والدة الصحفي الشهيد مصطفى ثريا تشيعه إلى مثواه الأخير
والدة الصحفي الشهيد مصطفى ثريا تشيعه إلى مثواه الأخير: قصة فاجعة وطن
في ركام الأخبار المتدفقة التي تملأ شاشاتنا وتهزّ وعينا كل يوم، هناك قصص تتجاوز مجرد الأرقام والإحصائيات لتلامس أعماق الروح وتوقظ الضمير الإنساني. قصة الصحفي الشهيد مصطفى ثريا هي إحدى هذه القصص، قصة شاب نذر قلمه وكلمته لنقل الحقيقة، فدفع حياته ثمناً لذلك. ومقطع الفيديو الذي يحمل عنوان والدة الصحفي الشهيد مصطفى ثريا تشيعه إلى مثواه الأخير ( https://www.youtube.com/watch?v=WQDIP2BVUgI ) ليس مجرد تسجيل لطقوس دفن، بل هو وثيقة مؤثرة تجسد الفقد، والفجيعة، والصمود، والأمل الممزوج بالألم.
الفيديو، على بساطته الظاهرية، يحكي قصة وطن بأكمله. وجه الأم، المحفور بالتعب والألم، هو خارطة لمعاناة شعب بأكمله. نظراتها الشاردة، دموعها الصامتة، كل حركة وكل سكون فيها يحكي قصة حب لا ينتهي، قصة أم فقدت فلذة كبدها، قصة وطن فقد أحد أبنائه البررة.
مصطفى ثريا لم يكن مجرد اسم يُضاف إلى قائمة طويلة من الشهداء الذين سقطوا ضحية العنف والصراعات. كان صحفياً ملتزماً، شاباً طموحاً، يحمل في قلبه حباً لوطنه ورغبة جامحة في كشف الحقيقة وتنوير الرأي العام. عمل بجد وإخلاص، متحدياً الصعاب والمخاطر، ليضع الحقيقة أمام أعين الناس، حتى وإن كانت هذه الحقيقة مؤلمة وقاسية.
الصحافة، في جوهرها، هي رسالة سامية. هي صوت من لا صوت له، هي عين المجتمع التي ترصد الحقائق وتكشف الزيف، هي ضمير الأمة الذي يحاسب ويراقب. والصحفي الحق هو ذلك الذي يلتزم بهذه الرسالة، ويضعها فوق كل الاعتبارات، حتى وإن كلفه ذلك حياته. مصطفى ثريا كان من هؤلاء الصحفيين، الذين آمنوا بقيمة الكلمة وأهمية نقل الحقيقة، فدفعوا ثمناً باهظاً مقابل هذا الإيمان.
مشهد تشييع الجثمان، كما يظهر في الفيديو، هو مشهد مهيب ومؤثر. الجموع الغفيرة التي احتشدت لتوديع مصطفى هي دليل على محبة الناس له وتقديرهم لتضحياته. هتافاتهم الصادقة، دموعهم الحارة، كل ذلك يعكس حجم الفقد الذي يشعر به الجميع. إنه ليس مجرد فقد لشخص، بل هو فقد لأمل، لفجر جديد كان مصطفى جزءاً منه.
ولكن، وسط هذا الألم والفقد، يظهر أيضاً بصيص من الأمل. الأمل في أن تضحية مصطفى لن تذهب سدى، الأمل في أن كلمته ستظل حية، الأمل في أن قلمه سيستمر في الكتابة من خلال أقلام الآخرين. الأمل في أن دمه الزكي سيروي أرض الوطن، لينبت فيها جيل جديد من الصحفيين الأحرار الذين يؤمنون بقيمة الحقيقة وأهمية الدفاع عنها.
الوالدة، بصلابتها الظاهرة، هي رمز للصمود والإصرار. على الرغم من حجم الفاجعة التي ألمت بها، إلا أنها تظهر قوية ومؤمنة. نظراتها تحمل مزيجاً من الألم والفخر، ألم الفقد وفخر الأمومة التي ربت بطلاً دافع عن وطنه بكلمته وقلمه. هي تعلم أن ابنها لم يمت عبثاً، وأن تضحيته ستكون نبراساً للأجيال القادمة.
الفيديو يذكرنا بواجبنا تجاه شهداء الكلمة. واجبنا في أن نحافظ على ذكراهم، وأن ننشر كلماتهم، وأن نكمل طريقهم. واجبنا في أن ندافع عن حرية الصحافة وحرية التعبير، وأن نقف في وجه كل من يحاول تكميم الأفواه وقمع الحريات. واجبنا في أن نكون صوت الحق في وجه الظلم والفساد.
الصحافة ليست مجرد مهنة، بل هي رسالة ومسؤولية. هي أمانة يجب أن نحافظ عليها ونصونها. الصحفي ليس مجرد ناقل للأخبار، بل هو شاهد على العصر، ومؤرخ للأحداث، وصوت للضمير. يجب أن يكون الصحفي ملتزماً بالموضوعية والحيادية، وأن ينقل الحقيقة بكل أمانة وإخلاص، دون تحيز أو تضليل.
إن قصة مصطفى ثريا هي قصة كل صحفي حر في العالم. هي قصة كل من آمن بقيمة الكلمة وأهمية نقل الحقيقة. هي قصة كل من ضحى بحياته من أجل الدفاع عن الحق والعدل. يجب أن نستلهم من هذه القصة العبر والدروس، وأن نواصل النضال من أجل حرية الصحافة وحرية التعبير في كل مكان.
الفيديو دعوة للتأمل والتفكير. دعوة لإعادة النظر في مفهومنا للصحافة والصحفيين. دعوة لتقدير تضحياتهم واحترام جهودهم. دعوة لنصرة الحق والعدل، والدفاع عن حرية التعبير في كل مكان. دعوة لأن نكون جميعاً جنوداً للكلمة، مدافعين عن الحقيقة، ساعين إلى بناء مجتمع أفضل وأكثر عدلاً وإنصافاً.
رحم الله مصطفى ثريا وجميع شهداء الكلمة. ولتبقى ذكراهم خالدة في قلوبنا وعقولنا. ولتبقى كلمتهم حية تنير لنا الطريق نحو مستقبل أفضل.
في الختام، مقطع الفيديو هذا ليس مجرد خبر عابر أو تسجيل لحدث مؤلم. بل هو صرخة مدوية، تستنهض الهمم وتوقظ الضمائر. هو تذكير دائم بأن حرية الكلمة لها ثمن، وأن هذا الثمن قد يكون غالياً. ولكن، مهما كان الثمن، يجب أن نكون مستعدين لدفعه، من أجل الحفاظ على هذا الحق المقدس، ومن أجل بناء مستقبل أفضل لأجيالنا القادمة.
مقالات مرتبطة
Youtube
مدة القراءة
Youtube
مدة القراءة