب الأسلحة. هذا السيناريو هو الأكثر تفضيلاً، حيث يمكن أن يؤدي إلى تهدئة الأوضاع في القطاع، وإتاحة الفرصة لإعادة الإعمار والتنمية.
3. السيناريو الثالث: سيطرة مصرية على محور فيلادلفيا: في هذا السيناريو، تتولى مصر السيطرة على محور فيلادلفيا، بالتنسيق مع إسرائيل وحماس. هذا السيناريو قد يكون مقبولاً من قبل جميع الأطراف، حيث يضمن لإسرائيل منع تهريب الأسلحة، ويسمح لمصر بلعب دور أكبر في إدارة الأوضاع في القطاع.
4. السيناريو الرابع: حرب شاملة: في هذا السيناريو، تشن إسرائيل حرباً شاملة على قطاع غزة، بهدف القضاء على حماس والسيطرة على القطاع بالكامل. هذا السيناريو هو الأكثر خطورة، حيث قد يؤدي إلى خسائر فادحة في الأرواح، وتدمير واسع النطاق للبنية التحتية. بالإضافة إلى ذلك، قد يؤدي هذا السيناريو إلى تصعيد إقليمي، وانخراط أطراف أخرى في الصراع.

الخلاصة

إن قضية محوري نيتساريم وفيلادلفيا تمثل جوهر الصراع الفلسطيني الإسرائيلي. موقف حماس الرافض لوجود القوات الإسرائيلية في هاتين المنطقتين يعكس رؤية استراتيجية تهدف إلى الحفاظ على السيادة الوطنية، والقدرة العسكرية، والشرعية الشعبية. إن مستقبل الوضع في قطاع غزة يعتمد على كيفية التعامل مع هذه القضية. التوصل إلى اتفاق يضمن الأمن والاستقرار للجميع هو الخيار الأمثل، ولكن هذا يتطلب إرادة سياسية حقيقية من جميع الأطراف.