المشروع الإيراني كُسر في دمشق: تحليل لتصريحات مروان قبلان

في مقابلة أجراها مع التلفزيون العربي، صرح الباحث والمحلل السياسي مروان قبلان بتصريح مثير للجدل مفاده أن المشروع الإيراني كُسر في دمشق وأن سوريا الآن دولة حرة. هذه التصريحات، الواردة في فيديو منشور على اليوتيوب، أثارت نقاشًا واسعًا وتستدعي تحليلًا معمقًا لفهم أبعادها ودلالاتها المحتملة.

تحمل عبارة المشروع الإيراني كُسر في دمشق عدة تفسيرات. قد يشير قبلان إلى تراجع النفوذ الإيراني المباشر في سوريا، أو إلى فشل إيران في تحقيق أهدافها الاستراتيجية كاملةً في هذا البلد. من الجدير بالذكر أن إيران لعبت دورًا حاسمًا في دعم نظام بشار الأسد خلال الحرب الأهلية السورية، وقدمت له دعمًا عسكريًا واقتصاديًا ولوجستيًا كبيرًا. ومع ذلك، فإن هذا الدعم جاء بتكلفة باهظة، سواء على سوريا نفسها أو على الدور الإيراني في المنطقة.

من ناحية أخرى، يمكن تفسير تصريح قبلان على أنه إشارة إلى تنامي الدور الروسي في سوريا. فمنذ تدخلها العسكري المباشر في عام 2015، أصبحت روسيا هي القوة المهيمنة في سوريا، ولها تأثير كبير على القرارات السياسية والعسكرية. وبالتالي، قد يرى البعض أن النفوذ الروسي قد طغى على النفوذ الإيراني، وأن سوريا أصبحت أقرب إلى أن تكون تحت وصاية روسية منها تحت وصاية إيرانية.

أما بالنسبة لتصريح قبلان بأن سوريا الآن دولة حرة، فهو تصريح يحتاج إلى الكثير من التدقيق. ففي حين أن الحرب الأهلية السورية قد هدأت نسبيًا، إلا أن البلاد لا تزال تعاني من تحديات جسيمة، بما في ذلك: وجود قوات أجنبية متعددة على أراضيها، اقتصاد مدمر، أزمة إنسانية حادة، وانتهاكات لحقوق الإنسان. بالإضافة إلى ذلك، لا يزال نظام بشار الأسد في السلطة، وهو نظام متهم بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.

بالتالي، فإن وصف سوريا بأنها دولة حرة يبدو مبالغًا فيه وغير دقيق. فالحرية لا تقتصر على غياب الحرب، بل تشمل أيضًا وجود نظام سياسي ديمقراطي يحترم حقوق الإنسان ويضمن سيادة القانون. وهذا ما لا يتوفر في سوريا حاليًا.

في الختام، تتطلب تصريحات مروان قبلان تحليلًا نقديًا ومتعمقًا. ففي حين أن هناك مؤشرات على تراجع النفوذ الإيراني المباشر في سوريا، إلا أن البلاد لا تزال بعيدة كل البعد عن أن تكون دولة حرة. يبقى مستقبل سوريا غامضًا، ويتطلب حلًا سياسيًا شاملًا يضمن وحدة البلاد وسيادتها، ويحقق تطلعات الشعب السوري في الحرية والكرامة.